في سياق الآراء التي أوردها سياسيون وقانونيون تناول الكثيرون الوحدة اليمنية كإنجاز وكواقع وكتطورات دراماتيكية شهدتها الساحة الوطنية بفعل ما شاب الإنجاز من قصور وتداعيات شتى في سنوات خلت بعد تحقيقه وأشارت إلى مكامن الخلل الذي أفضت إليه الممارسات في هذه الجوانب كان لنا هذا اللقاء مع الأستاذ الدكتور أحمد عبدالملك حميد الدين الذي أشار إلى الوقائع التي شهدها الجنوب، وفي ما يلي حصيلة اللقاء:
علي محمد السريحي
< حول الأبعاد الظاهرة والخفية لما يحدث في جنوب الوطن سيما عدن وحضرموت من تفكيك وتشتيت للنسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية من قبل قوى العدوان على اليمن تحدث الدكتور أحمد عبدالملك حميدالدين استاذ القانون بجامعة صنعاء بالقول:
يتضح هذا جليا كهدف من أهداف العدوان وهو الهدف الأساسي بنظري باعتبار أن الحرب أوجدت أهدافاً وهمية وعملت على تضليل وضعنا العام من ناحية والرأي العام الدولي من ناحية أخرى.
وهذا الهدف إنما يتم تنفيذه طبقاً لأهداف المخرج الحقيقي وهو العدوان الأمريكي من خلال نظريته المعروفة الفوضى الخلاقة والتي بدأوها في سوريا وغيرها إلى أن وصلوا إلى اليمن وبدأوا بالحرب وكان في نظرهم أنها ستخلق أو ستحقق الأهداف لكن حينما لم يستطيعوا الوصول إلى هذا الهدف في اليمن بشكل عام اقتصروا على الأراضي التي احتلوها في الجنوب. والدليل على ذلك أنهم بدلا من أن يعمروا هذه المناطق ويوجدوا فيها الاستقرار والنظام بحسب ما يدعون في اطار اسم الشرعية والعمل بالدستور وبالقانون وإذا بهم يتناسونه و يتنافسون في ارضاء الطرف الاساسي المتمثل بأميركا التي تحقق اكثر الأهداف. وما يحدث بطبيعة الحال أهداف أخرى يحققها العربان لمصالحهم الأخرى خاصة التي جعلها لهم العدوان الأمريكي كهامش تقديرا لتحقيق مصالحهم إلى جوار الأهداف الأساسية.
وبحسب الدكتور حميد الدين فإن هذا جعلهم يتنافسون وتحدث صراعات في ما بينهم نفذتها أدواتهم المحلية من خلال الحراك مع الإمارات والإصلاح وغيرهم وهادي ومجموعته مع السعوديين هذا الصراع البيني في ما بينهم، بطبيعة الحال اعتبره زوبعة في فنجان بمعنى انهم لن يصلوا إلى ما يريدون لأن الأمر والنهي في نهاية الأمر للأداة السعودية ومن ورائها أمريكا ولهذا نجد أنهم في عدم استقرار أوضاعهم واحيانا يتحرك الحراك ونقول أنه سيحسم الأمر لصالحه وإذا به تظهر ملامح السيطرة عليه من جديد وفي اليوم الثاني العكس وهكذا.
وارجع استاذ القانون عدم استقرار الجنوب مثالاً لأنهم أنفسهم ينفذون خطة وأوامر فإذا وصل إلى مستوى في الميدان وقد تحقق له أشياء توقفه أوامر فوقية لهذا نستغرب أنه بمجرد ما سمعنا بإعلان ما يسمى المجلس الانتقالي لإدارة الجنوب واصبح الميدان في عدن معه يطلب للسعودية ثم يسجن هناك يوماً أو يومين أو ثلاثة ثم يقابل السفير وهذا نوع من الإهانة.
هذا ما أراه من الناحية الواقعية والتحليلية، لكن من الناحية القانونية أو التصور المستقبلي أرى أنهم سيظلون هكذا في صراع غير عادي ربما يتحول إلى صراع مسلح لأنه حتى وهم متفقون على الانفصال في ما بينهم وخصوصا القادة بغض النظر عن العامة إلا أن النتيجة مغيبة تماما فقد يصل الأمر إلى أن ينفصلوا ليس عن اليمن فقط وإنما هم يريدون أن ينفصلوا عن بعضهم البعض نجد اقليماً في حضرموت ويتكلم عن حضرموت فقط ومن يرى بياناتهم التي ظهرت نتاج مؤتمراتهم التي عملت في حضرموت لوجدت أنهم يتكلمون عن الجمهورية الحضرمية فلم يعد هناك جنوب ولا شرعية وهكذا سيتم في شبوة وهم الآن فقط يظهروا مجتمعين أمام عدو واحد وهو الشمال الوحدوي لكن حينما يكون عندهم نوع من الاستقلال سيصلون في نهاية الأمر إلى استقلالات لهذا أرى من الناحية القانونية لنا ولهم أن يتم اجتماع العقلاء لنحول من دولة الوحدة إلى نظام اتحادي يحقق الأهداف التي يراها كل مكون أو كل مكون إقليمي على الأقل، وذلك خلال التعديل الدستوري ووضع الجمهورية اليمنية الاتحادية بدلاً من النظام الواحد ويترك لكل محافظة وبالذات المحافظات الجنوبية عبر آلية استقصاء الرأي الشعبي أو استفتاء او استبيان ونتيجة هذا تتحول المحافظة إلى اقليم مستقل او واحد حسب نتيجة الاستفتاء وعلى ضوئها تتحدد وتتحقق الأقاليم في النظام الاتحادي من خلال دستور قانوني يضعه قانونيون أكاديميون لمعالجة مثل هذه الأوضاع.
ويتحدث استاذ القانون الدكتور حميد الدين عن تفاصيل الموقف الدولي من الدعوات المتكررة للانفصال ومحاولات قوى سياسية وعسكرية تكريس مبدأ الانقسام والانعزال بين محافظات الوطن الواحد..قائلا :
لا شك أن الخارطة السياسية في العالم العربي بالذات تخضع لمخطط جديد على ضوء ما أنهته الحرب العالمية بمخطط سايس بيكو الذي قسم العالم العربي إلى ما نحن عليه اليوم وربما هناك اليوم تصور لمخطط جديد بناء على المعطيات الموجودة اليوم من حيث مدى قوتهم ومدى ضعف العالم العربي إضافة إلى نتائج الفوضى الخلاقة التي قد وصلوا إليها فربما أن هناك مخططاً لتقسيمات المقسم يعني سوريا ستقسم إلى اقاليم وليبيا كما هو الحال إلى ثلاثة أقاليم والعراق إلى أكراد وجنوب وسنة وشمال وهكذا وتسري هذه القاعدة على اليمن ربما أن المجتمع الدولي أو المستكبر الدولي من الغرب وإلى حد ما بعض الدول الساكتة على الاقل نقول انهم وراء تقسيم اليمن الى اقاليم او جمهوريات لكن هناك بعض المصالح البينية في ما بين الغرب وامريكا وبريطانية والتي لها مصالح في الجنوب، لهذا نقول كل هؤلاء لهم مصالح قد تتعارض في ما بينهم حول التقسيم وهذا هو العامل الاساسي للتقسيم اما لو كان العامل هو العامل المحلي فقط فقد وصلوا إلى أن قسموا الجنوب عن الشمال من خلال الإمارات والسعودية.
كما أن للامارات مصالح في الجنوب وتريد ان تستولي على نصيب الأسد في إطار نظرتها للنظام السعودي الهش الذي ليس له رؤية ولا يعلم ما يريد من اليمن فقط يرسل طائراته فقط يحاصر فقط يضرب لكن ليست له ابعاد استراتيجية مستقبلية في اليمن بينما الإمارات لها مخطط استراتيجي كبير مثل الاستيلاء على جزيرة سقطرى وميناء عدن والذي تم تجميده لمصلحة الحركة البحرية لديها ولها أيضا مصالح من خلال حضرموت وقربها إلى الخليج كممرات لهم والسبب ربما لخشيتهم من هيمنة إيران على مضيق هرمز وبالتالي يريدون ان يجعلوا لهم خطاً بحرياً إلى المحيط عبر البحر العربي من خلال حضرموت وفتح قناة لهم.
طبعا هذه القراءات التحليلية حول الواقع، لكن المستقبل سيكون على شيء اخر حقيقة فالصمود الملاحظ من اليمنيين غير عادي ويكسر القواعد والتوقعات هذا الصمود لا نستطيع إلا أن نقول ربما هم يريدون شيئاً والله يريد غير ذلك..