- ولد الشيخ يفسر القرار 2216 وبيانات مجلس الأمن وفق منظور ودول العدوان
- القرار 2140 قضى بوضع اليمن تحت الفصل السابع بناء على طلب خطي من هادي
- التعديلات الروسية شطبت التفويض الأممي باستخدام القوة وعدلت بنود التفويض بالحصار
- القرار 2216 لا يتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي تنظم الملاحة الجوية والبحرية في إطار السيادة الوطنية
أحمد الحبيشي
بعد أسبوع من العدوان السعودي الخليجي على اليمن ، تقدّم مجلس التعاون الخليجي باستثناء سلطنة عُمان ، بمشروع قرار الى مجلس الأمن الدولي في أواخر شهر مارس 2015 ، بهدف الحصول على تفويض أممي للعدوان ، بما في ذلك فرض حصار بري وجوي وبحري على اليمن ، تطيبقا للقرار 2140 الصادر في عام 2014 .
من يراجع مشروع القرار الخليجي ويقارنه بمشروع القرار 2216 سيلاحظ أن المندوب الروسي في مجلس الأمن فيتالي تشوركين ، أجرى تغييرا كبيرا في مضمونه ، بما يمنع تحويل القرار 2216 إلى تفويض أممي باستخدام القوة المسلحة ضد اليمن وفرض حصار بري وجوي وبحري عليه بموجب الفصل السابع .
لكن المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ سعى منذ اليوم الأول إلى عدم ذكر الغارات الجوية والبحرية التي تشنها السعودية على اليمن وضحاياها ، كما سعى إلى اختراع محطة تفتيش السفن والبضائع المتجهة إلى اليمن في جيبوتي ، واختراع محطة لتفتيش الطائرات اليمنية في مطار بيشة السعودي ، وتمرير هذين الاختراعين من خلال إحاطاته التي كان يقدمها الى مجلس الأمن في النصف الأول من عام 2015 ، قبل أن يعترض المندوب الروسي على هاتين المحطتين اللتين تتعارضان مع أحكام القرار 2216 ، حيث سمح مجلس الأمن بعد ذلك بالتوريد المباشر والمقنن للمواد الغذائية والأدوية والمشتقات النقطية الى ميناء الحديدة ، برعاية الأمم المتحدة وبحسب قدرة موارد البنك المركزي قي صنعاء على فتح اعتمادات مصرفية لتغطية الواردات السلعية الضرورية لحياة السكان ، لكنه لم يحدد موقفا واضحا من تفتيش الطائرات اليمنية في مطاربيشة وذلك بسبب المغالطات التي كان يقدمها المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ لمجلس الأمن.
والثابت ان المبعوث الأممي ولد الشيخ ظل يفسر القرار 2216 وبيانات مجلس الأمن وفق منظور دول العدوان ، بذريعة ان مجلس الأمن لم يُصدر أي قرارات مُلزمة بعد القرار 2216 لعام 2015 ، حيث اكتفى بعد ذلك القرار بإصدار بيانات وتعليمات فقط بسبب رفض روسيا إصدار المزيد من القرارات بشأن اليمن.
مما له دلالة ان القرار 2216 ـ وتحت تأثير التعديلات الروسية ـ نص على دعوة جميع الأطراف اليمنية إلى الالتزام بمبادرة مجلس التعاون الخليجي ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن وتسريع المفاوضات للتوصل إلى حل توافقي والتنفيذ الكامل للاتفاقات المبرمة والالتزامات التي تم التعهد بها لبلوغ هذا الهدف والتعجيل بوقف العنف ، وجميع هذه الالتزامات وافقت عليها كافة الأطراف اليمنية المتنازعة بما فيها المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله.
كما طالب القرار 2216 جميع الأطراف اليمنية بالالتزام بتسوية الخلافات عن طريق الحوار والامتناع عن الأعمال الاستفزازية.
الثابت أن مجلس الأمن الدولي كان قد اصدر في عام 2014 قرارا مُلزما برقم 2140 قضى بوضع اليمن تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة ، بناءً على طلب خطّي من الرئيس اليمني عبدربه منصور الذي يمنحه ميثاق الأمم المتحدة حق التقدم بطلب وضع بلاده تحت الفصل السابع ، حيث يمنع نظام مجلس الأمن الدولي كافة الدول دائمة العضوية ، من استخدام حق النقض إذا كان الطلب مقدماً من رئيس الدولة المعنيّة ، أو إذا أقدمت حكومة تلك الدولة على ارتكاب عملٍ خارجي مخالف للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ، ويهدد الأمن والسلم الدوليين.
وتأسيسا على القرار رقم 2140 الذي وضع اليمن تحت الفصل السابع ، حاولت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا تمرير فكرة الحصار الاقتصادي بعد أن فشلت في التصدّي للتعديلات الروسية التي شطبت من مشروع القرار الخليجي كل البنود التي توسّلت الحصول على تفويض أممي باستخدام القوة المسلحة وفق الفصل السابع ، لكن التاريخ سيسجل للمندوب الروسي فيتالي تشيرنيكين إصراره على تعديل البنود التي استهدفت أيضا إصدار تفويض أممي لفرض حصار بري وجوي وبحري على النحو التالي وفق منطوق القرار 2216 لعام 2015 حيث ورد النص التالي:
(على جميع الدول اتخاذ تدابير لمنع القيام بشكل مباشر أو غير مباشر بتوريد أو بيع أو نقل أسلحة لصالح الأشخاص والكيانات والأفراد الواقعين تحت العقوبات بموجب القرارات الدولية ذات الصلة ، انطلاقا من أراضيها أو بواسطة مواطنيها أو باستخدام سفن أو طائرات تحمل علمها. وتشمل حظر السلاح الذخائر والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار والمساعدات التقنية والتدريب والمساعدات المالية وكل ما يتصل بالأنشطة العسكرية أو توفير أي أسلحة).
والحال أن هذا الجزء من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لعام 2015 محصور في كيانات أو أفراد فقط ، ولا ينسحب على الدولة كلها .. كما أنه لا يتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي تُنظِّم الملاحة الجوية والبحرية في إطار السيادة الوطنية لكل دولة على موانئها ومطاراتها وأجوائها ومياهها الإقليمية ، حيث سمح مجلس الأمن بأن تتولى الدول في مطاراتها وموانئها ، لا سيما المجاورة لليمن تفتيش جميع البضائع المتجهة إلى اليمن أوالقادمة منه ، إذا توافرت معلومات للاعتقاد أن البضائع تحمل أصنافا يحظر توريدها.
وقد اذن المجلس لتلك الدول عند الكشف عن أصناف محظورة التصرف فيها من خلال إتلافها أو تخزينها أو نقلها إلى دول أخرى من أجل التخلص منها.. علما بأن تلك الصلاحيات مكفولة لكل دولة بما فيها اليمن في كل الظروف ، طالما وأن هذا الحق محصور فقط لكل الدول في إطار ممارسة سيادتها الوطنية على مطاراتها وموانئها وأجوائها الإقليمية.
تأسيسا غلى ذلك يمكن القول ان نائب مندوب روسيا في مجلس الأمن لم يُخطئ عندما وافق على هذا القرار.. حيث لم يكن غياب الراحل فيتالي تشيرنيكين سببا في تمرير روسيا لهذا القرار كما يعتقد البعض!!.
وفي هذا السياق لا تعني موافقة روسيا على هذا القرار حدوث تغيير في مواقفها السابقة التي أسهمت في تعطيل عدة قرارات دولية بشأن اليمن بعد القرار 2216 لعام 2015 ، علما بأنه من الصعب أن نطلب من روسيا مخالفة القرار 2216 ، وأن تكون ملكيا أكثر من الملك بعد ان أعلن الوفد الوطني للمفاوضات في جنيف1 ومدينة بيريل والكويت وتفاهمات مسقط التزامه بتلك المرجعيات الدولية ، مع الأخذ بعين الاعتبار تصريحات عديدة أطلقها السيد سيرجيه لافروف وزبر خارجية روسيا ، وصف فيها القرار 2216 بأنه غير ممكن التنفيذ ، حيث أكتفت روسيا بتمرير بيانات غير ملزمة بعد صدور القرار 2216 واعترضت في مرحلة المشاورات على مشاريع عدة قرارات قدمتها بريطانيا ، وأفشلتها روسيا؟
في تقديري الشخصي ان القرار 2342 الصادر بتاريخ 23 فبراير 2017 ليس جديدا بالقياس الى قرارات سابقة صدرت قبل الحرب وأثناءها ، منذ القرار رقم 2140 لعام 2014 ، مرورا بالقرار رقم 2201 الصادر في فبراير 2015 والقرار رقم 2266 الصادر في فبراير 2016 وصولا إلى القرار رقم 2342 الصادر في فبراير 2017 ، وجميع هذه القرارات تتعلق ــ فقط ــ بتمديد ولاية لجنة العقوبات سنويا ، بموجب لائحة مجلس الأمن وأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، ولا تمتلك روسيا حق الاعتراض عليها منذ عام 2014 ، طالما وأنها صدرت بناءً على طلب من رئيس اليمن الذي لا يزال يحظى بشرعية دولية بقرارات ذات صلة بالأزمة اليمنية ، ووافقت عليها الأطراف اليمنية المتنازعة وبضمنها المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله!!
وحنى لا نظلم أصدقاء اليمن ، ونضيف إلى قائمة الأعداء مزيدا من الخصوم ، فقد تعرّض مشروع القرار 2342 الذي تقدمت به لجنة العقوبات الدولية للتعديل من قبل نائب مندوب روسيا في مجلس الأمن ، بخلاف المشروع الأصلي الذي تقدمت به هذه اللجنة ، حبث نص مشروع القرار على إضافة اسم خالد علي عبدالله صالح الى قائمة الأشخاص المشمولين بالعقوبات الدولية ، لكن نائب مندوب روسيا أعترض على هذه الإضافة وتم شطبها من مشروع القرار المقدم من لجنة العقوبات.
من ناقل القول ان القرار رقم 2342 لعام 2017 يعتبر نمطيا على غرار القرارات السابقة ، بما في ذلك التأكيد على ضرورة الانتقال الى العملية السياسية، والإعراب عن القلق بسبب وجود مناطق من اليمن تحت سيطرة تنظيم القاعدة ، وكذلك الإعراب عن القلق لتزايد وجود تنظــيم الدولة الاسلامية المعروف باسم (داعش) في عدن..
وبهذا الصدد أشار المجلس في القرار 2201 لعام 2015 والقرار رقم 2266 لعام 2016 والقرار رقم 2342 لعام 2017 (وجميعها تتعلق بتمديد ولاية قريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الدولية) الى إدراج تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ومن يرتبط به من الافراد في قائمة الجزاءات والعقوبات الدولية المفروضة على تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وتنظيم القاعدة ، باعتبارها أداة هامة في مكافحة النشاطات الإرهابية في اليمن ، بحسب ما جاء في نص القرار.
قلت سابقا ان قرار إدراج اليمن تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة تم بناءً على طلبٍ خطّي من رئيس اليمن ، حيث تمنعُ أحكام الفصل السابع أي دولة دائمة العضوية الاعتراض عليه ونقضه.
وأتذكر ان الأستاذ يحيى الراعي رئيس مجلس النوّاب طلب من السفير الروسي السابق قي اليمن اعتراض روسيا على مشروع قرار تقدمت به بريطانيا عام 2014 لوضع اليمن تحت الفصل السابع، فكان رد السفير الروسي ان ذلك غير ممكن بسبب ان الذي تقدم بهذا الطلب خطيّا هو رئيس اليمن عبدربه منصور وليس السفير البريطاني، مشيرا الى ان ميثاق الأمم المتحدة وأحكام الفصل السابع لا تسمحان لأي دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن استخدام حق النقض إذا كان رئيس الدولة هو الذي يطلب من مجلس الأمن وضع بلاده في الفصل السابع !!
ومن المفارقات العجيبة والمدهشة ان اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام أصدرت بيانا رحبّت فيه بالقرار رقم 2140 لعام 2014 ، والذي نص على وضع اليمن تحت الفصل السابع ، وهو ما دفع محامي المؤتمر الشعبي العام الى استنكار موقف اللجنة العامة أثناء لقائهم بالزعيم علي عبدالله صالح ، الأمر الذي دفعه الى تحديد موقف منفرد ضد هذا القرار في خطاب متلفز حينها !!
بوسع كل من يقرأ القرارات الثلاثة المشار اليها أعلاه وهي 2201 لعام 2015 والقرار رقم 2266 لعام 2016 والقرار رقم 2342 لعام 2017 أن يلا حظ ما يلي :
1 – انها مقدمة من لجنة العقوبات الدولية التابعة لمجلس الأمن ، وليست مقدمة من عضو دائم في المجلس.
2 – انها تتعلق بتمديد ولاية فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الدولية لمدة عام واحد قابل للتجديد سنويا.
3 – انها صيغت باسلوب نمطي لا يختلف عن منطوق القرار 2201 لعام 2015 والقرار رقم 2266 لعام 2016 وصولاً الى القرار رقم 2342 لعام 2017 .. حيث تكررت عبارات نمطية تؤكد على ضرورة الإنتقال الى العملية السياسية ، وتعرب عن القلق من انتشار وتمدد تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية باعتبارهما مشمولين بالجزاءات والعقوبات الدولية.
4 – إن مشروع القرار الأخير رقم 2342 لعام 2017 تعرّض للتعديل من المندوب الروسي الذي رفض إضافة اسم خالد علي عبدالله صالح الى قائمة المشمولين بالعقوبات الدولية.
5 – إن ما كتبه سفير مرتزقة الرياض في لندن ياسين سعود سلمان يدل على جهله بطبيعة القرار رقم 2342 لعام 2017 ، وعلاقته بقرارات سابقة ذات صلة بتمديد فترة ولاية فريق الخبراء صدرت خلال عامي 2015 و 2016 الماضيين قبل وأثناء العدوان السعودي على اليمن.
6 – إن الوضع الخطير في اليمن لا يزال قيد النظر في مجلس الأمن.
7 – إن من يقرر الحل السياسي ووقف الحرب هم اليمنيون أنفسهم وفقا لمعطيات التصدي للعدوان والحصار اللذين لا يحظيان حتى الآن بتفويض أممي..