عصام محمد القدسي
لا شيء أسوأ من قتل طموحات وآمال الاجيال، فحصول خالد طلال العبسي من أوائل كلية الهندسة على وظيفة في شركة الاتصالات اليمنية ، غدا ضَرْباً من المستحيل، خاصة أن الوظيفة في الشركة بعد قيام ثورة 2011م تخضع للولاءات والانتماءات السياسية أو القبلية أو المصلحة كما يقول ، وأيضًا ما كان له نصيب في ديمومة المشاريع المؤقتة التي عمل بها.
خالد العبسي من محافظة تعز عزلة الاعبوس 28عاماً، حاصل على شهادة البكالوريوس في تكنولوجيا الاتصالات من جامعة عدن 2010 م .
بعد قيام ثورة 2011 قدم خالد طلب عمل في إحدى شركات الاتصالات بالعاصمة صنعاء وظل يركض خلف سراب الوعود الزائفة لمدة 9 أشهر ، تلاشى الأمل لديه وعاد الى تعز للبحث عن عمل هناك ، وعندما بدأت الحرب اضطر للعودة الى قريته حيفان الاعبوس ليقوم بمشروع تربية النحل، وإنتاج العسل، بعد أن نفض يديه من الحصول على عمل في وضع بلد بالغ التعقيد.
يقول خالد العبسي :» تخرجت من الجامعة محملًا بآمال في إيجاد وظيفة في مجال تخصصي، بعد أن شجعني الأهل والاصدقاء ، بالحديث عن الفرص التي تنتظرني في العاصمة صنعاء «.
يضيف:» بدأت رحلتي في البحث عن فرص عمل والأبواب موصدة أمامي، بحجة محدودية شركات الاتصالات في اليمن وقلة الفرص في مجال دراستي».
عمل العبسي في مهن عديدة يذكر منها: مدرب حاسوب، ثم عمل في مركز للانترنت، إلا أن حصوله على وظيفة دائمة غدا ضَرْباً من المستحيل.
دخل خالد في حالة نفسية سيئة عندما رأى تعبه وجهوده التي ارهقته على مدى 4 سنوات من الدراسة ، تتناثر في بلد أرهقته الحرب ، نصحه مؤخرا احد أصدقائه بأن يشتري خلية للنحل ويعتني بها، من باب التسلية وإشغال أوقاته، وأن يكون إنتاجها لاستهلاك البيت».
وبالفعل وجدها العبسي «فكرة لا بأس بها»، وهو دائم البحث عن أفكار ومشاريع تشغل أوقاته.
في جانب منزله في منطقة حيفان، محافظة تعز، وضع خلية للنحل، تحتوي الخلية الواحدة على 10 آلاف نحلة كما يقول احد العاملين في هذا المجال وسط الأشجار المثمرة والأعشاب ، تغلب خالد على نقص الخبرة وعدم الدراية الكافية بتربية النحل بجمع معلومات عن تربية النحل من ذوي الخبرة في المنطقة ، حتى تعلم القليل في تربيتها، وسعد كثيرا عندما أخرجت الخلية في موسم الحصاد الكثير من العسل.
يشعر خالد من حين لآخر بالندم على دراسته، وجهوده خصوصا عندما اقتربت المواجهات المسلحة من منطقة حيفان الاعبوس بين أطراف الصراع يقول:» العلم والشهادة شيء جميل، لكن أحياناً انجد انفسنا عاجزين وحزانى على تعبنا واحلامنا التي داستها عجلة الحرب «، وينصح من يبدأون طريقهم بالبحث عن التخصص الذي يفيدهم، بعد أن يقرأوا حاجة سوق العمل جيدًا». وعدم الركون الى الاوضاع القاسية التي تقود لليأس والإحباط».
يذكر خالد العبسي انه تعلم من تربية النحل خلال عام ونصف الصبر والتنظيم، وقوة التحمل « تربية النحل متعة كبيرة، يشكّل النحل منظومة ربانية في تنظيمه ونظامه الخاص».