وأنا جالس أفكر في موضوع المركزية والأقاليم، خطرت ليّ أفكار قلت أشرك أصدقائي فيها لنفكر سوياً.
الفكرة الأولى تؤكد أن معاهد البحث والدراسات الجادة في عالم الغرب قد استخلصت من بحوثها الكثيرة في اليمن – وبفضل جهود حثيثة من المراكز التي كلفت الباحثين – أن اليمن أصبح الآن مستعص على قيام دولة مركزية، وأن تفكيكها أصبح قبضاً باليد.
ورأينا أنه بمجرد إعلان فكرة الأقاليم؛ بدأت القبائل والمناطق تعلن أقاليمها أو تستعد لذلك دون أي مرجعية دستورية أو قانونية.
الفكرة الثانية هي أن كل “مخرجات ” الحوار الوطني – وأنا انطقها كما ينطقها إخواننا الحضارم – لم تتضمن نصوصها الكثير من التفاصيل واكتفت بالعموميات. ولم يتصدرها التعريف الواضح للمصطلحات التي وردت فيها، كما هو معروف في كل نص يتعلق بمستقبل وطن.
الفكرة الثالثة أن الأقلمة رتبت نشوء شبكة علاقات قانونية وسياسية واسعة ومعقدة بين المستويات الثلاثة، ولم تكشف لنا من هي الجهة التي ستنسق هذه العلاقات وتشرف على تطبيقها وماهي القوة المركزية التي ستحول دون تجاوز ما يكون الدستور قد منحها من صلاحيات، خاصة وأن ” المخرجات ” قد منحت الإقليم صلاحية مطلقة في التصرف بثروته وهو ما يجعل الباب مشرعاً لاستدعاء القواعد العسكرية لحماية هذه الصلاحيات من التعرض لأي هجمات محلية مسلحة وفي أحسن الأحوال يدخل الأقاليم في سنوات من الاقتتال لا يستطيع المرء التكهن بمآلاته ونهايته!
هذا الاجتهاد ليس وليد الساعة ، وإنما عقبت به على تلك ” المخرجات ” حين صدورها.
والفكرة الأخيرة هي إشكالية الولاء.
فمجتمعنا حافل بتعدد الولاءات العرقية والمذهبية والقبلية والمناطقية والحزبية فهل ستهمش روائح النفط هذه الولاءات لصالحها؟
والأهم من ذلك هل ستقبل الأقاليم النفطية المواطن اليمني من الأقاليم غير النفطية؟ وكيف؟
أتوقع أن ينبري علماء الأقلمة لنفي كل ما تقدم.
وليس لدي ما أرد به عليهم سوى عبارة واحدة:
والأيام بيننا..