متابعة ورصد: ادارة التحقيقات
المتتبع لزيارة الرئيس الامريكي للسعودية والتي يطبل لها الاعلام ويصفهابالاستراتيجية يدرك مغزى الهجوم اللفظي المتكرر الذي وجهه ترامب إلى المملكة العربية السعودية في خطاباته، والذي وصل في الآونة الأخيرة الى المجاهرة بابتزازها حينما قال : إن واشنطن تخسر كمًا هائلًا من المال للدفاع عن المملكة. وأضاف “بصراحة، السعودية لم تعاملنا بعدالة، لأننا نخسر كمًا هائلًا من المال للدفاع عنها”.
هذه الخطابات هي ما دفعت محمد بن سلمان الى الهرولة نحو امريكا لاستجداء ترامب والرضوخ لكل طلباته عبر اتفاقيات وعقود اسلحة بمئات المليارات والترتيب له لزيارة السعودية للتخفيف من حالة السخط التي أبداها ترامب تجاه السعودية وتجميل وجهها القبيح والذي فسره كثيرون على أنه معاد.
لقد رأت السعودية كأكبر دولة مصدرة للارهاب وداعمه له ايضاان مصلحتها تقتضي مراضاة الحليف الامريكي المنزعج من الارهاب رغم مشاركته لها في خلق الارهاب .. خلال تجمع لحملته الرئاسية في ولاية ويسكونسن في عام 2016، قال ترامب للحشد: إنهم لا يدفعون لنا سعرًا عادلا” أي السعودية.
وصفت السعودية زيارة ترامب التي شملت قمة ثنائية بين الملك والرئيس الأمريكي، بأنها “تاريخية” فيما هلل قادة الخليج للاجتماع أو المؤتمر فيما رأه الكثير من المحللين السياسيين إنه مؤتمر الذل و الهوان مع الرجل الذي ذم الاسلام وحظر دخول المسلمين أمريكا الذين وصفهم بالمتطرفين بحجة مكافحة الإرهاب”.
السفير المصري ابراهيم يسري مساعد وزير الخارجية الاسبق علق على هذه الزيارة بقوله: القصة مهينة فالزيارة أعلن عنها رسميًا إنها للسعودية ثم دعت السعودية دول الخليج وإلى هنا يمكن قبول الأمر إما أن تتوسع الدعوة إلى مصر.. ثم تدعى دول أخرى خانعة وأن يسمى المؤتمر الإسلامي الأمريكي فهذه مزحة مخجلة للحكام الذين يتكاكأون لمقابلة هذا الرئيس الذي يعادي الاسلام دون أن يفهمه فهذه مأساة”.
وأردف: “وإن اتفق الحكام العرب و المسلمون على اتخاذ الإرهاب ساترًا لخضوعهم الذليل فليعرفوا مفهومهم للإرهاب الذي لم تعرفه قرارات الأمم المتحدة و مجلس الأمن في 18 قراراً وفِي مؤتمر قمة خاص بالإرهاب بينما يقتل النظامان السوري و العراقي وحتى مصر العشرات أو المئات في إرهاب حقيقي تمارسه هذه الحكومات الذليلة”.
قمة الانحطاط أن يصدق القادة العرب أن السعودية تحارب الارهاب وهي من ساعدت في تشويه الاسلام ولصقت تهمة الارهاب به ويتجاهلون ان داعش لها أب هو السعودية وصناعتها الآيديولوجية ، مانريده اليوم هو إعادة النظر بالعلاقات التي يقيمها الغرب مع السعودية وقطر متناسين أن هذه المملكة تقوم على تحالف آخر مع رجال دين أنتجوا الفكر الارهابي والتكفيري المتشدد ونشروا الوهابية ويحرضون عليها.
في تعليقه على زيارة ترامب للسعودية يرى الخبير السياسي حسين الوادعي ان المصلحة تفوقت على المشاعر الدينية الملتهبة، أو بعبارة أخرى تدخلت العلمانية قليلا لتخفيف حدة الصراع وتحويله من صراع ديني الى خلاف مصالح.
لكن الخطر – والكلام للوادعي – يبدأ عندما تتغلب المصلحة على الالتزامات الأخلاقية.
ما يثير السخرية كما يقول الوادعي ان مكافحة الإرهاب اهم اجندة في القمم الثلاث، لكنها تتم تحت قيادة أكبر دولة مصدرة للفكر الارهابي، ولا زالت تنفق بالمليارات لتصدير نسختها الأكثر تشددا من الإسلام..فهل ستنتصر السعودية لمصلحتها ومصلحة العالم وتحارب النسخة المذهبية المتطرفة التي كانت عامل تأسيسها، لكنها قد تتحول إلى عامل انهيارها؟!.
اليوت ابرامز، الخبير بشؤون العلاقات الدولية والذي أشرف على سياسات الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط بعهد الرئيس، جورج بوش، علق على زيارة ترامب قائلا: “إذا لم يتطرق ترامب في حديثه (بالسعودية) لموضوع التطرف الإسلامي، فإن مؤيديه في أمريكا سيقولون إنه غض على لسانه، وعلى الصعيد الآخر إذا تطرق للموضوع بصورة كبيرة فإن ما يقوله سيعتبر إهانة للعديد من الحاضرين هناك.”
اما كريس سيبل، الرئيس الأسبق لمعهد التعاملات الدولي، والخبير في الشؤون الدينية والعلاقات الخارجية، فرأى ان وضع زيارة ترامب إلى تلك المنطقة بإطار ديني، فكرة ذكية من قبل البيت الأبيض لجذب انتباه الشارع الأمريكي.”واضاف قائلا: “على الصعيد الخارجي، إن تمكن ترامب من الظهور بمظهر القائد الساعي لجمع كلمة الجميع من حوله، فذلك سيكون في صالحه، أما إذا ما تم تصوير هذه الرحلة بعكس ذلك فإن الأمر كله سينفجر في وجوهنا.
إذا ما عملنا جولة وعدنا للعديد من التفجيرات الارهابية التي حدثت في عدة دول اوروبية او عربية نجد ان السعودية كمتهم او داعم لايخلوا من اي حدث فبعد التفجيرات الارهابية التي طالت باريس في تشرين الثاني الماضي أصبحت تحليلات وتعليقات الصحافة الفرنسية تبرز وتزداد بعد كل اعتداء ارهابي حول تمويل هذا الارهاب ومن يقف وراءه فبعد التفجيرات الأخيرة التي وقعت في السعودية كتب آلان شويه وهو ضابط استخبارات فرنسي سابق يقول :
لقد أصبحت السعودية اليوم معزولة دبلوماسياً وما تزال مهددة من داعش إضافة الى التوترات السياسية القوية في الداخل السعودي كما هو الحال بالنسبة لإيراداتها واحتياطها النفطي الذي أصبح زهيداً قياساً بالماضي فآل سعود لم يعد لديهم الوسائل لتنفيذ طموحاتهم .?
وكانت مجلة نوفل أوبسرفاتور قد كتبت تحت عنوان «كل طرق الجهاد تؤدي الى الرياض»: هل نستطيع القول ان السعودية هي نموذج داعش وهل داعش هي حقاً الابن القبيح المرعب الذي ولد من تناقضات وهجونة إيديولوجيا التطرف السعودي.
إن هذه المملكة هي المشكلة في الارهاب
وزارة الخارجية الأمريكية قدرت أنه على مدى العقود الأربعة الماضية انفقت السعودية أكثر من 10 بلايين دولار على المؤسسات الخيرية في محاولة لاستبدال التيار السُني بآخر متعصب يلتزم بالوهابية.
ويقدر مسؤولو استخبارات الاتحاد الأوروبي أن 15 – 20 في المائة من هؤلاء انضموا إلى تنظيم القاعدة وباقي الجماعات الإرهابية الأخرى هم وهابيون.
ما يمكن تأكيده أن الدين أم المصلحة؟ هما الخياران المطروحان أمام السعودية للتعامل مع ترامب.
ففي حين كان الشارع الأمريكي والرأي العام العالمي يغلي ضد قرار حظر دخول المسلمين بحجة انهم إرهابيون وخطر على امريكا، كانت السعودية(كحاضنة للارهاب وداعمة له) تؤيد القرار بلا تحفظ.
وقفت العلمانيات الغربية ضد قرارات ترامب التمييزية تجاه المسلمين، بينما أيدتها السعودية والإمارات والكويت.
رغم شعارات ترامب الشعبوية الساخنة إلا انه استبعد الدول الإسلامية الغنية والدول الإسلامية الكبرى من الحظر (دول الخليـــج وباكستان قدمت أكبر عدد من الإرهابيين داخل أمريكا).
وهذا ما يفسر لنا بوضوح سر انبطاح السعودية لصلف الابتزاز الامريكي والذي تأتي زيارة الرئيس الامريكي ترامب لها كيافطة تحاول من خلالها الحفاظ على ماء وجهها أو هكذا يحاول الاعلام استثمار الزيارة بينما اسرائيل هي المستفيد الأول والمستوعب الاساسي للجائزة التي سيقدمها ترامب بمباركة الاذناب العرب ومملكة الارهاب وهي اعلان القدس عاصمة ابدية لاسرائيل وتدشين هذا المشروع بتوجيه ترامب بنقل السفار الامريكية في تل ابيب للقدس فأي حماقة يرتكبها اكبر من هذا..