محمد ناصر السعيدي
خمسٌ و خمسونَ لا خبزاً و لا عسلا
و حادي العيسِ يا أيلولُ ما وصلا
مازالَ في لجّةِ الرمضاءِ مرتحلاً
يطوي المسافاتِ _ وهماً _ يقطعُ السُّبُلا
حيناً يغنّي و أحياناً يهيمُ أسى
و صوتُهُ شاحبٌ إن ناحَ أو زَجلا
رفاقُهُ انكسروا يوماً و فارقَهم
عندَ البداياتِ لم يلقَ لهم بدلا
يمضي على دربِهم .. يلقي قصائدَهم
على القوافلِ يتلو حبَّهم جُمَلا
في كفّهِ عَلَمٌ خفقاتُهُ مطرٌ
على القلوبِ و مجدٌ يعتلي زحلا
وفي حناياهُ شوقٌ للحياةِ
و في خيالِهِ ألفُ ليلى تكسرُ الخجلا
مادَت بهِ الرّيحُ عمراً فانحنى تعباً
يعاهدُ الرّملَ ألّا يتركَ الإبِلا
و كلما تعتريهِ الحربُ ينهضُ من
قيلولةِ السَفَرِ المنسيّ مشتعلا
يُهدي لذاكرةِ الأجيالِ أغنيةً
يقولُ مطلعُها : من ( حبَّ ) ما بخلا
* * *
خمسٌ و خمسونَ يا أيلولُ ذاهبةٌ
و لم تزل أنتَ فينا تبعثُ الأملا
تستنهضُ الشعبَ من تحت الرّمادِ ضحى
و الحبُّ يشرقُ في عينيكَ مكتملا
و توقدُ الفجرَ قنديلاً و تشعلُهُ
في ليلِ مَن أنكرَ الأضواءَ أو جهلا
مازلتَ مصباحَنا السحريَّ
ننهلُ من سناكَ أحلامَنا
إن نجمُنا أفلا و ما يزالُ لنا
في ضفّتيكَ صدى
يصغي لهُ الكونُ
يهمي صمتُهُ قُبَلا
* * *
ذكراكَ أنفسُ ما نلناهُ من زمنٍ
بينَ النفائسِ ما ساقَ المدى مثلا
أهدافُكَ السّتةُ الغرّاءُ نحفظُها
عن ظهرِ قلبٍ و نرويها لمن سألا