أحمد المالكي
بعد انتهاء فصل الشتاء ببرده القارس الملوث بالسموم والأدخنة القاتلة التي تنفثها أدوات القتل التي تطلقها طائرات قوى العدوان على أرض اليمن الطيبة والتي تطال البشر والشجر والحجر قتلا وتدميرا وافسادا وإهلاكا للحرث والنسل سواءً بالصواريخ والقنابل العنقودية والمحرمة دوليا أو بالكذب والزيف والتضليل التي تستهدف الأرض والدين والفكر والمجتمع وقيم اليمنيين الجميلة والأصيلة المتجذرة فيهم بعمق واصالة تربة وأرض اليمن الطيبة المعطاءة التي لا تنبت ولا تثمر إلا طيبا وهاهو الصيف يفصل الربيع المزهر الممطر قد حل علينا بالخير والخضرة البانعة ونزول طشات الغيث المغيث وبدأ المزارعون اليمنيون يمارسون أنشطتهم الزراعية كالمعتاد كل موسم زراعي بدءا من حرث الارض وتقليبها وتقليم الاشجار وتلقيحها بمياه الري وغير ذلك من الأنشطة الزراعية المتعددة والمتنوعة متحدين بذلك الحصار الغاشم الذي يستهدف القطاع الزراعي والحيواني وكل شيء يتعلق باقتصاد اليمنيين وحياتهم المعيشية بكل ما اوتي من قوة سواء بالقصف المباشر أو بالحصار البري والبحري والجوي الذي يؤثر بشكل كبير على المزارعين الذين يعتمدون في الغالب على مادة الديزل ومما لا شك فيه أن الأمن الغذائي يعد تحديا وخيارا استراتيجيا واقتصاديا كبيرا سيتجاوزه اليمنيون بالتأكيد من خلال اللجوء إلى زراعة الأرض والاعتماد على الذات لنأكل ونعيش من خير ترتبتنا الطيبة اقتداء بالأجداد الأوائل فإلى التفاصيل:
مع بدء الموسم الزراعي الجديد يعكف المزارعون اليمنيون الآن على ممارسة انشطتهم الزراعية المختلفة والمتنوعة استعدادا وتجهيزا وحرثا وريا وتقليما وتقليبا للأرض وبذر البذور لاسيما في ما يخص المحاصيل الزراعية الموسمية كالعنب والفواكه وغيرها من المحاصيل الزراعية النقدية الكثيرة والمتعددة وأرضنا اليمنية مشهورة وغنية بإنتاج مئات بل الآلاف من المحاصيل الزراعية المتعددة والمتنوعة ولا بلا شك فإن اللجوء والاعتماد على الزراعة يعد خيارا استراتيجيا واقتصاديا كبيرا لتجاوز محنة الحصار الاقتصادي الغاشم الذي يترافق مع العدوان الظالم لقوى البغي والاستكبار العالمي الصهيوأميركي سعودي على بعد أيام قلائل لاختتام العام الثاني من العدوان والذي بدأ في الـ26 من مارس 2015م.
الدورة الاقتصادية
ويؤكد أساتذة وخبراء الاقتصاد الزراعي أن 75 % من سكان اليمن يعملون في قطاع الزراعة وأن الدورة الاقتصادية للأرض الزراعية تعتبر أكثر من الموارد الأخرى ومع ذلك الأسواق اليمنية تعج بالمنتجات المستوردة من الخضروات والفواكه والمكسرات وغيرها من المنتجات والمواد الزراعية المستوردة التي يمكن الاستغناء عنها بشكل كبير والتي تستنفد الكثير من الأموال والعملات وتذهب إلى الخارج لاستيراد هذه السلع التي يجب أن تنتج من أرضنا الزراعية إذا ما توجه المجتمع بدءاً من أصحاب القرار السياسي وانتهاء بالمزارع نفسه وأن المسألة تحتاج إلى توجه عام وتشجيع المزارعين للعودة والانتاج من أرض اليمن المعطاءة و هناك إلى الآن حسب هؤلاء الخبراء اكتفاء من الخضروات مثلاً والفواكه نوعاً ما.
استثمار
كما يجب تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الجانب الزراعي وتعريف المستثمر بأن هناك تقنيات يمكن أن تحل محل التقنيات الزراعية التي تأتي من الخارج واعتبار هذه المسألة تكاملية كما أن المسألة حسب الخبراء مرتبطة بالتشريعات واهتمام الدولة بهذه الجوانب وهناك تجربة خاضتها اليمن سابقاً بالقرار الذي اتخذ بمنع استيراد الفواكه في الثمانينات وحقق نقلة نوعية في الانتاج الزراعي وعلى القطاع الخاص أن يتعامل مع المزارع ويستكفي بمدخلاته من المزارع بدلاً من الاستيراد من الصين مثلاً أو غيرها ناهيك عن أهمية إيجاد وتنفيذ السياسات الخاصة باستهلاك المياه التي تستنزف بشكل كبير في اليمن.. ومع ذلك اليمن بلاد زراعية مطرية.. وحسب خبراء الاقتصاد الزراعي فإن حوالي 3 % من الأراض اليمنية صالحة للزراعة و40 % زراعة رعوية بمايقدر بمليون و600 ألف هكتار فقط هي الأرض الصالحة للزراعة الآن والتي تزرع حالياً وهناك 65 % من الأراضي تعتمد في الزراعة على مياه الأمطار 100 % والعام الماضي مع غزارة الأمطار لاحظنا انتاجية كبيرة من المنتجات الزراعية وفائضاً كبيراً في الأسواق من الحبوب كالذرة الرفيعة والدخن والقمح وغيرها..
استيراد
وبحسب الإحصائيات الزراعية فإن اليمن تنتج حوالي 950 طناً فقط من الحبوب وتغطي حوالي 15 % من الانتاج فيما يتم استيراد 85 – 90 % من الحبوب من الخارج كما أن الزراعة تساهم في حدود 20 % من الناتج المحلي الإجمالي قبل العدوان والآن انخفضت نسبة مساهمة القطاع الزراعي إلى 5 % حسب الإحصائيات الأخيرة نتيجة للحصار الغاشم وتأثر الإنتاج بارتفاع المحروقات وبالذات الديزل الذي وصل قيمة الـ200 لتر «البرميل» إلى ما بين 50 – 60 ألف ريال في الآونة الأخيرة فقط..
ويشير المسؤولون وخبراء الزراعة إلى أن معدل النمو في السكان كبير جداً بينما بقعة الأرض الزراعية ثابتة حيث وصل عدد السكان في اليمن إلى 26 مليوناً وبالتالي تظل انتاجيتها محدودة في ظل عدم الاهتمام الرسمي والشعبي وارتباط المزارعين بما ينتجه من الحبوب مثلاً كبير وانتاجية الطن من البذور المحسنة تقريبا 3.5 طن للهكتار وبين الأصناف العادية المحلية إنتاجها 1.1 للهكتار وتفاوت نسبة الريات بين هذه الأصناف من رشتين إلى رشة واحدة والأصناف المطرية انتاجها يصل إلى 1.611 للهكتار وهي أفضل بكثير من الأصناف المحلية وهناك أهمية للحصول على تغذية مرتدة من المزارعين..
الاعتماد على الذات
خبراء الاقتصاد الزراعي يشيرون إلى أهمية وضرورة الاستفادة من الحصار والأزمة الراهنة التي انتجها العدوان للاعتماد على الذات والرجوع إلى الأرض لتحقيق الاكتفاء الذاتي حتى تتكامل العملية بدءاً من الانتاج الزراعي إلى الحيواني إلى المياه وإذا كان المحصول مثلاً يمكن أن يغذي الحيوان من الأعلاف وغيرها والمزارع في الفترة رجع إلى الأرض وتجنب الزراعة المجهدة بل اتجه إلى الزراعة المتنوعة كأن يزرع ذرة ثم يغير إلى محصول آخر كالشعير أو المحاصيل النقدية أو ترك الأرض فترة ثم العودة وهكذا والأزمات دائماً تولد الابتكار والفائدة كالعودة إلى ذبل الأرض بالسماد البلدي وترك الأسمدة الكيمائية التي تضر بالتربة غالباً..
وبحسب الخبراء إذا ما عدنا إلى الاهتمام والاستفادة من مواردنا فسنتكفي ذاتياً كما كان أسلافنا القدامى وسنكتفي من اللحوم والدجاج والبيض والحبوب والزيوت والسمون والجبن وغيرها كل ذلك ممكن انتاجه محلياً والاستغناء عن الانتاج والاستيراد من الخارج ويمكن انتاج وتصنيع كل شيء حتى الاستفادة من انتاج القطن والانتاج الحيواني والعودة إلى الأرض والانتاج المحلي وضرورة العودة إلى التقنيات المحلية الأصيلة في مجال الزراعة التي كان يتبعها اليمنيون وما زالت متوفرة حتى الآن فقط يجب التحول والاهتمام الرسمي من قبل الدولة باتجاه تشجيع الزراعة والانتاج المحلي حيث لا يزال يتعلق بتكلفة المدخلات وارتفاع قيمة المحروقات والذي أثر بشكل كبير على المزارعين .. ولا بد أن يعود السلوك الزراعي الأصيل كثقافة يجب أن تشيع في الأوساط الزراعية كما يجب على الدراسات الاقتصادية والاجتماعية أن تركز على سلوك الناس ومدى ممارستهم وارتباطهم بالأرض، والفترة الأخيرة مع الأزمة أغلب الناس عادوا إلى الزراعة كأحد الخيارات الضرورية لتحقيق الاكتفاء الذاتي لاسيما أن هناك ما لا يقل عن 13 مليون يمني يعانون من إنعدام الأمن الغذائي حسب الإحصائيات الأخيرة للمنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة.. و21 مليوناً يحتاجون إلى المساعدات الغذائية العاجلة وحسب الإجصائيات والبيانات الرسمية فإن خسائر القطاع الزراعي في الدولة بلغت حتى نهاية 2016م أكثر من 15 مليار دولار شملت القصف المباشر لـ حوالي 5000 موقع زراعي متنوع تعرض للقصف المباشر من طيران التحالف السعودي الأميركي وبوارجها الحربية تضمنت 1016 مزرعة للحبوب و109 مبنى ومنشأة و3500 بيت زراعي و35 منشأة مائية و100 مضخة مياه و35 منحلاً و11 سوقاً مركزياً للخضار والفواكه و40 سوقاً زراعياً و31 حضيرة مواشي و115 مزرعة دواجن و24 مخزن تبريد و14 مشتلاً زراعياً، ومهما دمروا فنحن موقنون بالنصر المبين الذي نراه قريباً يلوح في الأفق..