نجيب علي العصار – أحمد المالكي
أثار انتشار وباء الكوليرا حالة هلع في أوساط المواطنين ،في صنعاء ، وعدد من المحافظات ،وباتوا يتخوفون من مخاطر هذا القاتل الصامت، ففي صنعاء عاد وباء الكوليرا ،متزامنا مع كارثة بيئية وصحية محتملة قد تشهدها العاصمة اليمنية صنعاء جراء تراكم وتكدس القمامة والمخلفات منذ أيام في الأحياء والشوارع جراء توقف عمال النظافة عن العمل بسبب عدم صرف رواتبهم.
كشفت عمليات رئاسة الوزراء بصنعاء عن آخر مستجدات انتشار مرض الكوليرا وعدد الحالات التي استقبلتها مستشفيات العاصمة.
وحصلت “الوحدة” على وثيقة صادرة عن رئاسة الوزراء بتاريخ 4 مايو الجاري، وتظهر أن عدد الحالات التي وصلت لمستشفيات العاصمة بلغ 218 حالة مصابة بالكوليرا و 3 وفيات، كما تظهر الوثيقة أن 60 حالة تماثلت للشفاء وغادرت المستشفيات.
وبحسب الوثيقة استقبل مستشفى الجمهوري بصنعاء أكبر عدد من الحالات بلغ 65 حالة وتوفيت منها حالتان فيما تماثل 27 مصاباً للشفاء وغادروا المستشفى لتبقى 36 حالة تتلقى العلاج إلى الآن.
وجاء مستشفى السبعين بالمركز الثاني لاستقباله 61 حالة وحالة وفاة واحدة فيما تماثلت 20 حالة للشفاء وغادرت المستشفى الذي يضم حالياً 40 حالة تتلقى العلاج.
وتوزعت بقية الحالات على باقي المستشفيات الحكومية والخاصة بالعاصمة صنعاء.
110 حالات في ذمار
إلى ذلك ،قال الدكتور محمد الجماح، مدير مكتب الصحة والسكان في محافظة ذمار، في حديثه لـ”الوحدة” أن عدد الحالات التي سجلت حتى الآن 110 والمشتبه باصابتها بوباء الكوليرا في المحافظة، منها خمس حالات فارقت الحياة .
مشيرا الى أن الحالات الايجابية في الفحص السريع 69 حالة ،أما المختبر فثلاث حالات فقط، لافتا إلى أنه تم فتح ثلاثة مراكز في المحافظة لاستقبال حالات الاصابة بالاسهالات المائية والحادة ومنها حالات الاشتباه باصابتها بوباء الكوليرا، في مستشفى ذمار العام، ومركز في جنوب مدينة ذمار، ومركز آخر في مدينة معبر.
وثمن الجماح دور وزارة الصحة والسكان ومنظمتي الصحة العالمية واليونيسف، في دعمها بالمحاليل والمضادات الحيوية لمواجهة طوارئ الكوليرا، داعيا تلك المنظمات إلى بذل المزيد من الدعم لمواجهة أخطار هذا الداء القاتل.
وفاة 25 شخصاً في أسبوع
وفي ذات السياق ، أرجعت الأمم المتحدة سبب تفشي وباء الكوليرا في اليمن إلى الحرب التي يشنها التحالف السعودي على اليمن منذ عامين ،وتسببها في تدمير البنية التحتية والكهرباء التي أدت لتوقف ضخ المياه النظيفة بانتظام.
وكشفت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أن انتشار وباء الكوليرا في اليمن أدى لوفاة 25 شخصاً خلال هذا الأسبوع.
ونقلت وكالة رويترز عن نيفيو زاجاريا ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن قوله: هذا أمر مقلق للغاية. نحن نشهد عودة نشاط وباء الكوليرا.
وأضاف زاجاريا قائلاً: السبب هو الحرب الدائرة منذ عامين في اليمن. هناك أثر كبير على البنية الأساسية، والتيار الكهربائي كثيرا ما ينقطع، ومحطات ضخ المياه لا تعمل بانتظام ولها أثر على جودة المياه.
وأشار زاجاريا إلى أن تفشيا سابقا انحسر في الشتاء الماضي وشهدت البلاد إجمالا 27 ألف حالة اصابة منها 130 حالة وفاة خلال الصراع والوفيات الناتجة عن هذا المرض، الذي يسبب الاسهال وينتج عن تناول مياه أو أطعمة ملوثة بفضلات بشرية ضمن 1360 حالة اصابة رصدتها المنظمة التابعة للأمم المتحدة منذ 27 أبريل. وبعض الحالات تكون خطيرة بحيث تؤدي إلى الوفاة خلال بضع ساعات لو لم تعالج بحقن المحاليل في الوريد والمضادات الحيوية.
امدادات علاجية
من جانبها أعلنت منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة، مطلع هذا الأسبوع، أنها قدمت امدادات علاجية بعد ظهور حالات اصابة بمرض الكوليرا في صنعاء والذي أثار قلقاً كبيراً في أوساط سكان العاصمة.
وقالت منظمة اليونيسف في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “الفيس بوك” أنها قدمت أكثر من 7 أطنان من الامدادات العلاجية تكفي 2000 حالة متوسطة وحادة استجابة لظهور حالات اصابة بالكوليرا في صنعاء.
، وأشارت “يونيسف “ إلى أن كميات علاجية إضافية في الأيام القادمة،ستصل مع تزايد حالات الاشتباه بالكوليرا والاسهالات المائية الحادة في مدينة صنعاء، وأن هناك مخزوناً علاجياً من المحاليل والمضادات الحيوية لمواجهة طوارىء الكوليرا في المحافظات المعرضة للوباء بما فيها الحديدة وحجة ولحج وعدن وغيرها.
فيما بين جولين هارنيس ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” في اليمن “تفشي هذا الوباء يضيف إلى بؤس ملايين الأطفال في اليمن”.
وأضاف في بيان رسمي “يواجه الأطفال، بشكل خاص، خطرا كبيرا ما لم يتم بشكل عاجل احتواء الوباء الحالي.”
ونبه إلى أن النظام الصحي في البلاد، أفقر دول الشرق الأوسط، ينهار مع استمرار الصراع.
علاج 570 حالة
من ناحيتها،أعلنت منظمة “أطباء بلا حدود” ومسؤولون في وزارة الصحة في صنعاء، الأحد الفائت ، الاشتباه في اصابة مئات الأشخاص بالكوليرا في اليمن.
وقال ممثل المنظمة في اليمن غسان أبو شعر في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، الأحد: “قدمنا العلاج لأكثر من 570 حالة على الأقل في الأسابيع الثلاثة الماضية يشتبه باصابتهم بالكوليرا” في مناطق عدة، مشيراً إلى ارتفاع كبير في حالات الاصابة خلال الأسبوع الماضي.
1681 حالة اشتباه
في السياق ترأس رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور، الاحد 7 مايو، وزارة الصحة العامة والسكان الاجتماع الموسع الذي كرس لمناقشة سبل تنسيق الجهود الوطنية في مكافحة وباء الكوليرا في ظل مؤشرات الوضع الراهن في اتجاه مواجهته ومحاصرته والسيطرة عليه على مستوى أمانة العاصمة والمحافظات.
وأوضح وزير الصحة العامة والسكان الدكتور محمد بن حفيظ في تقريره مجمل الإجراءات المتخذة من قبل الوزارة في معالجة الحالات المشتبه إصابتها بالكوليرا التي وصلت إلى المستشفيات، إلى جانب فتح مراكز متخصصة والتوجه لإقامة مخيمات إيوائية لعزل تلك الحالات عن بقية المرضى في المستشفيات لتلافي أي اصابات جديدة، فضلا عن التواصل مع منظمتي الصحة العالمية واليونيسف للمشاركة في مواجهة هذا الوباء.
وبين أن إجمالي الحالات المشتبه باصابتها بهذا المرض وصل عددها حتى امس السبت إلى 1681 حالة، توزعت ما بين أمانة العاصمة ومحافظات: صنعاء، اب، حجة، ذمار، عمران، الضالع، تعز، ريمة، البيضاء، الجوف، المحويت والحديدة.
مؤكداً أن مواجهة الموجة الثانية لهذه الوباء، تستدعي التعاون والتنسيق بين كافة الوزارات والجهات المعنية وذات العلاقة على المستويين المركزي والمحلي، لرفع مستوى الجاهزية وخاصة الطوارئ وأخذ الاحتياطات اللازمة لمنع انتشار المرض.. لافتا في الوقت نفسه إلى الأهمية الكبيرة لعملية التوعية والتثقيف الصحي في خلق الوعي المجتمعي حول هذا المرض وكيفية الوقاية منه والتي تمثل النظافة احد أدواتها الرئيسة.
وأكد رئيس الوزراء أثناء الاجتماع التزام حكومة الإنقاذ بالقيام بواجباتها تجاه المجتمع ومكافحة هذا المرض في حدود ما هو متاح منا امكانيات. وقال: “لن نتهرب من مسؤوليتنا تجاه شعبنا، مع العلم ان المسؤولية الرئيسة يتحملها العدوان الذي قام بمحاصرة الشعب اليمني وإغلاق كافة المنابع الإيرادية والمنافذ البرية والبحرية والجوية “، مشيدا بالجهود المبذولة من قبل وزارتي الصحة والمياه والبيئة في مواجهة الموجة الثانية من هذا الوباء رغم الإمكانات المحدودة المتاحة في الظرف الحالي.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن الاستمرار في توفير العلاج للحالات المشتبه باصابتها بالمرض وإقامة مخيمات الإيواء لعزل تلك الحالات، بخلاف مواصلة كلورة وتعقيم خزانات المياه والآبار والمنازل، من الأولويات الهامة للحد من المرض ومنع انتشاره.
واشار إلى الدور الحيوي للمنظمات الدولية وفي المقدمة الصحة العالمية واليونيسف في إسناد الجهود الوطنية في مواجهة واحتواء هذا الوباء.
وبحسب “سبأ نت “، وجه الدكتور بن حبتور، وزارة الصحة العامة والسكان إلى اجراء المزيد من القراءة والتحليل الطبي المخبري والإحصائي عن الكوليرا وأسباب انتشاره على هذا النحو غير المسبوق .
تعقيم 1300 بيت و870 منشأة
فيما تواصل وزارة المياه والبيئة وهيئة الموارد المائية ومكاتب الصحة بأمانة العاصمة عبر فرق عمل الطوارئ حملتها الاحترازية في النزول لمحطات الكوثر وآبار المياه.
وأوضح وزير المياه والبيئة المهندس نبيل عبدالله الوزير أن هذه الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها الوزارة للتأكد من مدى صحة المياه في بعض المحطات وآبار المياه.
وأشار إلى أنه تم تعقيم ألف و300 بيت و870 منشأة في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء .. لافتا إلى أن فرق العمل ستتوسع في عملها إلى محافظتي حجة وإب.
وأكد وزير المياه والبيئة على ضرورة تعاون المواطنين من خلال المساهمة في النظافة وكذا غلي المياه قبل شربها للحفاظ على الصحة العامة.
إجراءات وقائية لاحتواء الوباء
فيما أشار رئيس هيئة الموارد المائية المهندس هادي قريعة، في حديثه لـ”الوحدة” أن أربع فرق عمل طارئة شكلتها الهيئة ،وفقا لتوجيهات وزير المياه والبيئة، قامت اليوم بحملات تفتيش محطات بيع المياه للاستهلاك العام، في الأمانة ومحافظة صنعاء، وستقوم هذه الفرق بإجراءات عاجلة ووقائية لاحتواء تفشي وباء الكوليرا، كما تتضمن أيضاً فحص مياه الشرب، إضافة إلى التفتيش عن محطات بيع المياه للاستهلاك العام، والتأكد من صلاحيتها وجودتها.. ولفت قريعه ،إلى استمرار الحملة الاحترازية والزام جميع محطات وآبار المياه الخاصة بالشرب بالشروط الصحية.
تخصيص مستشفيات بصنعاء
إلى ذلك ،أعلنت وزارة الصحة العامة والسكان ،عن تخصيص مجمع آزال الطبي في نقم ومجمع 22 مايو في مذبح ومركز بن حيان والمستشفى الجمهوري التعليمي ومستشفى السبعين لاستقبال حالات الإصابة بالاسهالات المائية والحادة ومنها حالات الاشتباه باصابتها بوباء الكوليرا.
وحذرت وزارة الصحة العامة والسكان في وقت سابق من ظهور وباء الكوليرا في عدد من محافظات الجمهورية مع دخول فصل الصيف وموسم الأمطار.
وفي احصائية صادرة عن وزارة الصحة العامة والسكان، عن تسجيل 15 حالة مؤكدة الاصابة بالمرض في صنعاء والمحويت وعمران وحجة، منذ بداية شهر مايو 2017 وتؤكد بيانات الوزارة تسجيل 26 ألف حالة اشتباه و207 حالات اصابة مؤكدة بوباء الكوليرا و16 حالة وفاة في المحافظات اليمنية خلال الموجة الأولى من اجتياح الوباء لليمن بداية أكتوبر 2016، فيما حذّر بيان صادر عن الإدارة العامة للترصد الوبائي في وزارة الصحة العامة والسكان في مايو2017 من تزايد انتشار وباء الكوليرا في عدد من محافظات الجمهورية.
التقصير في مكافحة المرض
بدأت الكوليرا بالظهور في صنعاء بداية شهر أكتوبر2016، مع اكتشاف أول حالة إصابة تلتها عشرات الحالات المصابة والمشتبه بها، مع نهاية الشهر ذاته، بحسب خبير الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية الدكتور عمر صالح، لكن غياب المكافحة الحقيقية من قبل وزارة الصحة العامة والسكان أدى إلى انتشار الوباء بشكل كبير مرة ثانية، وفقاً لتأكيد الدكتور حميد المعمري، نائب المدير العام لإدارة الخدمات الطبية في وزارة الصحة.
أسباب الانتشار والوقاية
يعد انهيار البنية التحتية في اليمن، وخاصة في القطاع الصحي جراء عدوان التحالف العربي بقيادة السعودية، والنزوح وتعذر الحصول على مصادر مياه نظيفة ووسائل معيشية صحية من أهم أسباب انتشار الكوليرا في اليمن، وفق مصادر طبية .
ويذكر أن انتشار هذا الوباء يتزامن مع تكدس المخلفات في شوارع العاصمة صنعاء منذ مايو الجاري، بسبب اضراب عمال النظافة احتجاجاً على عدم صرف رواتبهم .
عدوى الكوليرا
والكوليرا عدوى حادة تسبب الاسهال وتنجم عن تناول الأطعمة أو شرب المياه الملوّثة بضمات بكتيريا الكوليرا، وهي ما زالت تشكل تهديداً عالمياً للصحة العمومية ومؤشراً على انعدام المساواة وانعدام التنمية الاجتماعية. وتشير تقديرات الباحثين إلى وقوع عدد يتراوح تقريباً بين 1.3 و4.0 مليون حالة اصابة بالكوليرا سنوياً وإلى تسبب الكوليرا في وفيات يتراوح عددها بين 000 21 و000 143 وفاة بأنحاء العالم أجمع
الأعراض
الكوليرا مرض شديد الفقوعة إلى أقصى حد، ويمكن أن يتسبب في الاصابة باسهال مائي حاد، وهو يستغرق فترة تتراوح بين 12 ساعة و5 أيام لكي تظهر أعراضه على الشخص عقب تناوله أطعمة ملوثة أو شربه مياه ملوثة وتؤثر الكوليرا على كل من الأطفال والبالغين وبمقدورها أن تودي بحياتهم في غضون ساعات إن لم تُعالج.
ولا تظهر أعراض الاصابة بعدوى ضمات بكتيريا الكوليرا على معظم المصابين بها، رغم وجود البكتيريا في برازهم لمدة تتراوح بين يوم واحد و10 أيام عقب الاصابة بعدواها، وبهذا تُطلق عائدة إلى البيئة ويمكن أن تصيب بعدواها أشخاصاً آخرين.
ومعظم الذين يُصابون بعدوى المرض يبدون أعراضاً تتراوح بين الخفيفة أو المعتدلة، بينما تُصاب الغالبية باسهال مائي حاد مصحوب بجفاف شديد، ويمكن أن يتسبب ذلك في الوفاة إذا تُرك من دون علاج..