محمد احمد الصباحي
Alsabahe2004@hotmail.com
” المثقفون حطب الساسة ” جملة مثبتة في تطبيق تواصل اجتماعي تخص الكاتب استوقفتني فكانت مدخلا لحوار مقتضب بمناسبة صدور كتابه الجديد والمثير للعديد من النقاط الذي يحمل عنوا ن ” الجماعات الدينية وتكفير المثقف ”
حيث يرى أن المثقف قد احترق بنار السلطة وذاب في أتون صراعاتها
خاصة بعد ما يسمى -حد وصفه – الربيع العربي حيث يقول ” الواقع يقول أن المثقف متى ما اقترب من السُلطة السياسية احترق بنارها وذاب في أتون صراعاتها اللامنتهية ..وهذه الجملة ” المثقفون حطب الساسة ” كتبتُها عن قناعةٍ تامة أفرزها ما يسمّى بـا الربيع العربي ، إذ وجدنا وشاهدنا المثقف – في أغلبه- يتبع السياسي ، فيما المفترض أن يكون السياسي والمجتمع هم التابعون للمثقف وفق دوره التنويري المنوط به .
وأكد غيلان وجود قصور كبير لدى المثقف أبرزت عددا من اصناف المثقفين ومنهم المثقف الاستعلائي ، والمثقف الحالم القابع في قصره العاجي ، والمثقف المسكون بنرجسية هموم شخصه لا مجتمعه .. وهذه الأصناف – حد قوله – لا يُعوّل عليها بناء مجتمع أو تقرير مصير حياة..
العديد من النقاط نستعرض أهمها في هذا الحوار الذي خصه الكاتب لصحيفة ” الوحدة “..
< في كتابك الجديد ” الجماعات الدينية وتكفير المثقفين ” أبرزت اشكالية بين الجماعات الدينية والمثقف .. ما أهم تلك الاشكاليات ؟ وما نتائجها في المدى القريب والبعيد على النسيج الاجتماعي ؟
<< الدين الإسلامي جعل الحرية أساساً مرجعياً في تشريعاته وأصوله التشريعية المنبثقة من فطرة الإنسان غير القابلة للاستعباد البشريّ والتبعيّة الماحقة لوجوده واستقرائه الفطريّ للحياة ، كان وما تزال تلك الاشكاليات العقيمة بين المثقف والجماعات الدينية التي لا تتعايش إلا مع خنوع الأتباع بعد إيصالهم لمرحلة إلغاء العقل ليتم تسييرهم كقطيع غنم وفق إرادة الجماعة ،وهذا ما يرفضه المثقف .. ونتاج ذلك هو الاصطدام المعنوي أو المادي أو كلاهما ، وبالتالي يكمن تأثير ذلك على النسيج الاجتماعي من خلال فقدان الثقة المجتمعية ، والترابط الأفقي ، مما يؤدي إلى انهيار عموديّ نظراً لاتساع الفجوة المجتمعية ، وحينها تقوم المواجهات المباشرة بدورها التفكيكي لما تبقّى من عُرى كانت وثيقة بين فئات المجتمع القبليّ خصوصاً كاليمن .
< سقف الحرية لدى المثقف بين تحفظات الماضي وقيود الحاضر .. كيف ترونها ؟
<< لأصل في الإنسان الحرية .. هكذا يقول بعض الفقهاء باعتبار أن الرق والعبودية ليستا من أصل حقيقة استخلاف الله للإنسان على وجه الأرض..
ومن أصول حرية الإنسان حريّة الرأي والتداول السلمي للفكر والتعاطي مع الرؤى المختلفة من خلال الإيمان المطلق بحرّية التفكير والتحاور السليم الذي تنبثق من نوافذه المخرجات العظيمة لبقاء صيرورة الإنسانية وفق معيار الأخذ والرد برأي الآخر لا الحجر على فكرته وطريقة فهمه للحياة ومدى ترجمة معاني الأفق الواسع للتعايش مع الآخر والإنتصار للفكرة الأزلية لمعنى وجوده .. وهذا ما أراه وأؤمن به .
< ذكرتَ في كتابك وجود قصور واضح بالعمل الثقافي لدى تلك الجماعات .. أين يكمن هذا القصور ؟ وهل كان للمثقف وجِهات التثقيف باعتبارها مشعلاً للتنوير- دوراً في هذا القصور ؟
<< كما ذكرتُ لك في الإجابة السابقة أن الجماعات الدينية تعمل على إلغاء العقل لدى أتباعها مما يعطّل حركة التفكـــــير والإجتـــهاد ، وهــذا أهم قصور يتـنافى مع أبجـــدية المثـــــقف وطريقـــته المُـــــثلى في الحــــياة .
وهــذا لا ينفي وجود قصور كبير لدى المثقف ، خصوصاً المثقف الاستعلائي ، والمثقف الحالم القابع في قصره العاجي ، والمثقف المسكون بنرجسية هموم شخصه لا مجتمعه .. وهذه الأصناف لا يُعوّل عليها بناء مجتمع أو تقرير مصير حياة ..
أما جهات التثقيف فللأسف تتبع في معظمها للسياسي .. والسياسي يدير المجتمع دينياً وثقافياً ، ويمكنك حينها استنباط نتيجة ما يؤول إليه ذلك .
< بشكلٍ مختصر حدث القارئ عن محتويات كتابك ..؟
<< اصـداري الثالـــث الذي أهديتــه لروح الشــهيد جار الله عمر هو الكتاب الصـــادر حديثاً عن مؤســسة أروقة بالقاهرة تحـت عنوان ” الجماعات الدينية وتكفير المثقفين .. صحيفة الثقافية اليمنية أنموذجاً ” يتحدث ويلخص ويوثق القضية الشهيرة بمحاكمة صحيفة الثقافية برئيسها ومحرريها وكُتّابها ، تلك المحاكمة البائسة التي سبقها حملات تكفيرية شعواء قادها رجال دين يتبعون جماعة الإخوان المسلمين « حزب الإصلاح » والجماعة السلفية التكفيرية الوهابية ، وجماعة تنظيم القاعدة ، وكل تلك الجماعات تصبّ في إطارٍ واحد هو (إن لم تكن معي فأنت ضدي) مما أدى إلى مواجهات شرسة تفاصيلها في ثنايا الكتاب وهي تفاصيل جديرة بالقراءة والتمعن في مآلاتها وتوثيقها للمستقبل ليفقه الجيل القادم حقيقة ما حدث في أوائل القــرن الواحد والعشرين وأدّى إلى نتائج وخــيمة كان أبرزهــا اغتيال القـامة الوطنية الكبيرة الشهيد جار الله عمر.