حوار وتصوير /محمد أحمد الصباحي
Alsabahe2004@hotmail.com
تبقى مدينة سام بن نوح ” صنعاء القديمة ” بمبانيها التي تزيد عن 12 ألف مبنى تاريخي من منازل للسكن وحوانيت للتجارة واستراحات للمسافرين والتجار تعرف بـ ” السمسرة ” والمساجد وغيرها هي الرئة التي نتنفس من خلالها روح الانتماء والهوية الوطنية الثقافية والتراثية وهي كإرث انساني عالمي لها مكانة عظيمة ولذا كان الاهتمام بها والمحافظة عليها مساويا للدفاع عن كرامة الانسان اليمني وأرضه .، اليوم تتعرض مدينة صنعاء التاريخية والعديد من المواقع الاثرية في بلادنا للعديد من الاضرار الكارثية نتيجة الامطار الغزيرة ما يوجب التدخل السريع من الجهات المعنية بالمحافظة على المدن التاريخية والآثار …
العديد من النقاط الهامة حول هذا الموضوع الهام ناقشتها مع المهندس نبيل منصر رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية من أهمها الاضرار التدميرية لأجزاء كبيرة من ” سمسرة ” محمد بن الحسن بن القاسم واستعراض أهم الأسباب التي ساهمت في بطء عملية الترميم والانقاذ السريع للعديد من المواقع التاريخية وأهم المعالجات التي قامت بها الهيئة والجهات المعنية …. إلى التفاصيل:
< تعرضت ” سمسرة ” محمد بن الحسن إلى العديد من الاضرار نتيجة الامطار الغزيرة …حدثنا عن الأهمية التاريخية لهذه السمسرة والدور الذي قامت به الهيئة في إنقاذ ما تبقى من أجزاء متماسكة فيها؟
التاريخ يتكلم !!
سمسرة محمد بن الحسن بن القاسم كانت تحتل مكانة مرموقة قديما ولعبت دورا هاما في الحياة الاقتصادية لليمن بشكل عام فقد كانت بمثابة البنك المركزي وظلت لعقود طويلة من الزمن وهي تمارس هذا الدور وتحتل هذه المكانة وكانت تسمى بيت المال ، كما تعتبر أول بنك مالي في الشرق الاوسط تم بناؤه عام 156 هجري قرابة 400سنة وهي لا تقل اهمية عن باقي “السماسر” التي يقدر عددها بـ والمنتشرة في صنعاء من حيث القيمة التاريخية والاثرية حيث كانت تعتبر اماكن استراحة للرحالة والتجار القادمين للتجارة في صنعاء القديمة ،المبنى يحتوي على 122 غرفة كانت تجري فيها جميع التعاملات المالية وحفظ الودائع متعاقبة منذ انشائها حتى عام 1948 إبان إغتيال الإمام يحيى حميد الدين حيث تعرضت للنهب والسرقة والسلب واحرق جزء منها في ذاك العام.
ملكية السمسرة !!
قامت الهيئة منذ 1990بعمل دراسة لمعرفة الاسباب التي تضررت السمسرة بغرض اعادة ترميمها وتأهيلها وكانت الدراسة شبه مكتملة لكن الهيئة لم تنجح في الحصول على الدعم ، في عام 2000 تم تحديث الدراسة بالتنسيق مع الصندوق الاجتماعي للتنمية وامانة العاصمة ولكن المشروع اصطدم بظهور دعاة ” لملكية السمسرة ” وتم منع هذا المشروع العاجل في حينه من العمل ، بالإضافة إلى عدم توفير التمويل اللازم للترميم، لأن المبنى كبير جدا، منذ سنتين إلى الآن تعرضت السمسرة إلى اضرار جراء الامطار وهذه السنة تعرضت البقايا من المبنى منها انهيار للبرج الجنوبي الشرقي والغربي وبعض الجدران الداخلية.
فريق للطوارئ !!
كان لا بد للهيئة من تدخل سريع وعاجل فتم عمل دراسة للأضرار في الهيئة من قبل عدد من المختصين وتم نزول ميداني بحضور نائب الوزير هدى ابلان وقمنا برفع تقارير فورية عن الاضرار التي تعرضت لها المدينة ليتم بعد ذلك مخاطبة الجهات الدولية الراعية للمدن التاريخية مكتب اليونسكو في قطر كونه المسؤول عن دول الخليج واليمن
وكذا مكتب باريس كما قمنا بعقد اجتماع طارئ تم خلاله تأهيل فريق للطوارئ والتدخل العاجل من هيئتي المدن التاريخية والآثار ليصبح قادراً على القيام بالأعمال الانقاذية والتوثيق للمعالم المتضررة.
< هل هناك احصائية أولية للمواقع التاريخية والأثرية في بلادنا التي تعرضت للاضرار التدميرية جراء مياه الامطار ؟
<< تقوم الهيئة العامة للمحافظة على المدن والمعالم التاريخية بمتابعة اكثر من 12الف مبنى أثري في صنعاء من ضمنها المساجد الحوانيت السماسر مايعرف بالاستراحات حوالي 101مبنى في حارتي الفليحي والعلمي وكانت قد تعرضت سابقا أجزاء منها لأضرار جراء العدوان لتأتي الامطار هذا العام وتزيد من تلك الاضرار بنسبة 20% قابلة للزيادة منها حوالي 16 مبنى في خطر شديد من بين تلك الإحصائيات الأولية التي تعرضت لأضرار جزئية “70 مبنى في صنعاء، 7 مبان في مدينة زبيد التاريخية ، منزلان في شبام حضرموت . 6 منازل في كوكبان التاريخية و غالبية الاماكن الاثرية في الجمهورية لم تردنا منهم احصائيات مثل صعدة وعدن والمحويت.
< كيف تجدون التفاعل من قبل الجهات المعنية بالمحافظة على الهوية الثقافية والتاريخية لهذه المواقع المتضررة سواء كان في السابق أو الآن خاصة بعد توسع رقعة التدمير والأضرار نتيجة الامطار الغزيرة ؟
<< للأسف الشديد توجد لنا آمال وأحلام لكننا مكتوفو الايدي ، و اذا لم نجد الدعم القانوني اللازم فسوف نستقيل من عملنا فالمحافظة على هويتنا الثقافية من خلال المباني التراثية ” مساوٍ” للمجهود الحربي والجبهات فهما يسيرات باتجاه واحد نحن نعمل بدافع الحب والتطوع لأن الامكانات لدينا صفر ولذا نوجه نداء استغاثة للجهات المعنية في مقدمتها المالية والثقافة ، ومجلس الترويج السياحي ، لدى الهيئة مستحقات قانونية لدى صندوق التراث والتنمية فما يعادل 20% من إيراداته مخصصة لنا وكذا 10 % من ايرادات الترويج السياحي بحسب قانون رقم 16 لسنة 2013 بشأن المحافظة على المدن التاريخية ومنذ إصدار القانون حتى الآن الهيئة لم تستلم ريالا واحداً، ولذا كان إنشاء الهيئة لحماية وصيانة المواقع الأثرية ولأنها المصدر الرئيسي للإيرادات فكيف سنعمل على تنمية ثقافية سياحية دون اهتمام ودعم ؟
< ماهي الخطوات الهامة التي ستقوم بها الهيئة في عملية التدخل السريع لترميم الأجزاء المتضررة من تلك المباني التاريخية وتلافي حصول اية اضرار مستقبلية قد تحدثها مياه الأمطار أو اية عوامل أخرى ؟
<< حاليا قمنا بعمل تقرير ومقترح فني ومالي لإنجاز الحصر والتوثيق العاجل للمباني المتضررة من الامطار في صنعاء القديمة بإشراف وإعداد ومراجعة مجموعة من المهندسين في الهيئة ، وفي الأيام القادمة سيتم الاعداد لاجتماع مع العديد من الشخصيات الوطنية الهامة في البلد و الجهات المعنية في المحافظة على المدن التاريخية والتراث والثقافة لمناقشة التمويل المالي اللازم لعملية الترميم والتدخل السريع بالاضافة إلى الحصول على تعاون من القطاع الخاص لتبني دعم المواقع التاريخية التي تدمرت نتيجة الامطار وتستدعي تدخلا سريعا ونأمل من امانة العاصمة باعتبارها الشريك الرئيسي لنا في عملية حماية صنعاء القديمة وتملك امكانات مالية في التدخل السريع ،سنعمل على اصلاح السقوف وتأمين تصريف مياه الامطار ، سنتولى عمل دعامات أولية لتأمين التماسك وسلامة المبنى، وإزالة الجدران المهددة والآيلة للسقوط لتجنب الخسائر البشرية ، وفرز وتلوين مواد البناء التقليدية في المواقع ،صب الجدران بالجبس ، واعادة بناء الاجزاء المتضررة ، تنظيف سواقي المياه لتأمين انسياب مياه الامطار إلى مصارفها..