أجمل مرحله في عمر صحيفة (( الثورة )) إنسانيا ومهنيا إلى حد كبير هي مرحلة تولي المرحوم الأستاذ النبيل محمد الزبيدي رحمه الله رئاسة التحرير لسنوات عشر , كانت الثورة أربعة أضلاع , وكل ضلع له توابعه , الزبيدي , الأشول …أحمد الأكوع ،محمد عبد الماجد العريقي , ونحن توزعنا بينهما , من ناجي الحرازي إلى بجاش وبيننا زملاء كثر خذ عبد الوهاب الروحاني منهم هنا , كانت الثورة يومها تضج بالقدرات المهنية .
كان الزبيدي إنسانا بكل ما تحمله الكلمة من معنى , غزيرا بامتياز , وكان احمد الأشول بجانبه مهنيا ظلم حتى الوجع , وهناك احمد الأكوع بطيبته , أو سذاجته , أو كما قال لي ذات مساء وكنا في جده عالقين بين صنعاء وتونس (( بيني شوية مدواعه )) , فضحكت لطيبته حيث يصف نفسه كذلك , قلت : أمانه كيف يا احمد ؟ ضحك كثيرا : كان الأستاذ الفضول وكيلا للإعلام , كان مكتب المسئول يومها يظل مفتوحا طوال اليوم , دخلت بيدي ورقه طلب , كان الفضول منهمكا , لم أحييه , بل رميت الورقة على المكتب , فوصلت إلى الورقة التي أمامه فغطتها , المهم لم ادري بنفسي إلا وأنا اجري في طارود الوزارة القديمة وهو بعدي , حتى لحقني , ولو تشوف كم ضربني , ومن أذني أعادني إلى مكتبه , قال لي : ماذا تريد ؟ ومسك الورقة وقراها , ووافق , وبأسلوب الفضول : ما علمتكش أمك كيف تتعامل مع الناس ؟ وأنا – يواصل ضاحكا – قلت ببراءة : ماشي لم تعلمني , ضحك الفضول , ومن يومها والفضول يحبني (( لبراءتي )) كما كان يردد كلما التقاني , و(( ملعنتي )) كما كان يضيف بعض الأحيان ….
اتصل بي ذات مساء وكنت يومها أحرر (( بريد الثورة )) : يا عبد الرحمن بجاش اشتكيت بك لا عند الوزير , قلت : خير يا أحمد ماذا فعلت ؟ ببراءته المعهودة : من يقولوا لك لوما ما تد بسش صفحات البريد , وتتعبني , قلت : خلاص أتعهد أن أدبسهن ….
ظل احمد الأكوع ذلك المهني الإنسان من (( السبت إلى السبت )) , كمدير للتحرير , وكنائب لرئيس التحرير حتى أحيل إلى التقاعد , فهاجر إلى جريدته (( الجزيرة )) مصدرا للرزق , ظل يكافح ما استطاع , محافظا على صورة ارتسمت في أذهاننا عنه محترمة حتى الأفق , في أوقات تساقط فيها كثيرون , في الذاكرة هناك الكثير , لعله يأت يوم نسكب على الورق ما فيها .
رحم الله زميلنا الأستاذ أحمد إسماعيل الأكوع أحد رموز الفترة الأكثر إنسانيه ومهنيه .
لله الأمر من قبل ومن بعد .
عبد الرحمن بجاش :أحمد الأكوع …
التصنيفات: أقــلام