مرت علينا الذكرى الثانية للعدوان السعودي الصهيوني على اليمن متواكبة مع حراك ومستجدات سياسية وحقوقية وإعلامية تضامنية شملت العديد من عواصم العالم الأوروبية خاصة عواصم الدول التي تشارك بصورة مباشرة وغير مباشرة في قتل الشعب اليمني وحصاره وإبادة أطفاله ونسائه بالأسلحة المحرمة دوليا .
هذا الحراك التضامني الإنساني الذي شهدته لندن وباريس والسويد،وغيرها من عواصم العالم وبعض دول العدوان كان الأولى به أن تكون منابعه من العواصم العربية الشقيقة وعبر الشعوب العربية العارفة بمظلومية الشعب اليمني ، وكان من المفترض أن يكون حراك الشعوب الكافرة جاء اقتداء بالموجة التضامنية الهادرة التي شهدتها عواصم الأشقاء العرب ،التي تربطنا بهم الجغرافيا واللغة والدين والعرض والإنسانية والقيم واواشج الدم والقربى .
لا يوجد مبرر مقبول لصمت الشعوب العربية،على ما يحدث لشعبنا حرب إبادة لم يسبق لها مثيل في التاريخ المعاصر،ومازال والى اليوم يتعرض لأبشع الجرائم والتي تعد جرائم حرب في منظور القانون الدولي الإنساني ،ومن المؤسف أن النخب العربية ، لاسيما تلك الشرائح التي نطلق عليهم صفوة المجتمع ،وفي مقدمتهم رجال الدين والإعلام والسياسة والحقوق والحريات ،والذين لو اطلعوا بمسؤوليتهم تجاه إخوانهم من أبناء الشعب اليمني ، لكان الوضع مختلفا تماما، حتى ولو أن حكومات هذه الشعوب مشاركة في قتل الشعب اليمني ،لأن الشعوب هي صاحبة الإرادة وهي الباقية إما السلطات فمصيرها الزوال والاندثار.
وبعكس ما كنا ننتظره ونتوقعه من تضامن مع شعبنا وتنديد بما ترتكبه دول العدوان من جرائم وإبادة نفاجأ من هذه الصفوة العربية، بمن يتخاذل ويرتزق مع العدوان الغاشم،ويشكك بما يقوم به جيشنا ولجاننا الشعبية من دفاع مشروع عن وطننا وحرمات أرضنا وصد للغزاة والمحتلين، وما بيان علماء الأزهر إلا واحد من انحرافات هذه النخب، باستثناء تلك النخب في العاصمتين اللبنانية بيروت والعراقية بغداد،عدا ذلك فإن النخب العربية شابها الصمت والخنوع لما يجري في اليمن من قتل وإبادة ،بل وإستمرأت في خذلانها للشعب اليمني ، وهذا يبرهن أن سياسة التدجين المتبعة من الأنظمة الاستبدادية الجاثمة على صدور هذه الشعوب قد تغلغلت في أعماق هذه الشعوب ،ونجحت في قتل كل معاني الإباء والنخوة والإنسانية، وحتى القيم الدينية والفطرة السليمة ،حتى صارت هذه الشعوب تعاني من تجذر ثقافة الخنوع والذل والهوان وصار لا يرجى منها نصر حق ولا خذلان باطل .
إن الشعب اليمني و هو يمر في هذه الذكرى الثانية للعدوان لا يستجدي معاني التضامن من الشعوب العربية الخانعة في ظل غياب إنسانيتها بقدر شعورنا بالإشفاق عليها وعلى مستقبل أجيالها في ظل تكريس التبعية للسلطات العميلة التي استلمت زمام أمر هذه الشعوب وساستها بالجور والظلم والعدوان والعمالة لقوى الاستكبار و الصهيونية التي باتت اليوم عمالة واضحة وصريحة أكثر مما كانت عليه إبان قتل نخوة الشعوب العربية وسلبها إنسانيتها التي كانت عنوان فخرها يوما ما حتى صارت اليوم هذه الأمة في حكم الشخص المريض المخدر الذي لا يعي ما يحدث حوله مما يجعلنا في الشعب اليمني رغم معاناتنا والحصار المطبق علينا نشعر بخطورة ما تمر به أمتنا ونعلن لأجل ذلك التضامن مع هذه الشعوب من باب أنها الأولى بالتضامن معها كون سلب إرادتها وقتل نخوتها وحرف ثقافتها يعد اخطر من سفك دمائنا وقتل نسائنا وأطفالنا كون ما يحدث لنا غايته حرماننا الحياة بسبب رفضنا بيع إرادتنا وديننا وقيمنا بينما ما يحدث للشعوب العربية غايته استمرار الحياة لهذه الشعوب بعد أن تكون منزوعة الدين والقيم والارادة وفي هذا سر شعورنا بضرورة التضامن مع شعوب أمتنا ضد انظمة الاستبداد العربية لعل وعسى ان يكون التضامن اليمني مع هذه الشعوب بادرة احياء لقيم دينها وأصالة عروبتها واستعادة ما سلبته الانظمة من عرى الاخوة والنخوة والانسانية …..
لقد كشفت احداث المنطقة العربية وخاصة ما يحدث في اليمن من عدوان غاشم العديد مما كنا نجهله من سلب وأسر وتغييب لارادة شعوب لم يعد من عروبتها سوى التسمية وكنا من فرط حبنا لها نعتبرها معدناً لكل روابط الاخوة الدينية والعروبية والانسانية إلا اننا صحونا على وهم ابكانا ليس لعظيم الجرم الذي يرتكبه العدوان فينا بل لأن شعورنا بموت عروبة امتنا كان هو الســبب في نزول دموعنا ومضاعفة آلامنا…ورغم ذلك إلا أننا نثق في ان مخزون امتنا من القيم والأصالة لن يظل مخدرا ومسلوبا بل سيكون له صولة وجولة لتصويب الانحراف الحاصل في ثقافة الشعوب العربية …
وعلى كل حال فإننا لا ندري هل الغفلة الحادثة في وجدان وشعور الشعوب العربية تجاه ما يحدث في اليمن من عدوان وإبادة وحصار يعد عارا على هذه الشعوب أم أنها اصبحت في غفلة من الزمن عرب العار..
* رئيس التيار الوطني الحر للسلم والمصالحة الوطنية