الهوس بالالقاب عند الأطباء يحتاج إلى تفسير وفرمله.
لاحظت أن خريجي كلية الطب حتى ولو كانوا من حملة البكالوريوس يصرون على مناداتهم بلقب “دكتور”.
ويصل الهوس أعلى مستواه عندما ينادون بعضهم البعض مع إضافة لقب دكتور قبل الاسم ليس في أماكن العمل فقط وإنما في اللقاءات غير الرسمية أيضا.
ولست أدري حتى الآن ما الذي يجعل خريج الطب مميزا بحيث لا بجوز مناداته الا باللقب التفخيمي الذي قد يتعدى مقدراته بكثير.
(في السنوات الأخيرة صار الطالب يحصل على لقب دكتور ما أن ينتهي من إجراءات التسجيل في الترم الأول!)
ولماذا مثلا لا يكون هناك ألقاب لخريجي الإعلام والقانون والفيزياء والكيمياء والاجتماع مثل اللقب الذي يسبق خريجي الطب.
خريجو الهندسة دخلوا سوق المنافسة بالاصرار على إضافة لقب مهندس او Eng. قبل اسمائهم!
تتوسع إشكالية لقب الدكتور أكثر عندما نتحدث عن الأكاديميين الجامعيين من حملة الدكتوراه الذين يصرون على وضع حرف الدال أمام اسمائهم حتى ولو كان في دعوة زفاف او صفحة فيسبوك!
ومن المضحك على الاقل بالنسبة لي ان يصبح لقب الدكتور فرضا عائليا أيضا حتى على الزوجة والأبناء الذين لا ينادون الأب حتى في البيت الا بلقب دكتور…
هذه الظاهرة غير موجودة في بلدان العالم الأخرى شرقا وغربا.
فأشهر المؤلفين والفلاسفة الغربيين يحملون شهادة الدكتورة ولكنهم لا يضعون “الدال” أبدا على كتبهم او محاضراتهم او بطاقاتهم التعريفية.
الدكتوراه درجة علمية قيمتها محصورة داخل قاعة الدرس ومعناها الوحيد ان حاملها قادر على البحث والتدريس.
وهذا يعني ان الحصول على الدكتوراه هو بداية الطريق وليس نهايته، وانك يجب ان تبدع في البحث والتدريس لتظل مستحقا للدرجة.
لكنها في ثقافتنا العربية المتخلفة تحولت من درجة علمية إلى مقام أو منصب اجتماعي. والإصرار عليه قد يدل على فقدان الثقة بالنفس مثلما قد يدل على التعالي أو الغرور أحيانا.
في اليمن كانت ظاهرة الألقاب تتعقد اكثر لتصل إلى مرحلة اللقب المركب ” استاذ دكتور” ، “عقيد دكتور” وحتى “الشيخ الدكتور”…
فليرحمنا هؤلاء الدكاترة قليلا من عقد نقصهم وتبجحاتهم فالألقاب قد ألغيت من زمان مع انطلاق الثورات العربية الحديثة قبل 60 عاما، ولا مكان للتبجح بالألقاب في عالم اليوم.
حسين الوادعي: هؤلاء الدكاترة..والهوس بالألقاب.
التصنيفات: أقــلام