أكدت دراسة علمية حديثة على أن لوسائل الإعلام، وخصوصاً القنوات الفضائية التلفزيونية الجديدة دورا هاما في تعزيز قيم الحداثة السياسية في اليمن على المدى الآني من خلال تكريس قيم وممارسات التحول الديمقراطي من جهة، وتكريس وتعزيز قيم الحوار الوطني وقضاياه، وعلى المدى البعيد من خلال تكريس ثقافة الحداثة السياسية ومنظومتها القيمية وآلياتها في حل القضايا السياسية والاجتماعية القائمة باتجاه بناء سلام اجتماعي وبناء منظومة الحداثة السياسية بتجاوز الحداثة الناقصة في التجارب السابقة.
وأشارت الدراسة” الإعلام والحداثة السياسية في اليمن، تحليل خطابات النخب السياسية في الفضائيات اليمنية (قضايا الحوار الوطني الشامل أنموذجا)” والتي نال بموجبها الباحث عبد الحفيظ عبد الباري النهاري درجة الدكتوراه في علوم الإعلام والاتصال، من معهد الصحافة وعلوم الإخبار بالجامعة التونسية، بتقدير مشرف جدا (الامتياز) -أشارت- الى أن هناك مستويين من الخطاب السياسي في علاقته بالحداثة السياسية الأول: خطاب يرتبط بالصراع السياسي التقليدي ـ التقليدي، والثاني: خطاب يتعلق بالصراع السياسي بين قوى التقليد والحداثة، وأن الإعلام قد لعب دورا هاما في كليهما، في إعادة إنتاج القيم التقليدية وإحياء الصراع بشأنها من جهة، وفي تعزيز قيم الحداثة السياسية في مقابل التقليد السياسي من جهة أخرى، وقد ارتبطت تلك الأدوار بملكية وسائل الإعلام (الفضائيات التلفزيونية الجديدة) ـ سواء للحكومة أو للأحزاب والجماعات الأهلية ـ وبالمرجعيات الإيديولوجية، وبالمصالح السياسية القائمة، وبالصراع السياسي المتأثر بعوامل داخلية وعوامل خارجية، فيما تأكد دور الفضائيات التلفزيونية الجديدة في تعزيز قيم ومسارات الحوار الوطني الشامل في مضامينها واتجاهاتها العامة.
سعى الباحث النهاري في دراسته إلى الإجابة عن السؤال المركزي للبحث عن: ما هو دور الإعلام في الحداثة السياسية في اليمن ؟ ، والانطلاق من الافتراض بوجود دور هام للإعلام في الحداثة السياسية في اليمن، كما اعتمد الباحث في مقاربة دور الإعلام في الحداثة السياسية على نظريات ونماذج التنمية والتحديث، في فهم دور وسائل الإعلام وأهميتها في التحديث وعبور المجتمعات التقليدية ومن ذلك التحديث السياسي.
تتكون الدراسة من ثلاثة أجزاء وعشرة فصول، تناول الجزء الأول منها: الإعلام والحداثة السياسية مقاربات نظرية وعلائقية، والجزء الثاني: الإعلام والحداثة السياسية في اليمن من الوحدة إلى الربيع، والجزء الثالث: الإعلام والحوار الوطني الشامل (تحليل خطابات النخب السياسية في الفضائيات اليمنية حول قضايا الحوار الوطني)، وتضمن الجزء الأول من البحث مقاربة مفاهيم الحداثة والحداثة السياسية وعلاقة الإعلام بالحداثة السياسية و من ذلك الإعلام والتنمية السياسية، والإعلام والتحوّلات الديمقراطية. والمقاربة التاريخية للحداثة في اليمن في مرحلة الاستعمار، والمرحلة الوطنية بعد الاستقلال والثورة، ودور الإعلام فيهما.
وقدم الباحث في الجزء الثاني من البحث عرضاً تاريخياً لدور الإعلام في مرحلة التحوّل الديمقراطي في اليمن في عهد الوحدة ومواكبة وتعزيز الإعلام لذلك التحول منذ العام 1990 وحتى إرهاصات احتجاجات 11 فبراير 2011 التي تنتمي إلى احتجاجات الربيع العربي، وتتبع فيها الباحث دور الإعلام والإعلام الجديد والإعلام الفضائي في عملية التغيير وفي خطاب التحديث الذي تبنته وسائل الإعلام في احتجاجات اليمن التي استمرت من 11 فبراير 2011 ولم تتوقف إلا مع بدء مؤتمر الحوار الوطني في مارس 2013.
وقدم الباحث في الجزء الثالث من بحثه وهو الجزء التطبيقي تحليلا لدور الإعلام في إسناد مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي انعقد من مارس 2013 واستمر حتى يناير 2014، وخطاب النخب السياسية، ومن ذلك تحليل الخطاب الإعلامي والخطاب السياسي حول القضايا السياسية التي ناقشها مؤتمر الحوار الوطني.
واستخدم الباحث تقنيات تحليل الخطاب الإعلامي والسياسي، ومنها تقنية تحليل مسار البرهنة، ونموذج التحليل السيميولوجي، وفقا للمقاربة التداولية، حيث اشتغل الباحث على تحليل الخطاب السياسي للنخب السياسية المشاركة في البرامج الحوارية السياسية المخصصة لمواكبة ومناقشة قضايا الحوار الوطني الشامل، في القنوات الفضائية اليمنية الحكومية، والأهلية/ الحزبية بحسب عينة البحث المختارة.
واشتغل الباحث في هذا الجزء على تحليل اتجاهات خطابات النخب السياسية المختلفة نحو قضايا الحوار الوطني ومنها القضية الجنوبية وقضية صعدة بالتحديد، ودور الإعلام في تعزيز قيم الحوار والوفاق الوطني حولها باعتبارها المدخل الأول لتحقيق السلام الاجتماعي والانتقال إلى مرحلة التحوّل الحداثي السياسي المستقبلي المرتجى، و استخراج الاتجاهات والقيم الحداثية في الخطابات الإعلامية والسياسية للنخب المشاركة في الحوار الوطني والفهم التداولي لخطابات تلك النخب وأثر تلك الخطابات في الاستراتيجيات المستقبلية للوفاق الوطني وبناء الدولة اليمنية الحديثة.
وركزت استخلاصات البحث على طبيعة دور الإعلام في الحداثة السياسية في اليمن، وعلى الاتجاهات السياسية لخطابات النخب إزاء الحداثة السياسية، بما في ذلك التقنيات الإعلامية المستخدمة في البرامج السياسية المواكبة للحوار.
دراسة حديثة: الإعلام يضطلع بدور هام في تعزيز قيم الحداثة السياسية في اليمن
التصنيفات: أخبار وتقارير,الشارع السياسي,حريـــات