من منا لم يجد نفسه من حين لآخر يتصفح الإنترنت فيضيع ساعة أو أكثر من وقت عمله الرسمي أو الشخصي؟ فمن المسؤول عن ذلك؟ إنهم “قراصنة الانتباه” الذين يسطون على “وقت الدماغ المتاح”.
تقول الكاتبة لورين دو فوشيه في نقاشها لهذا الموضوع إن تشتت ذهنها حتى خلال كتابتها لهذا المقال زاد من صعوبة مهمتها.
فهنا ومضة تنبه لدردشة على فيسبوك، وهناك تنبيه في الجوال على رسالة نصية لا بد من قراءتها فورا، وهذا فيديو جديد على تويتر ينبغي مشاهدته دون تأخير، وما الذي يحدث على الإنستغرام في الوقت الحالي؟
وتسأل فوشيه في مقالها بصحيفة لوموند القارئ “وماذا عنك أنت أيها القارئ حتى وأنت تقرأ الفقرة الأولى من هذا المقال ألا ترى أن تركيزك بدأ يتشتت مبكرا؟ على كل حال لا تكترث، تابع قراءتك بهذا المستوى من التركيز “فكلنا ضحايا قراصنة الانتباه”.
”
الشبكات الاجتماعية تجمع الأموال من خلال التلاعب بأدمغة الأطفال.
”
وتركز الكاتبة على المراهقين، فتورد قصصا لعدد منهم أصبح مدمنا بشكل لا يتصور على هذه الشبكات الاجتماعية، مما جعلها تسلبهم القدرة على تركيز انتباههم على محادثة أو درس أو كتاب؟ فكأنما خدرتهم الشاشات فغدوا يتحققون كل ربع ساعة من الإخطارات الجديدة.
وتنقل فوشيه عن الموظف السابق بغوغل تريستيان هاريس قوله “هؤلاء المراهقون يستخدمون سناب شات لساعات مثلما كنا نستخدم الهاتف، ولكن في ذلك الوقت لم يكن هناك مائتا مهندس وراء الشاشة يعرفون كل المعرفة نفسية المراهقين ويفعلون كل شيء لجعلهم يدمنون هذا التطبيق”.
ويشبه هاريس سناب شات بشكة الكهرباء التي “تعمل كل ما في وسعها لجعلكم تتركون أكبر عدد من المصابيح مضاءة”، وكذلك شركات الشبكات الاجتماعية فهي تجمع الأموال من خلال التلاعب بأدمغة الأطفال.
وما النتيجة؟
النتيجة هي انهيار مستوى الانتباه، إذ تقول الكاتبة إنها فقدت خلال 17 عاما أربع ثوان من زمن التركيز لديها، ففي العام 2000 كان لديها 12 ثانية من الانتباه المستمر والتركيز على مهمة ما، والآن لم يعد لديها هي ولا أي من زملائها الذين اختبرتهم مايكروسفت سوى 8 ثوان من هذا المستوى من الانتباه والتركيز، وهو ما يقل حتى عن مستوى التركيز لدى السمك الأحمر الذي يصل إلى 9 ثواني.
ولا بد، والحالة هذه، من تحرك للدول للحد من هذا السيل من الإخطارات، بما في ذلك إدراج مسالة التلوث الناتج عن التشغيل المستمر للجوالات في المسائل الضارة بالبيئة، وإنشاء تطبيقات تجعل المتصفح يحد من استخدامه للهاتف النقال.
وكانت شركة آبل قد رفضت العام الماضي وضع أي تطبيق على متجرها “يشجع المستخدمين على تقليص استخدام جوالاتهم”، قبل أن تقبل بذلك تحت ضغط وسائل الإعلام الأميركية.
وأخيرا توصي الكاتبة مستخدمي الشبكات الاجتماعية والخدمات التي بها إخطارات باختيار عدد قليل ضروري منها لتفادي القلق الناتج عن وجود عشرات الإخطارات عند الاستيقاظ من النوم “كما لو كان العالم قد انهار خلال نومك”.
المصدر : لوموند