الضالع/ الوحدة نيوز/محفوظ_الشامي:
لا تكادُ تتعافى من إستمرارية الحرب الجائرة، حتى تتكالبُ عليها الاستثمارات المراهقة ومنقوصة الجودة..
هذه المدينة كغيرها من مدن البلاد في زمن الحرب، يموتُ الضمير بشكلٍ مُفجع وتختفي المسؤولية بطريقةٍ جبانةٍ تُثيرُ الخوف من قادمِ الأيام التي قد تكون أسوأ بكثير!
كانت قد شهدت المدينة إقامة مشاريع استثمارية حديثة، منها حدائق ومتنزهات وكليات دراسية، وكالعادة تستمرُ الركاكة ومعها التنصل المباشر من ضمان جودة وسلامة تلك المشاريع المذكورة سلفاً، فالحديقة التي تم افتتاحها في الأشهرِ القليلةِ المنقضية لم تكن كما الحدائق المتعارف عليها في قانون البشر التنزيهي، كانت فقط بيضة تمخض بها جمل كما يقولون!
فروع الجامعات الخاصة أيضاً في المدينة هي مأساة مستقبل وهشاسة واقع بالنسبة للطلاب الملتحقين بها، لكن ذلك لا يؤخذُ عليها كمسؤوليةٍ إلزامية، فهي بحقيقةِ الأمر عبارة عن مكاتب تنسيق ونظام تعليمي عن بُعد، أما أصول تلك الجامعات، فهي جامعات ريادية متميزة يعرفها الجميع!
ما يُهمني الحديث حوله هو الأثر السلبي الذي أنتجته الحرب، الحربُ لا يموتُ بها الناس في البارود فحسب، ثمة موتٌ بشعٌ لا يرحم، يستأصلُ كل الآمال الحياتية، يعبثُ بناموس البقاء ويمزقُ الأوردة المتبقية من الدخان، ذلك الموت يتمثلُ في رداءة التعليم!..
في مدينةِ دمت وفي زمنِ الحربِ تحديداً:نشأت ما يُسمى بكلية العامرية الحديثة للعلوم الطبية والتقنية، وبجوارها أيضاً مستشفى العامرية، وبنفس المبنى تحديداً، لم يكن يتبقى إلا أن يوجد قسم شرطة ومول تجاري حتى تكتملُ الخطة الاستثمارية الوبائية المُعدية!
يا للعجب:من خلالِ نظرتكَ الشكلية الأولى للكلية ستؤمنُ جيداً أن هذا المشروع استثماري مُستفز وغير ملائم البتة، وما يجعلكَ تتيقنُ أكثر بصحةِ إيمانكَ هو التقرب من مضمون الكلية، فهناك تسعة أقسام في ذلك الطابقيين اللئيمين وهي:صيدلة – مساعد طبيب – فني أسنان – مختبرات – لغة إنجليزية – حاسوب – توليد – محاسبة – علوم إدارية.
إلا أنني عندما زرتُ الكلية أكد لي موظف الاستقبال أن الأقسام التي تُدرس حالياً هي خمسة فقط، ثم علل أن بقية الأقسام تم توقيفها بسببِ عدم الإقبال عليها، لا بسببِ ضيق المبنى وشحة كلاً من المنهج ومعامل الأقسام الطبية، هذا بالإضافةِ إلى تردي الجانب الأكاديمي وفتور المنهج الذي لا يتوافق مطلقاً مع سوق العمل!
وعندما تعلمُ عن كميةِ الرسوم التي تتقاضاها الكلية من الطالب، ستثورُ غضبتكَ الناقمة على ما يسمى بالتسيبِ وعدم الرقابة المفروضة من قِبلِ وزارة التعليم العالي..
ففي قسم الصيدلة مثلاً يدفعُ الطالب مائة وستون ألف ريال(160000)يمني سنوياً، علماً بأن الكلية تمنح شهادة الدبلوم فقط، وبالمقابلِ يتمُ إعطاء المدرسين رواتب زهيدة للغاية!
في هذه البلاد المعطوبة والممتلئة بالفساد، ما الذي يمكنُ أن نأمله بعد!؟
أخيراً: لابد من صحوةٍ مجتمعيةٍ حية، كذلك ضميرٌ إنسانيٌ ثائر، لابد أن نُوقفُ هذه العبثية اللامنطقية، كما أننا مسؤولون عن جودة وسلامة تعليم أبنائنا وإلا سنظلُ محشورين في مؤخرة العالم!
أيها المراهقون:ستنتهي الحرب، ثم ستأتي الدولة ومعها الرقابة، حينها سنرى أي أرض ستقلكم وأي سماء ستظلكم!
“دمت” تأن تحت وطأة غياب الضمير ورداءة التعليم!
التصنيفات: أخبار وتقارير,تحقيقات