لا علاقة للمجزرة المروعة في”الصالة الكبرى” بالحرب:
فللحرب مواقعها وجبهاتها وأهدافها ووسائلها المعروفة، والبعيدة كل البعد عن “صالة” عزاء داخل صنعاء، أو غير صنعاء..
وفيما مضى، وماسيأتي من تاريخ الحروب، لم تكن صالات العزاء وقاعات الأفراح هدفاً حربيا أبدا.
حتى المدارس والمستشفيات، وهي ليست أهدافا مشروعة، إلا أن مجرمي حروب قد يطالونها بالقصف لأغراض أو لأخرى، أما تجمعات العزاء أو الأفراح، فليست بين المعروف من شيم المحاربين، سواء كانوا فرسانا أو أنذالاً، أبطالاً أو مجرمي حرب..
لا علاقة لمجزرة صالة العزاء بالبشر:
البشر يحاربون، ويتحاربون، حتى إذا وصلوا إلى نقطة معينة من نزيف الدم؛ أثقل الدمُ ضمائرهم، أو كبح الخوف من عواقب الدم جماحهم، فسارعوا إلى إيقاف المذابح أو بادروا إلى آنهاء الحرب.
إسرائيل، الكيان الحربي الأشهر في هذا العصر، يخوض المعركة حتى يرتكب مجزرة فيسارع إلى إنهاء المعركة، أياً كانت نتيجتها بالنسبة له: هزيمة أو انتصارا.
وآل سعود يعالجون المجزرة البشعة بمجزرة أكثر بشاعة.. وهكذا بلا توقف طوال أكثر من عام ونصف العام.
لا علاقة للمجزرة بالحيوانات:
الحيوانات لا ترتكب مذابح، الحيوانات تقتل من الفرائس ما يكفي لسد جوعها فقط، وإذا شبعت توقفت.
السعودية تقتلنا، في مذابح جماعية، دون هدفٍ، ودون أن تبدو في وارد أن تشبع أو تتوقف.
………………………
لا علاقة للمجزرة بأي شيء..
لها علاقة فقط بكون السعودية آمنة من العقاب..
تقتلنا، وتوغل في قتلنا، لأنها تسترخص حياة اليمني، لدرجةٍ لا تتوقع معها أن أحدا يوماً سيرد عليها فعائلها، أو يحاسبها أو يعاقبها..
وهذا تحديدا هو ما يجعل من مجزرة اليوم، عبئاً إضافيا على عاتق كل يمني أخذ على عاتقه النضال في وجه هذا الصلف المنحط..
لا حٓلّ، ولا حِلّ، ولا حياة، ولا حماية، لليمني، إلا في الموت اختياراً في الجبهات، بدلا من الموت إكراها في صالات العزاء والأفراح.
الموت اختياراً.. حتى الوصول إلى حياةٍ لا تلوثها يد الجريمة السعودية، لا بحروبها الرسمية ولا بإرهابها نصف الرسمي.
………………
المحارب اليمني يقتل قياداتهم العسكرية في الجبهات والمعارك، فينتقمون منه بقتل المدنيين في الآعراس والمآتم..
المحارب اليمني يقتل قائد حرس الحدود السعودي في المعركة، فينتقمون بقتل قاضي المحكمة الجزائية هو وعائلته داخل منزله..
المحارب اليمني ينسف تجمعاتهم العسكرية في “صافر”، تاركا طابورا من الضباط والجنود بين قتيل وجريح، فيردون بنسف حفلة عرس في سنبان، مخلفين عشرات الرجال والنساء والأطفال بين قتيل وجريح.
المحارب اليمني يقتل عبد الرب الشدادي، أحد رؤوس الجيش العميل للسعودية، إلى جانب عدد من ضباطه وجنوده، وسط معركة ساخنة في صرواح، فيردون في اليوم التالي بقتل عبدالقادر هلال، رجل الدولة والسلام باعتراف الجميع، وإلى جانبه مئات المدنيين داخل صالة عزاء بصنعاء!
فمن هو الآدمي هنا؟ ومن هو المسخ؟
من هم البشر المتحضرون؟ ومن هم المتخلفون؟
من هم المحاربون الشجعان، ومن هم الجبناء الأندال؟!
…………….
هم الغباء لولا أن لديهم أسلحةً ذكية
هُمُ الجبن لولا أن لديهم صواريخ موجهةً عن بعد
هم الانحطاط لولا أن لديهم طائرات
هم العمى لولا أن لديهم جواسيس
هم الكُساح لولا أن لديهم مرتزقة
هم العجز لولا أن لديهم مالاً
هم الهزيمة لولا أن لديهم أرصدة
هم الفشل لولا أن لديهم شيكاتٍ
هم الرخص لولا أن لديهم نفطاً
هم العُهر لولا أن لديهم حرماً وديناً وفتاوى وشيوخاً
هم القماءة لولا أنهم يرتدون وجوهاً آدمية
………
رحماك يا الله بأرواح الشهداء
ولطفك بالجرحى
ورأفتك بذوي الضحايا.. فالفاجعة كبيرة، والمصاب عظيم
عشرات الجثث، محروقة، لم يتم التعرف عليها حتى اللحظة
عائلات لا تزال تجهل مصير أقارب لها كانوا هناك
ولازلت أبحث عن أصدقاء لي لا أحد تعرف على مصيرهم خلال الساعات الماضية.