تناولت مجلّة “ذي ايكونوميست” الصراع الصامت بين “المحمّدين” على العرش السعودي، وأعادت التذكير بحظوظ ولي العهد، محمد بن نايف، في منافسة ولي ولي العهد، محمد بن سلمان، نجل الملك الحالي، على مرتبة الحكم الأولى في المملكة. وعادت المجلّة إلى المرحلة السابقة، حين كانت “الشكوك” و”الاحتمالات” تحوم حول التتويج المتوقّع لبن نايف، وتحديداً قبل “نحو عقد من الزمن”، حين كان يظهر بن نايف بوصفه “الأمير الشاب، صاحب التوجّهات الإصلاحية”، شديد العزم على “تأمين مستقبل المملكة”، لا سيما وأنه “الذكي، والطموح، والمحنّك في التعاطي مع وسائل الإعلام”، وهو الأمير السعودي الموكل إليه “التعامل مع أكثر الملفّات إلحاحاً في البلاد”، أي الإرهاب.
كما أولت المجلّة البريطانية اهتماماً خاصّاً بمجريات الأحداث في الآونة الأخيرة، حيث تمّ تعيين بن نايف ولياً للعهد، بعد أربعة أشهر من تبوّء عمّه، سلمان بن عبد العزيز، سدّة العرش السعودي، الأمر الذي يعدّ “تحوّلاً جذرياً” في التقليد المعمول به في انتقال العرش بين أبناء الملك المؤسّس، عبد العزيز آل سعود، ممن لا يزال عدد منهم على قيد الحياة، لصالح “القفز الجيلي” نحو تبوّئه من قبل أبناء الجيل الثالث، من الأسرة الحاكمة، على نحو يجعل من الأمير البالغ من العمر 57 عاماً، الوريث “الرسمي” القادم لعرش المملكة، وفق المجلّة.
وتابعت المجلّة، في التقرير الذي جاء بعنوان “لعبة العروش الحقيقية: ولي العهد يقف حائلاً بين الملك ونجله المفضّل”، بالقول إن مسألة حسم هوية المرشح القادم لحكم السعودية لا تبدو على درجة عالية من الوضوح اليوم، بعدما اقتحم الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 31 عاماً، والذي يصغر ابن عمّه بكثير، المشهد السعودي خلال العام الماضي، كوزير للدفاع، وكولي لولي العهد، “مكلّف بفطام المملكة عن (عائدات) النفط”، خصوصاً وأن الأخير نجح في سرقة الأضواء من بن نايف، من خلال وعوده بإجراء “إصلاحات جذرية”، ونظراً إلى كونه يحظى بتزكية الملك سلمان، ليكون “خليفته المباشر”.
وبحسب “ذي ايكونوميست”، فمن غير المرجّح أن يسلّم ولي العهد محمد (بن نايف) بفرضية تهاوي حظوظه، وارتفاع حظوظ الترتيبات المشار إليها لتتويج بن سلمان كخلف لوالده، لا سيما وأنه مرّ بظروف وتحدّيات قاسية من قبل، على غرار محاولة الاغتيال التي تعرّض لها في العام 2009 على يد أحد عناصر تنظيم “القاعدة”، والتي أسهمت في “تعزيز سمعته” على صعيد محاربة التنظيمات الإرهابية. فالأمير محمد بن نايف، أو “أم بي أن”، كما هو معروف في الأوساط الديبلوماسية، “مثّل المملكة العربية السعودية في اجتماع زعماء العالم في الجمعية العامّة للأمم المتّحدة” في نيويورك، مما أسهم في “التخفيف من وطأة التكهّنات بشأن تهميشه لصالح ابن عمّه الشاب”. على هذا الصعيد، لفتت المجلّة البريطانية إلى أنه، “وعلى الرغم من أن مثل هذه التكهّنات يعدّ من المحرّمات داخل المملكة، فالسعوديون يهمسون بشأن وجود دسيسة أو مكيدة ما تجري في القصر”، مشيرة إلى أن أمراء الأسرة السعودية يحترمون بعضهم في العلن، “ولكن علامات التوتّر (فيما بينهم) تكثر وتزداد”. من غير المرجّح أن يسلّم ولي العهد بفرضية تهاوي حظوظه
وقد ركّز التقرير على التدخّل السعودي العسكري في اليمن، الذي “تباهى” فيه محمد بن سلمان، كإنجاز شخصي له بادىء الأمر، بعد أسابيع قليلة من تولّيه منصب وزير الدفاع، سواء في لقاءاته مع “جنرالاته” ووسائل الإعلام، أو في زياراته الخارجية، وذلك قبل أن تتّضح “رداءة” هذا التدخّل و”شراسته”، ويتمّ تظهيره على أنه “قرار جماعي”، من أجل تقاسم الأعباء المترتبة عنه بين أفراد الأسرة الحاكمة. وفي هذا الإطار، تنقل “ذي إيكونوميست” عن الباحث في معهد “بروكينغز”، بروس ريدل، قوله إن “الملاحظ هو عدم مسارعة محمد بن نايف للقول نعم، هذا صحيح”، في إشارة إلى قرار الحرب في اليمن..