كشفت مصادر مقربة من حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، عن توجيهات صادرة عن هادي ورئيس حكومته، أحمد عبيد بن دغر، بضم عشرات آلاف العناصر من الميليشيات المسلحة التي تقاتل إلى جانب القوات الموالية لهادي في تعز ومأرب والجوف والبيضاء وميدي، إلى صفوف تلك القوات واعتمادها بديلاً للجيش اليمني.
وسبق لوفد حكومة هادي المشارك في محادثات الكويت التي جرت برعاية الأمم المتحدة، أن طالب رسمياً بتسريح الجيش اليمني وإحلال تشكيل آخر مكانه. ووفقاً لتوجيهات هادي الرامية إلى إحلال الجيش، ضُمَّ الآلاف من عناصر حزب «الإصلاح» وعناصر أخرى متطرفة إلى ألوية خاصة بالجيش الموالي لـ«التحالف» في محافظة تعز، حيث شُكِّل عدد من الألوية العسكرية من تلك العناصر وضُمَّت إلى الجيش الموالي لهادي واعتُمدَت موازنات مالية شهرية لها باعتبارها بديلاً للجيش اليمني الخاضع لوزارة الدفاع اليمنية في العاصمة صنعاء.
وفيما تُنذر هذه الإجراءات بتشكيل جيشٍ من المتطرّفين التكفيريين في وقتٍ لم يُعرف فيه بعد مصير الجيش اليمني المنقسم، خصوصاً في ظلّ تعليق المسار السياسي، تأخذ حكومة هادي إجراءات أخرى تعزز من الانقسام المناطقي. فقد تنصلت الحكومة من التعهدات التي قطعتها عقب صدور قرار نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدن منتصف أيلول المنصرم، وأقدمت أخيراً على صرف مرتبات موظفي الدولة في المحافظات الخاضعة لسيطرتها وأوقفت صرف مرتبات قرابة 800 ألف موظف في القطاعين المدني والعسكري في المناطق الشمالية، من دون أي مبررات.
تداعيات قرار نقل البنك المركزي اليمني سببت توقف مرتبات موظفي الدولة في مختلف المناطق الشمالية منذ شهرين، وهو ما ضاعف المعاناة الإنسانية لقرابة خمسة ملايين مواطن يمني يعتمدون على المرتبات الحكومية كمصدر أساسي للعيش.
من جهته، اتهم عضو اللجنة الاقتصادية المشكلة من قبل المجلس السياسي الأعلى في صنعاء حسن الصعدي، حكومة هادي بفرض عقاب جماعي على موظفي المناطق الشمالية باستثنائهم من صرف مرتبات الشهرين الماضيين، والاكتفاء بصرف مرتبات الموظفين في المناطق الشرقية والجنوبية. وأكد الصعدي أن إجمالي ما يتقاضاه موظفو المناطق الشرقية والجنوبية لا يتجاوز 30% من إجمالي المرتبات، مشيراً إلى أن قرابة 800 ألف موظف يمني موجودون في المناطق الشمالية التي يبلغ إجمالي عدد سكانها 20 مليون نسمة.
حكومة هادي، وبرغم فشلها في تنفيذ قرار نقل البنك منذ أكثر من شهر بسبب الوضع الأمني المتفلت في محافظة عدن الخارجة عن سيطرتها بشكل تام والتي تخضع لقوات «الحزام الأمني» السلفية الموالية لدولة الإمارات، صعّدت أخيراً من حربها الاقتصادية والمالية على صنعاء من خلال تهديد البنوك التجارية والإسلامية في صنعاء بإجراءات صارمة في حال عدم التعامل مع البنك المركزي في عدن على حد قولها.
وفي مقابل عجز حكومة هادي عن تنفيذ أي خطوات على الأرض في ما يتعلق بنقل البنك المركزي، أقدم محافظ محافظة مأرب الموالي لحزب الإصلاح («الإخوان») سلطان العرادة، على تأسيس بنك مستقل تابع لسلطاته لا يخضع للسلطات المالية في صنعاء ولا لسلطات هادي. مصادر محلية في محافظة مأرب، أكدت أن القيادي العرادة استعان بفريق فني استدعاه من الهند أواخر تشرين الأول من العام الماضي، لفك ارتباط البنك الذي يحتجز فيه أكثر من 100 مليار ريال عن صنعاء. ووفق المصدر، فإن العرادة سيطر على كل إيرادات الغاز والنفط في محافظ مأرب التي تتجاوز يومياً 950 ألف دولار ويوردها إلى البنك، بالإضافة إلى مصادرة إيرادات منفذ الوديعة الخاضع لسيطرة الشيخ هاشم الأحمر. الأخير يرفض توجيهات حكومة بن دغر بتوريد الإيرادات إلى بنك عدن، وعوضاً عن ذلك لا يزال يوردها إلى مأرب، برغم أن الوديعة تابعة لمحافظة حضرموت. المصادر أفادت بأن سلطات الأمر الواقع في مأرب، رفضت توجيهات هادي وحكومته بتوريد الإيرادات العامة المنهوبة إلى البنك في عدن رفضاً تاماً، وتقوم بالتصرف بتلك الأموال تحت مبرر مجهود حربي للقوات الموالية لـ«التحالف».
نقلا عن جريدة الاخبار اللبنانية