هايل المذابي
“مسامرة الموتى” عنوان الرواية الصادرة ضمن سلسلة روايات الهلال الشهرية للكاتب الروائي محمد الغربي عمران بتاريخ 15 / 8 / 2016.
محمد الغربي عمران ولد عام 1958 وهو من كتاب القصة القصيرة .. روائي وسياسي يمني معروف بروايته المثيرة للجدل ” مصحف أحمر ” وهو أيضا وكيل سابق لصنعاء ولد في مدينة ذمار اليمنية ودارس للتاريخ وحاصل على درجة الماجستير في نفس التخصص ، كتب خمس مجموعات من القصص القصيرة بدءاً بالشراشف 1997 ، وقد ترجمت قصصه إلى اللغتين الإنجليزية والإيطالية ، ولقد وردت في مختارات للغات الأجنبية مثل ” البرتقال في الشمس ” 2007 و ” وبيرل ديلو اليمن ” 2009 ،هذا وقد نشرت رواية مصحف أحمر لأول مرة ببيروت
عام 2010 حيث تناولت الرواية المشاكل الاجتماعية الشائكة مثل قضية التطرف
.
الغربي حائز على جائزة الطيب صالح عن رواية ” ظلمة يائيل ” وترأس عدداً من المناصب منها عضو مجلس نواب سابق ، عضو كتاب أسيا وأفريقيا ، عضو الرابطة العربية للقصة القصيرة ، عضو الأمانة العامة لاتحاد البرلمانيين اليمنيين السابقين و رئيس مركز الحوار لثقافة حقوق الإنسان .
تدور الرواية حول بطل أمة يهودية تعلم نقش الحروف ونسخ الكتب على يد رجل مسلم يحتار بين رب أمة وإله معلمة ، في لحظة معينة يؤخذ أسيراً ويلقى في السجن ليبدأ بعدها تحت إمرة الشيعة الفاطمية ليرى شكلاً آخر للدين فتزداد حيرتة ،وتبدأ رحلته في البحث عن شوذب ( ابنة معلمه ) عاطفته الضالة ،التي يبحث عنها ويشك في وجودها ولم ييأس ،واستمر من أجلها في رحلة البحث عن الحقيقة .
يأخذنا الغربي عمران معه في رحلة ممتعة في البحث عن الذات والهوية والحب بالتزامن مع فترة مليئة بالانقلابات والاضطرابات فهي رواية تلامس تاريخ اليمن في فترة ما بين عامى 470 و510 هجرية ،وهي فترة الصراع علي السلطة في اليمن وباقي الدول الإسلامية .
تنفرد الرواية بتكنيك عالي جدا” وهو المزج بين عالمين مختلفين أحدهما ينتمي إلي القرن الخامس الهجري ،والآخر يعود بنا من خلاله للعصر الحالي .
فإن الرواية ما هي إلا أسطورة صنعها الكاتب بخياله لكي تتوازي مع الواقع، وفي رحلة السرد الروائية يتخذ الكاتب خطين يحمل أحدهما خيبة الماضي (بما يكشف الحاضر ويجعل تداعياته أقل إدهاشا ” ) وذلك في المتن الروائي بينما يحمل الأخر هامش هذا المتن حكاية أخرى ترسخ الحالة الثقافية الحاضرة ،وتدور حول موظف يدخل الدار الوطنية للمخطوطات والوثائق بغرض الإحصاء .. لتقع بين يديه مخطوطة تسرد قصة غاية في التشويق فيفتن بها لدرجة تجعله يساير التلاعب في التدقيق ،حتى يتمكن من إخراجها وتصويرها من أجل قراءتها فيتم فصله من عمله وسجنه لمدة أشهر قبل اندلاع ثورة اليمن (ضمن ثورات الربيع العربي ) .
إن التقنية الروائية التي ارتضاها محمد الغربي لروايته تلاعبا” بالزمن يعتمد في شكله الأساسي على موازاة مفترضة بين الماضي والحاضر ،وذلك مع النص السردي المتني ،والنص السردي الهامشي .
تتميز الرواية بلغتها الجمالية الأكثر حضورا” ،حيث استطاع الروائي أن ينتصر لشعرية الرواية من خلال عدد من المواقع اللغوية المتنوعة مستمداً البعد الجمالي للغة، إضافة إلى البعدين الثقافي والاجتماعي .
فهو أسلوب كتابة رائع وأحداث متسلسلة بتناغم ، إن الغربي عمران يتناول التاريخ بصورة أكثر حيوية من غيره من الكتاب فوصف أحداثه لقراءة الواقع الحالي ،وشرح الانحلال والرياء ،الذي يسود العرب وأخيرا” ،فإن الكاتب يرى أن أحداث اليوم هي ابنة شرعية لأحداث تكررت في الماضي .