امين الوائلي
أفضل ما تملك المملكة أن تفعله الآن هو أن تنتشل نفسها من مستنقع وخطيئة حرب اليمن وتلتفت لمواجهة ما يتهدد وجودها.
فالذين دفعوها وأمدوها بالأسلحة والذخائر ودافعوا عن ممارساتها وجرائم الحرب والانتهاكات اليومية والمجازر الجماعية ضد اليمنيين وتدمير اليمن وغزو أراضيه والغرق أكثر فأكثر في ورطة عدوان استنزافي ومغامرة طائشة على مدى قارب العامين، هم الذين ينصبون لها المشانق وهي من ساعدتهم ومكنتهم من رقبتها.
بينما تفرغت المملكة وفرغوها لإشعال الحرائق والصراعات والحروب حولها شمالا وشرقا وجنوبا وأفرغت خزائنها على ذلك مستقوية بأموالها وبأسلحة ودعم ودفاع أمريكا خصوصا، ولم تصحُ من سكرة وطيش الاندفاع والانخداع، فإنهم يتفرغون الآن لمملكة منهكة؛ أفرغت محيطها الجواري من الأشقاء الحلفاء والأصدقاء واستعدت الجميع واستنزفت جيوشهم ودولهم واقتصاداتهم. وخلال ذلك استنزفت خزائنها وقواها، في معارك عبثية انصرفت إلى دعم وصناعة الفوضى والجماعات المسلحة والحروب الداخلية، وفي تأجيج الصراعات والنزاعات والنزعات المدمرة طائفيا ومذهبيا باسم مواجهة المد الإيراني الفارسي.
وكانت النتيجة أنها من أثخنت بلاد العرب ودولهم وكسرت جيوشا قوية كانت بمثابة درع لها ومدافع عنها. ولم يضر هذا كله إيران، التي تقوت واستقوت بإضعاف المملكة للعرب الأقرب واستنزافهم. وما ضر طهران فعل الرياض ببغداد أولا ودمشق فصنعاء.
بقيت وحيدة منهكة ومستنزفة بقدر ما أنهكت واستنزفت الأقارب والمحيطين الأشقاء. ونجاحها المشهود والوحيد كان في تحويلهم إلى خصوم وأعداء. وأنفقت أموالها الطائلة فكانت وعادت عليها حسرة ووبالا. فهل تراهن على عنتريات مليك المنامة التي تحرس له قصره؟ أم تعول على جيوش مشيخة الغاز المسال في دوحة المونديال؟
وليتها تتوقف عند هذا الحد وتدرك نفسها قبل فوات الأوان. وليتها تدرك أن عشرات الممالك والدول والدويلات قامت وسادت وبادت في بلاد الحجاز ونجد، واليمن هي اليمن من قبل ومن بعد. خطر الفناء يتهدد المملكة الطارئة ولا يتهدد التاريخ .. المضارع .. المستمر.
تكسرت وسوف تتكسر عاصفة حرب المملكة وتحالفها الخطيئة ضد اليمن، لكن المملكة نفسها ليست محصنة ضد عواصف هوجاء تتحينها وتتنازعها وتتنافسها من كل اتجاه. فماذا هي فاعلة؟