قلما ما نجد أو نسمع عن قاضي في بلادنا يتفرغ باخلاص لقضية مضى عليها عقود من الزمن وتشعبت احكامها الصادرة من اكثر من هيئة قضائية بهدف حسم نزاعها والفصل النهائي في موضوعها .
لكن هذا النموذج القضائي النادر وجدناه فعلاً في القاضي /فؤاد الحمادي –رئيس محكمة مديرية السياني الإبتدائية هذا الرجل الذي يقدم تميزاً خاصاً في القضاء ليس في محافظة إب وحدها ولكن ربما على مستوى القضاء اليمني عموماً .
ومافعله القاضي الحمادي باختصار إنه تمكن من الفصل النهائي والبات في قضية نزاع بيت الصفواني في قرية ذي يشرق ،القضية الاكثر شهرة في المديرية باكملها والتي قضى أطرافها قرابة نصف قرنٍ من الزمن وهم في اروقة المحاكم الابتدائية والاستئنافية وحتى المحكمة العليا ،وكلما صدر حكماً في القضية اعترض عليه أحد الورثة وتعرقلت إجراءات التنفيذ ،والمتمثلة بتقسيم الارض المتنازع عليها .
ولم يكن القضاء هو المعترك الوحيد في هذه القضية فقد حدث فيها تحكيم ومحاولات وساطة للحلول وخابت كل المساعي أمام عناد الطرفين واصرار كل منهم على مايريده ،حتى دب اليأس في نفوس اطراف النزاع وبقية سكان القرية كانوا بدأوا يفقدون ثقتهم بقدرات القضاء وقدرته على فصل الخصومات .
لكن القاضي الحمادي بجهوده المخلصة واستعداده الحقيقي لخدمةالقضاء ،أعاد للقضاء اليمني هيبته ورد له إعتباره في نفوس أبناء المديرية جميعاً ،فالرجل قرر الفصل في القضية ثم تفرغ لاقناع اطرافها باهمية الفصل القضائي وحسم النزاع من خلال إقناعهم بالتعاون بتنفيذ الاجراءات التي سيتخذها لقسمة الارض المتنازع عليها وحاز ببديهيته القضائية ونباهة حسه القضائي على رضا اطراف النزاع قبل اصدار الحكم ،ولان سمعة القاضي الحسنة قد سبقت الى نفوس المتنازعين ،لانهم يسمعون ان القاضي قد فصل في قضايا مماثلة طال عليها امد النزاع في المديرية ،ويدركون ان الرجل لايسعى لكسب مال ولايقبل التحيز لطرف ضد الاخر ،وإنما يريد إصلاحاً فابدوا استعدادهم الكامل للقبول بحكمه والرضى بالية فصله للنزاع قبل اصداره القول الفصل .
وعكف القاضي على دراسة ملف القضية بتمعن وحرص وتوصل الى حل قضائي حاز الرضى والقبول لطرفي النزاع الذين قضوا سبعة واربعين عاما في الشريعة والمنازعات رغم العلاقة الاخوية التي تربط بينهم.
وبهذا الجهد القضائي المتميز والحرص النادر ،اجتمع شمل أسرة بيت الصفواني من بعد الفرقة التي رافقت النزاع القضائي بين افراد اسرة واحدة واثرت في تباعد ابنائهم عن بعضهم وبهذا يكون القاضي الحمادي قد اعاد السلام والوئام لاسرة حرم ابناؤها من مشاعر الود والاحترام خمسة عقود من الزمن .
ولهذا فقد استبشر الناسَ خيراً في مديرية السياني عموما لهذا الفتح القضائي الذي صنعه القاضي الحمادي بارك الله في جهوده وكثر القضاة من أمثاله في اليمن ،فله منا ومن أبناء المديرية جميعاً،جزيل الشكر وخالص الامتنان..
رضوان الصفواني