أحمد المالكي
غادرتنا أيام الرحمة العشر الأولى من الشهر الكريم وها نحن نعيش في بداية الثلث الثاني من أيام الغفران الرمضانية التي يمن بها الله سبحانه وتعالى على المسلمين بصيام هذا الشهر المبارك من كل عام وعلى التوالي يصوم الشعب اليمني رمضانهم الثالث تحت العدوان والحصار الاقتصادي الشامل والغاشم الذي تشنه قوى تحالف الشر الأميركي الصهيوني السعودي على بلادنا، والذي تسبب في مضاعفة المعاناة الاقتصادية والمعيشية لأكثر من 52 مليون نسمة من اليمنيين لا سيما مع استمرار قوى العدوان في شن حرب اقتصادية شعواء ومنع وصول المواد والبضائع والسلع وكذلك المساعدات الغذائية والإنسانية إلى البلاد ومضاعفة وتفاقم الأوضاع المعيشية بسبب توقف وانقطاع المرتبات لقطاع واسع من موظفي الدولة عسكريين ومدنيين يعيلون حوالي 6 ملايين شخص عن طريق المعاشات، ناهيك عن اتخاذ إجراءات جمركية مضاعفة وتشديد الخناق على مرور السفن والبواخر المحملة بالامدادات الغذائية والسلعية ومنع وصولها إلى الموانئ اليمنية الأمر الذي انعكس سلباً على ارتفاع الأسعار ومضاعفة الأعباء على التجار وانعكاس ذلك على عامة المواطنين وبرغم وجود العرض المناسب والكافي في السوق المحلية من الاحتياجات الرمضانية إلا أن القوة الشرائية انخفضت بنسبة كبيرة لدى اليمنيين هذا العام خاصة مع توقف الوظائف وضرب المنشآت والمصانع والمصالح الاقتصادية وارتفاع الأسعار بشكل لا يطاق ومع كل ذلك الشعب يقاوم ويصمد باليسير مما يتوفر في ظل وجود بعض ضعفاء النفوس من تجار الجشع والربح الزائد مستغلين حاجة الناس في هذا الموسم الديني الاستهلاكي ومع أن البطاقة السلعية خففت نسبياً معاناة آلاف الموظفين في بعض الوزارات والمؤسسات التي تمكنت من الحصول على هذه الخدمة برغم سلبياتها إلا أن المعاناة والفاقة تطال قطاعاً واسعاً من شرائح المجتمع اليمني المعتدى عليه والمحاصر ظلماً وعدواناً وهناك العديد من المناشدات والمطالبات من قبل المواطن والمجتمع للمجلس السياسي الأعلى لحكومة الانقاذ الوطني بالعمل على تخفيف الضغط المعيشي عن الناس وايجاد الحلول والمعالجات الناجعة للتخفيف من معاناة الشعب اليمني فإلى التفاصيل:
كالعادة ما إن يدخل الشهر الكريم حتى يستعد الناس لاستقباله بالتوجه نحو الأسواق لشراء وتوفير الاحتياجات الرمضانية التي تتميز باضافات غذائية وسلعية معينة تعود اليمنيون على اضفائها في موائد الافطار طيلة شهر رمضان حيث تزداد كمية الطلب على المواد الغذائية بالذات الألبان واللحوم والسمن والحليب والأرز والحلويات والعصائر والنشويات وغيرها من المواد والسلع الغذائية وكذلك مادة الغاز المنزلي.
أسعار جنونية
ومن خلال استطلاعنا في الأسواق المحلية بأمانة العاصمة وجدنا ارتفاعات سعرية هائلة وفارقاً سعرياً غير معقول في الأسعار في الفترة ما قبل رمضان وخلاله وبنسبة تصل إلى ما بين 51- 02% وعلى سبيل المثال ارتفعت أسعار سمن الزبدة من 0051 – 0002 ريال والحليب وصلت الكيلو منه من 0021 إلى 0061 في رمضان ووصل سعر الكرتون الزبادي من 0002 – 0052 ريال ووصل سعر بعض الحلويات كالطحينية من 0071 – 0032 ريال للعلبة زنة كيلوين، ناهيك عن وجود فوارق سعرية كبيرة جداً في مختلف المواد والسلع المعروضة قبل رمضان وخلال رمضان شملت مختلف المواد والسلع الغذائية الرمضانية كذلك بالنسبة لأسعار اللحوم حيث تفاجأ الناس بارتفاع هائل لأسعار لحوم الدجاج ووجدت فوارق كبيرة جداً في أسعارها وموازينها وحتى بالنسبة للمعروض من الدجاج الهزيل والمصاب بالأمراض حيث وصلت فوارق الارتفاعات ما قبل رمضان وخلال رمضان من 005 و 008 ريال للدجاجة الواحدة إلى ما بين 0001 و 0051 و 0002 ريال للدجاجة الواحدة أسعار خيالية بالنسبة للمواطنين بينما وصلت أسعار اللحوم البقري من 0041 للكيلو إلى 0081 و 0002ريال للكيلو الواحد وكذلك الحال بالنسبة للحم الغنمي أما بالنسبة لأسعار التمور فهناك فوارق كبيرة جداً وبأسعار خيالية ولا تطاق وصلت إلى ما بين 11 – 21 ألف ريال للتنكة الكبيرة ناهيك عن بعض المعروض من التمور المنتهية الصلاحية وغير الصالحة للاستخدام . بينما ارتفع سعر الغاز المنزلي من 0003 ريال قبل رمضان إلى 0004 ريال و 0054ريال لأسطوانة الغاز خلال أيام رمضان..
هذه الارتفاعات السعرية بالتأكيد تزيد من معاناة الناس ومن مضاعفة الأعباء على أولياء أمور الأسر اليمنية الذين أغلبهم مرتباتهم متوقفة ومصالحهم متضررة بسبب العدوان والحصار بينما يمارس الكثير من التجار سياسة المزايدة السعرية واستغلال هذا الموسم بالضغط على المواطنين من خلال رفع الأسعار دون مرعاة الظروف التي يمر بها اليمنيون من الفقر وقلة الدخل ودون مراعاة للضمير والوازع الديني والوطني في الوقت الذي تقف فيه الجهات الرسمية والمعنية بضبط أسعار السوق وكبح جماح المغالين والمزايدين في موقف المتفرج دون اتخاذ أي إجراءات ضد هؤلاء التجار الذين يعملون مع العدوان على تجويع وتركيع اليمنيين من خلال رفع الأسعار والضغط على الشعب باستمرار ايقاف المرتبات وعدم تسليمها من قبل حكومة هادي ومرتزقة الريال السعودي والدولار الأميركي حيث يطرحون حالياً على طاولة المفاوضات اطروحة تسليم ميناء الحديدة لقوى العدوان مقابل تسليم الرواتب غافلين أن الشعب اليمني يستحيل أن يركع ومستعد للاستمرار بالصمود والثبات موقنين بأن الرزاق هو الله وان حاصروا وان جوّعوا، ولا بد من الراتب والمعاش وإن طال الحصار..
نفقات
وبحسب الدراسات الاقتصادية فإن اليمنيين ينفقون حوالي 40 إلى 60 مليار ريال خلال شهر رمضان المبارك وذلك لشراء وتوفير احتياجات ومتطلبات الموائد الرمضانية إذا ما كان متوسط انفاق الأسرة الواحدة يصل إلى ما بين 50 – 60 ألف ريال يمني لكل أسرة يمنية من ذوي الدخل المحدود وهم الغالبية من سكان اليمن بينما هناك الأسر الغنية التي يصل انفاقها ما بين 100 – 300 ألف ريال لبعض الأسر من الأغنياء بحسب تلك الدراسات.. في الوقت الذي تشير فيه تقارير الأمم المتحدة أن معدل الفقر ارتفع إلى 80% منذ العام 2015م وأن هناك أكثر من 13 مليون شخص مهددون بإنعدام الغذاء وأكثر من 21 مليون يمني يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية والغذائية العاجلة.
وبحسب خبراء الاقتصاد فإن القوة الشرائية لليمنيين انخفضت هذا العام إلى ما بين 50% و60% إذا ما تم القياس على نسخة الموارد وقلة الدخول وتوقف مرتبات ما يقارب مليون و200ألف موظف في القطاع العام الحكومي ناهيك عن توقف ملايين من فرص العمل في مئات المنشآت والمصانع والأسواق والمزارع الخاصة التي تعرضت للقصف المباشر أو غير المباشر من قبل قوى العدوان..
البطائق السلعية
وبلا شك فإن البطائق السلعية هي حديث الشارع هذه الأيام خاصة وأن العديد من موظفي الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية تمكنت من الحصول على هذه الخدمة وصرفها لموظفيها مع بدء الأيام الأولى من شهر رمضان وبرغم اسهامها نسبياً في التخفيف عن هموم آلاف الموظفين من أولياء الأمور وتوفير القدر اليسير من الاحتياجات إلا أن هناك الكثير من المآخذ على هذه البطائق السلعية وعلى رأس تلك المآخذ الفوارق السعرية الكبيرة جداً ما بين الأسعار التي يحصل عليها الموظف عن طريق البطاقة من المولات والسنترات التجارية المحددة لهم وما بين الأسعار الموجودة في السوق خارج هذه المولات بأمانة العاصمة حيث وجدنا فوارق تتراوح ما بين 500 و1000 و2000 ريال زيادة في المولات والسنترات لأسعار المواد الغذائية وكذلك الملابس عن السعر الموجود في السوق.
المسؤولون في وزارة الصناعة والتجارة والحكومة يؤكدون أن الاتفاق بين التجار والوزارة هو البيع للموظف بسعر الجملة بينما ما يحدث الآن هو العكس وهناك زيادة غير معقولة في أسعار الكثير من المواد والسلع الغذائية التي يشترونها عن طريق البطاقة السلعية.. فيما وزارة الصناعة والتجارة كذلك ممثلة بالإدارة العامة لاستقرار السوق تؤكد أن الوزارة تعمل حالياً على التفاوض مع هؤلاء المزودين وإيقاف مثل هذه الزيادات الملحوظة وسيقوم فريق من الوزارة بالنزول لدراسة الوضع واتخاذ الإجراءات المناسبة حيال هذه المخالفات في الوقت الذي يدعون فيه البيوت التجارية الكبيرة والمعروفة كبيت أنعم والحباري والكبوس وغيرهم من البيوت التجارية ذائعة الصيت التي ما تزال تقف متفرجة ولم تدخل وتفتح أبوابها لمساعدة هذه الشريحة الكبيرة من المجتمع والمتمثلة بالموظفين الذين توقفت رواتبهم منذ ما يقارب ثمانية إلى تسعة أشهر حيث يوجد الآن مزَّود واحد هو «القرماني» الذي تم التعاقد معه ويقوم بتزويد نقاط البيع للموظفين في المولات والسنترات التجارية.
عيد الفطر
وختاماً لا بد من الإشارة إلى أن هناك أعباء إضافية وفورية تتبع في الحال يتحملها أولياء أمور الأسر اليمنية تتمثل بتوفير متطلبات عيد الفطر المبارك الذي يحتاج فيه اليمنيون إلى قرابة 80 مليار ريال لتوفير متطلبات كسوة وعسب وجعالة العيد وهي أعباء مضاعفة.. ونرجو من الحكومة والإدارات المالية في الوزارات والمؤسسات ونرجو صرف البطائق أسوة بالوزارات والمؤسسات الأولى التي استكملت للشهر الثالث على التوالي.. شهر مبارك كل عام وأنتم بخير.. موقنون بالنصر المبين الذي نراه قريباً بلا شك يلوح في الأفق..