نجــيب علي
Najibalassar@hotmail.com
جميلة البالغة من العمر 3 سنوات، واحدة من أكثر من 5000 طفل دون سن الخامسة في قرى الشريط الساحلي بمديرية التحيتا في الحديدة، مصابون بالتقزم والهزال وانخفاض الوزن مقابل العمر والطول بسبب الجوع المزمن، وتقول والدة جميلة «من يوم ولدت تعيش بين الرمل والشمس الحارقة، وتنام في العشة على التراب ، وتشرب ماء من البئر وتأكل (برو وشاهي) وتضيف أن «جميلة مريضة من يوم ولدت رضعت مني ،ولا تجد ما تأكل في غالبية الوقت ،ولا نقدر على علاجها، تبكي ليل ونهار، ولا مال لدينا نسافر بها للمستشفى».
5000 طفل يعانون من التقزم والهزال
وأوضح تقرير حديث أن أكثر من 5000 طفل دون سن الخامسة في قرى الشريط الساحلي بمديرية التحيتا في الحديدة، مصابون بالتقزم والهزال وانخفاض الوزن مقابل العمر والطول بسبب الجوع المزمن، فيما يعاني أكثر من 1500 شخص من نقص المغذيات الدقيقة مثل فيتامين أ، والحديد والزنك.
وأشار تقرير الحالة الإنسانية والمعيشية في مديرية التحيتا في محافظة الحديدة إلى أن سوء التغذية يتخذ أشكالا عدة منها التقزم والهزال ونقص المغذيات الدقيقة.
ونوه التقرير الذي أطلقته مؤسسة الشرق الأوسط للتنمية وحقوق الإنسان ومنظمة فينكس الطبية التنموية أن فجوة الاحتياجات للمساعدات المنقذة للحياة تشكل 90 بالمائة من الاحتياجات وتتطلب المزيد من الجهود والتفاعل مع نداءات الاستجابة لتقديم المساعدات للسكان في المنطقة.
وأكد التقرير أن الأولويات الملحة تمثلت في تقديم المساعدات العاجلة المنقذة للحياة غذائيا ودوائياً، وإيجاد مراكز خاصة بالتغذية لتقديم العلاجات والأغذية المنقذة للحياة والتي يسهل الوصول لها من قبل السكان، بالإضافة إلى دعم قدرات المجتمع المدني في تنفيذ برامج .صحية وتقديم مساعدات إنسانية، والعمل على تنظيم المساعدات من خلال بيانات ومعلومات ميدانية يتم من خلالها تحديد الأولويات ومستويات الخطر.
يذكر أن «جرس إنذار » التقريرالذي أطلقته مؤسسة الشرق الأوسط للتنمية وحقوق الإنسان ومنظمة فينكس الطبية التنموية ،يحكي الوضع المعيشي والحالة الإنسانية التي يمر بها سكان قرى الساحل الغربي لمحافظة الحديدة، ويبحث في الأسباب المتراكمة والطارئة والتي أخضعت السكان لسوء التغذية ومواجهة الموت جوعا.
ولعل من أبرز ما حمله التقرير الذي يتكون من 56صفحة ،جانباً من القصص الإنسانية التي تُظهر حجم المأساة التي يعيشها سكان قرى الشريط الساحلي في مديرية التحيتا ،معاناة إنسانية يحكيها السكان عن أوضاعهم المعيشية الصعبة ،وتتطلب تدخلات منقذه للحياة توجه بشكل انساني يلامس احتياجاتهم الفعلية والمنقذة لهم من الموت جوعا.
مقتل وجرح 102 من الصيادين
محمد قاسم ، لديه أسرة تتكون من زوجة وأربعة أطفال ، البحر هو مصدر رزقهم الوحيد حيث لا عمل آخر يجيده ولا ملجأ آخر يأوي إليه، مثله مثل بقية سكان منطقة الساحل الغربي في مديرية التحيتا ،فمنذ إعلان الحرب وجدوا أنفسهم فجأة محاصرين من طيران التحالف، الذي يفرض عليهم عدم الدخول إلى البحر والبوارج البحرية تحتل الجزر التابعة للتحيتا (زقر- حنيش) والتي كانت تمثل للصيادين مواقع الصيد الوفير، وبين مخاطر تواجههم من قصف الطيران لقواربهم ،أو قصف البوارج البحرية أو خطف القوات البحرية الاريترية لهم وأخذهم للسجون الاريترية لشهور أو سنوات .
ويقول قاسم : «يابني ماشتعملوا لنا ماشتدوا لنا نحنا جوع وتعابا الطائرات نزّلت أوراق قالوا مكتوب عليها لا تدخلوش البحر ولاشتموتن نحنا خفنا وحرقنا الأوراق ودفناهن لأنهن شيجيبين لنا الموت ».
غير أن محمد وقاسم.. لم يكونا الوحيدين اللذين يتخوفان من القصف لمصدر رزقهم بعد أن قتل أكثر من 62 صياداً وجرح 40 آخرون ، كما تم تدمير 68 قاربا ، استهدفتهم طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية، وهم يمارسون مهنة الصيد لتوفير لقمة العيش لهم ولأسرهم، وتعد هذه الاعتداءات مخالفة للقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب على المدنيين، وفقا لما ذكره التقريرالصادر عن مؤسسة الشرق الأوسط للتنمية وحقوق الإنسان ومنظمة فينكس الطبية التنموية.
الحجة رحمة: المــوت أرحـــم
الحجة رحمة: «يا ابني هلكنا مرض وجوع أيادينا مفخطة من الدوم نشرخه، ونصلح مكانس طول اليوم، أصلح عشر مكانس، وأبيع المكنس بعشرة ريال، عشرين مكنس بمائة ريال، أصلحهن طول اليوم اشتغل من الصبح إلى الليل ،اشري للجهاله بسكوت يشبعوا ويسكتوا من البكاء، ما نعمل تعبنا من هذي العيشة .. الموت أرحم».
ما قالته (الحجة رحمة) واحدة من ابرز ما حمله التقرير جانباً من القصص الإنسانية، التي حملها التقرير، الذي يظهر حجم المأساة التي يعيشها سكان قرى الشريط الساحلي في مديرية التحيتا، معاناة إنسانية يحكيها السكان عن أوضاعهم المعيشية الصعبة، وتتطلب تدخلات منقذة للحياة توجه بشكل انساني يلامس احتياجاتهم الفعلية والمنقذة لهم من الموت جوعا وبؤسا.
يذكر ان في قرى التحيتا من الساحل الغربي للحديدة، التي يقطنها حوالي 15 ألف نسمة في 13 قرية تنعدم الخدمات الحكومية كالصحة والتعليم والمياه والإنارة و المواصلات، وما يسمى بـ«مجتمع الصيادين» يعيش تهميشا وعزلة وأميّة منذ عقود ، هذا التراكم فرض عليهم مواجهة أزمات متعددة كالجهل والفقر والمرض وانعدام الوعي والخضوع للاستغلال الاجتماعي حيث يحرمهم كل ذلك من الوصول للخدمات الأساسية ويجعلهم يعملون كأُجراء بالقوت اليومي والمال الزهيد لدى وكلاء الصيد وملاك قوارب الصيد، التي توقفت مؤخراً عن القيام بعملها نتيجة لأسباب الحرب التي يقوم بها التحالف الدولي بقيادة السعودية على اليمن منذ ما يقارب العامين.
فـيمــــا يعــــــــــــاني 2.2 مليون طفل من سوء التغذية
“يونيسف” : طفـــــل يُقتل على الأقل كل عشر دقائق
أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، أمس، أن معدل سوء التغذية بين أطفال اليمن في أعلى مستوياته على الإطلاق، حيث يعاني حوالي 2.2 مليون طفل من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى العناية العاجلة.
وذكرت المنظمة، في بيان، أن حوالي 462 ألف طفل يمني يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم، وهي زيادة كبيرة تصل إلى 200% مقارنة بعام 2014، كما يعاني 1.7 مليون طفل من سوء التغذية الحاد المتوسط.
وأفادت بأن أعلى معدلات سوء التغذية الحاد تظهر بين أطفال محافظات الحديدة وصعدة وتعز وحجة ولحج، مضيفة أن محافظة صعدة تعاني أعلى معدلات التقزم بين الأطفال على مستوى العالم، إذ يعاني 8 أطفال من أصل 10 في المحافظة من سوء التغذية المزمن، بنسبة لم يشهد لها العالم مثيلاً من قبل.
ولفت البيان إلى أنه «يموت في اليمن على الأقل طفل واحد كل عشر دقائق بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، مثل الإسهال وسوء التغذية والتهاب الجهاز التنفسي»، محذراً من أن «نظام الصحة في البلد اليوم أصبح على وشك الانهيار».
وقالت القائمة بأعمال ممثل الـ »يونيسف» في اليمن، الدكتورة ميريتشل ريلانو، إن «معدلات سوء التغذية في اليمن هي الأعلى والأكثر تصاعداً من أي وقت مضى»، منبهة إلى أن «صحة أطفال البلد الأفقر في الشرق الأوسط (اليمن) لم تشهد مطلقاً مثل هذه الأرقام الكارثية التي نشهدها اليوم».
وأضافت أنه «أفقدَنا العنف والنزاع مكاسب كبيرة تمكّن اليمن من تحقيقها خلال العقد الماضي في مجال الصحة وتغذية الأطفال»، متحدثة عن «انتشار الأوبئة مثل الكوليرا والحصبة»، متابعة أنه «نظراً لتوفر عدد قليل من المرافق الصحية العاملة زاد تفشي هذه الأمراض ليشكل عبئاً كبيراً على الأطفال».
ودعت ريلانو أطراف النزاع في اليمن إلى «توفير سبل الوصول غير المشروط إلى الأطفال المحتاجين في مختلف أنحاء البلاد، كي تتمكن المنظمة الدولية من تزويدهم بالإمدادات الغذائية وعلاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية ودعم الخدمات الصحية».