دمت..حقلُ تجارب وإباحة لمن هبَ ودب!

الضالع/ محفوظ_الشامي
كاد العالم الثالث أن يكتمل وما زالت اليمن تئن في جحرِ الوجع الكثيف، حتى باقي دول عالمنا الشرقي، يمكننا القول أن معظمها قد استطاعت إجادة طرق نجاة للخروج من ديمومة الفشل والتخبط..
في الوقتِ الذي نحتاجُ فيه لنكون أكثر جديًة ومسؤولية تجاه مجتمعنا المنسي من خارطةِ التقدم والنمو، تنهالُ علينا أدوات الجر إلى التخلفِ والرداءةِ والضياع!
مدينة دمت التابعة لمحافظة الضالع، عُرِفَ عن هذه المدينة الكثير من المآثر التي زادتها ألقًا وجمالًا، إلا أنها باتت وبدون رقيب أو حسيب، حقل تجارب وموطن استثمار تعليمي ومعرفي بلا هوادة!
فقد ظهرت في الآوانة الأخيرة موجة من دورات التنمية البشرية والتي تنظمها قطاعات وهمية ليس لها تفويض كاف، سوى أنها تدعي حصولها على شهادات عليا وفخرية من مواقع إلكترونية لا أساس لها من المنطق العلمي والعقل!
يقوم هؤلاء المدعون بمهارة التدريب، باستغلال وجمع أعدادًا كبيرة من طلاب وطالبات المدينة، واقحامهم في الالتحاق بمحاضرات التدريب، ثم يُفرض على المتدرب أو المتدربة دفع مبالغ مالية تصل إلى ألفين أو ثلاثة آلاف ريال يمني، علمًا أن زمن دورة التدريب يكون غالبًا ثلاثة أيام، ويكون متوسط الحضور بالنسبة للمتدربين ما بين خمسين إلى ستين طالبًا وطالبة كل دورة..
والأمرُ من ذلك والأشنع، هو الاختلال وعدم المقدرة على التدريب وإيصال المعرفة إلى المتدرب كما يليق، بل أن المتأمل لو حضر إحدى قيام هذه الدورات، لشاهد أحد المدربين مرتعدًا تخور أعضاء جسده سائحة في رجفةٍ طويلة، ناهيك عن شعوره بالنقص والعجز اللذان سيظهران وقت ذاك!
وهكذا هو حال من يرافقوه بالمهام التدريبية المراهقة..
بدون ضمير يتم استغلال حاجة الشباب والشابات إلى المعرفة ورغبتهم الكبيرة لتعويض العجز المعلوماتي والتي قد خلفته السنوات الفائتة في وطننا المليء بالفساد والتخلف!
ومن هذه الثغرة يُستغلون بدافعِ عدم وجود بديل أنسب، خاصة في المدن والقرى النائية والبعيدة عن مراكز المحافظات، كمدينة دمت.
رسالة مهمة، إلى المتعرضين لهكذا وباء، يجب أن تكونوا أكثر انتقائيةً وحذرًا في تلقيكم لموجة الاستثمار التعليمي، والذي كاد أن يطغى على المشهد، بالاضافة إلى أن معظم دروس التنمية البشرية تعد كذبة وشماعة يتذرعُ بها العاطلون عن التفكير، ثم يتخذونها سلعةً يقتاتون على إثر وهمها!
ويا لها من سخريةٍ بالغةٍ حين تكون عنوان المحاضرة ” كيف تصبح قياديًا في خمسةِ أيام” أو “كيف تكون مليونيرًا في شهر”!
إن أدوات الحرب الفتاكة، والتي تمزق اليوم الحرث والنسل، لهي أرحم بكثيرٍ من هذه المشاريع الهدامة والضارة..
إلى متى سنظل نراوغ أنفسنا في عدم نظرتنا إلى مسألة التعليم بجدية!؟
يجيب واقعنا ويقول:.ها هوذا حالكم، تأملوه أكثر، مالكم كيف تحكمون!