عبد الله القاضي
إن الاجراءات الاخيرة التي اتخذتها السلطات السعودية بحق المغتربين والقاضية بتطبيق رسوم اضافية على المرافقين والتابعين للعمالة الوافدة فرضت على المغتربين اليمنيين خيارات صعبة وجعلتهم الاكثر تضررا قياسا بغيرهم كونهم الحلقة الاضعف بين نظرائهم بالنظر الى ان معظم اليمنيين يعملون في مهن متواضعة برواتب زهيدة تذهب معظمها لسداد الرسوم المفروضة والايتاوات والغرامات المتعددة والتي تصاعدت في الآونة الأخيرة بصورة تجاوزت حدود المعقول الأمر الذي يثقل كاهل المغترب اليمني ويزيد معاناته لاسيما في ظل الظروف الصعبة والاستثنائية التي يعيشها الشعب اليمني تحت تأثير الحرب وتداعياتها الخطيرة والتي دخلت عامها الثالث.
رسوم مجحفة
وقد بدأت السلطات السعودية في الاول من يوليو 2017 بتطبيق الرسوم على المرافقين والتابعين للعمالة الوافدة، بواقع مائة ريال سعودي بواقع (9400 ريال يمني) كرسم شهري على كل مرافق أو تابع، ليصبح المبلغ سنوياً 1200 ريال (112 ألف ريال يمني).
وتشمل الرسوم التابعين وهم: الزوجة والبنات والابناء الذكور حتى سن 18 سنة والمرافقين وهم الابناء الذكور فوق سن 18 سنة والزوجة الثانية والثالثة والرابعة والاب والام واب الزوجة وام الزوجة واالعمالة المنزلية والسائقين وكل من على الكفالة بشكل مباشر..
وبحسب تصريحات المسؤولين السعوديين، فإنه يتعين على كل عامل وافد ومرافق في المملكة دفع مائة ريال سعودي شهرياً بدءاً من يوليو وحتى نهاية العام الجاري.
وفي العام المقبل، ستتضاعف الرسوم إلى 400 ريال شهرياً عن كل عامل وافد ومرافق، لترتفع في 2019 إلى 600 ريال شهرياً، و800 ريال شهرياً في العام 2020، حيث تعوّل الحكومة السعودية على تحصيل 65 مليار ريال سعودي من هذه الرسوم.
ونتيجة لهذه الرسوم المجحفة، فقد رأى مراقبون انه لن يتمكن نحو 90% من العمال اليمنيين في السعودية من سداد هذه الرسوم، لأنها تتجاوز أصلا ما يتقاضونه من أجوربسيطة.
وقدر خبراء اقتصاد يمنيون أن الإجراءات السعودية الأخيرة التي بدأ تطبيقها حاليا، ستدفع نحو مائتي ألف من العمالة اليمنية في المملكة للعودة إلى بلدهم رغم ظروف الحرب.
ومن المعروف ان أغلب العمالة اليمنية في السعودية هي عمالة غير مؤهلة، وتتركز في أنشطة بسيطة أكثرها في تجارة التجزئة والمطاعم وأعمال البناء،ومحلات بيع الملابس واجهزة الهاتف، ويتقاضون رواتب متواضعة للغاية مقارنة بالعمالة الوافدة من بقية الدول الاخرى.
أكبر الضحايا
واعتبر اقتصاديون أن القرارات الأخيرة بفرض رسوم على الوافدين وقبلها تطبيق نظام السعودة، تجعل من العمالة اليمنية أكبر الضحايا مشيرين الى ان جميع المغتربين أصبحوا بين مطرقة الضرائب والرسوم التصاعدية ومطرقة الكفيل، والأخير نظام لم يعد يتفق مع متغيرات العصر، حيث يتعين على المغترب أن يوظف أقرباء الكفيل وفي الوقت نفسه يدفع له عشرات الآلاف سنويا مقابل الكفالة، وذلك يعود الى ان المحل الذي يمتلكه العامل مسجل باسم الكفيل وليس باسمه.
وقد أكدت السلطات السعودية، أن الرسوم الجديدة ستطبق على الأفراد من جميع الجنسيات بما فيهم الوافدون من بلدان الحروب، نافية اي استثناء للعمالة اليمنية أو السورية من دفع الرسوم.
وقالت المديرية السعودية للجوازات، في تغريدات لها على تويتر، إن المقيمين السوريين واليمنيين مشمولون بقرار المقابل المالي للمرافقين والتابعين، وشددت على أنه لا استثناء لأي جنسية من تطبيق الرسوم.
فيما قال مغتربون يمنيون: إن هذه المبالغ ستكون بالإضافة إلى دفع قيمة وتجديد الإقامة كل سنة، فضلا عن رسوم السفارة وإيجار السكن ورسوم الكهرباء والمياه والاتصالات والانترنت وغرامات ساهر ورسوم الدراسة ورسوم تأمين طبي من 700 الى 1200 ريال ورسوم مكتب 200 ريال ورسوم تعقيب 300 ريال ورسوم تجديد الاقامة 750 ريالاً بالاضافة الى مبلغ مالي يدفع للكفيل سنويا يتراوح بين 2000 الى 5000 آلاف ريال ..كل هذا يجعل من المستحيل استمرار التحويلات المالية للأسر اليمنية التي تعتمد بصورة رئيسية على هذه التحويلات.
أهم مورد اقتصادي
وقد بلغت تحويلات المغتربين اليمنيين في السعودية نحو 3.4 مليار دولار في 2016 بحسب تقرير الامم المتحدة للتنمية ويعتقد ان التحولات تصل إلى ما بين 5 مليارات و7 مليارات دولار سنويا نظرا لان الحوالات لا تتم كلها عبر البنوك والمصارف الرسمية.. وتوجه التحويلات لتغطية نفقات الزواج وسداد ديون سابقة تراكمت على المغترب او العامل أو اسرته بما في ذلك تسديد تكاليف السفر للعمل في الخارج.. وتؤكد الدراسات أن تحويلات المغتربين تمثل مصدرا مهما لدخل الفقراء وغير الفقراء في الريف والحضر على حد سواء ويحصل اكثر من ربع الفقراء على تحويلات من الخارج ويتوزعون على 22% من المناطق الحضرية و29% من المناطق الريفية .
فيما تعد تحويلات المغتربيين اهم مورد اقتصادي لاعالة الاسر اليمنية وزيادة دخل البلد من العملات الصعبة ولاسيما في ظل الحرب المجنونة التي تعصف بالبلد لاكثر من عامين، حيث توقفت ايرادات النفط وتراجعت الرسوم الجمركية والضرائب فضلا عن انهيار الاقتصاد وتراجع مصادر الدخل وتسريح آلاف الموظفين والعمال نتيجة اغلاق الشركات والمنشآت الاقتصادية والانتاجية وعدم قدرة الدولة على دفع مرتبات الموظفين لمدة تسعة أشهر..