عبدالملك العجري
يمثل محمد اليدومي رئيس الهيئة العليا للإصلاح النموذج الأبرز للسمات والخصائص التي لازمت التجربة السياسية لحزب الإصلاح والتي تتميز بفائض البرغماتية الميكافلية والجسارة على “النط السياسي” بين المتناقضات, ويمارس السياسة كلاعب الشطرنج يمكنه اللعب في اكثر من اتجاه وفي اتجاهات متعاكسة دون ان يشعر بأي حرج أخلاقي, واللحظة النفعية هي التي توجه وتضبط سلوكه السياسي الذي يصدر فيه لا عن رؤية او تنظير سابق وإنما تبرير لاحق ومحاولة القبض على موقف ثابت للإصلاح كمحاولة القبض على ذرات الزئبق المنثورة على الأرض.
وعلى نفس المنوال لا يكتفي اليدومي في بيانه الأخير بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين على تأسيس الإصلاح بتبرير تناقضات مواقفه بل يذهب اكثر من ذلك الى إعادة تعريف حزبه جملة ليتكيف مع تحولات اللحظة النفعية الراهنة .
وفي تناقض صارخ مع المواثيق والادبيات الخاص بالحزب ونظامه الداخلي يؤكد اليدومي على ان الإصلاح حزب سياسي فحسب ويصر بشكل مثير للشفقة على نفي أي علاقة تنظيمية او سياسية تربطه بالتنظيم العالمي للإخوان
هذا الانقلاب على الذات ليس حالة تجديدية ومراجعة ذاتية واعية بقدر ما هي استجابة تكيفية للحصول على رضى ولي النعمة الجديد وتأكيد على نقل الولاء من المرشد الأعلى للإخوان الى ولي امر المسلمين وملك الحزم كما تنعته مواقع الإصلاح .
اليدومي هنا كمن يحاول حجب الشمس بغربال او كالنعامة التي تختبئ بدس راسها في الرملة مع إبقاء جسمها مكشوفا ,فمراجعة بسيطة للنظام الداخلي لحزب الإصلاح كفيلة بفضح تناقضاته .
اليدومي يقدم الإصلاح حزبا سياسيا في حين ينص النظام الداخلي على انه “حركة إصلاح اجتماعي ودعوة إحياء وتجديد فكري، ومحضن تزكية وتهذيب فردي، وهو تنظيم سياسي شعبي مفتوح لكل المؤمنين بمنطلقاته وأهدافه الملتزمين بنظمه ولوائح”
وفي وقت ينفي أي صله له بالإخوان يُعرف النظام الداخلي التجمع اليمني للإصلاح حركة إصلاحية يمنية جامعة.
تشكل امتداداً حياً لحركة التجديد والإصلاح الناهضة في تاريخنا الحديث، التي قامت لتـزيل عن الفكر الإسلامي غبار عصور الانحطاط، وعن المسلمين روح السلبية والتواكل. حركة تقدم إلى الواقع نموذجاً حضاريا جديدا ينبثق عن منهج الإسلام الشامل، ويبني مجتمعاً يمثل أرقى صورة التقدم والتجديد .. تجديد ينبت في تربة هذه الأمة، ويروى بمائها، ويحفظها من الذوبان والانحلال. حركة تُشكل الوعاء التنظيمي لتيار الصحوة الإسلامية المتنامي بما يضم من جماهير واسعة ورموز وأعلام لهم سابقتهم في العمل الوطني والثورة اليمنية”
كان على اليدومي ليتحلى بقليل من الحصافة وحتى لا يتناقض مع نفسه ان يدعوا لمؤتمر عام لحزبه ويعيد تعريف حزبه في وثائقه الأساسية هنا يمكن ان يكون كلام اليدومي مقنعاً، ولا اعتقد انه بهذه الخطوة يمكنه استغفال “ال سعود” ولا الحصول على ثقتهم وعلى العكس تعزز من حالة عدم الثقة به وتكشف حالة الاستعداد للتنقل بين المتناقضات .