لم تعد تصريحات الولايات المتحدة المتعلقة بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس مجرد كلام في الهواء، فهي ستترجم إلى عمل على أرض الواقع خلال الأيام القليلة المقبلة.
الفلسطينيون يجمعون على أن نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس ليس إلا صورة من صور الاستيطان وتكريسا له، في تحدٍ للقرارات الدولية، التي كان آخرها قرار مجلس الأمن.
وقد أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في تصريحات، هي الأولى له بشأن نقل السفارة الأمريكية، أن إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على موقفه، ستكون له آثار مدمرة على عملية السلام، وعلى خيار حل الدولتين، وأمن واستقرار المنطقة.
وبحسب ما نشرته الوكالة الرسمية الفلسطينية “وفا”، فقد بعث عباس رسالة إلى ترامب ورسائل أخرى إلى زعماء الدول الكبرى من بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حذرهم فيها من أبعاد وتبعات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وقد وجه الرئيس الفلسطيني رسائل إلى رئيسي الصين وفرنسا، المستشارة الألمانية، رئيسة وزراء بريطانيا، الاتحاد الأوروبي، الاتحاد الإفريقي، منظمة التعاون الإسلامي، رئاسة عدم الانحياز، وأمين عام الجامعة العربية، ودعا في هذه الرسائل إلى التدخل لمنع نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس.
فيما قال أمين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، في حديث إلى التلفزيون الرسمي الفلسطيني، إن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس يعني اعتراف أمريكا بضم القدس وشرعنة الاستيطان؛ ما سيقود المنطقة إلى مرحلة جديدة.
وحذر عريقات من أن منظمة التحرير يمكنها أن تتخذ قرارات مصيرية وهامة قد تبدأ بتعليق أو سحب الاعتراف بدولة إسرائيل إلى حين الاعتراف المتبادل بين الدولتين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وكان ترامب قد تعهد خلال حملته الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، خلافا لما قام به الرؤساء الأمريكيون السابقون من تأجيل نقل السفارة لخطورة هذه الخطوة وما سيترتب عليها من عرقلة لعلمية السلام، رغم القرار الذي اتخذه الكونغرس الأمريكي عام 1995.
من جانبه، أوضح الأمين للعام للهيئة الإسلامية-المسيحية وأستاذ القانون الدولي حنا عيسى لـ RT أن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس يعني الاعتراف بوضع القدس تحت السلطة الإسرائيلية، وهو ما يخالف قرار مجلس الأمن الأخير وقراراته السابقة، وفتوى محكمة لاهاي.
كما يخالف قرار ترامب القانون الدولي رقم ٤٧٨ الصادر عام ١٩٨٠، والذي نص على أن تقوم الدول التي لديها بعثات دبلوماسية في القدس إلى سحب هذه البعثات من المدينة.
وأشار عيسى إلى أن كل القوانين والقرارات الدولية الآنف ذكرها أكدت أن الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية هي أراضٍ محتلة، وبموجب القانون الدولي لا يُسمح بنقل سيادة على إقليم محتل، وخاصة أن وجود المحتل مؤقت.
وأكد أن هذا القرار المتمثل بنقل السفارة يعني تدمير المنطقة وإثارة الفتن وقد يدفع المنطقة إلى حرب دينية.
أما الخبير في القانون الدولي فادي شراكة، فبين لـ RT أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس هو اعتداء على الأرض الفلسطينية وتكريس للاستيطان وضم الأراضي.
وأكد شراكة أن نقل السفارة وحسب القوانين والأعراف الدولية لا يتم إلا بموافقة دولة فلسطين صاحبة السيادة على الأرض. بيد أن أمريكا تجاهلت ذلك ولم تُجرِ أي مشاورات مع الفلسطينيين بهذا الموضوع واكتفت بمشاوراتها مع الإسرائيليين.
ولفت إلى أن نقل السفارة الأمريكية ليس إلا قرارا سياسيا يتجاهل ما صدر مؤخرا من مجلس الأمن ويخالفه. غير أن أمريكا اتخذت هذا القرار لإرضاء الإسرائيليين الذين رفضوا قرار مجلس الأمن.
وعن ضرورة انطلاق حراك دولي رافض لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، قال الخبير شراكة إن التحرك حتى الآن هو فلسطيني فقط. ومن المتوقع أن يبقى كذلك، فيما ستقتصر المواقف الدولية على بيانات الشجب والاستنكار.