حوار: نجيب العصار
ماذا عن جديد محادثات السلام التي تجرى الآن برعاية دولية في الكويت؟
لا تزال المفاوضات تراوح مكانها برغم الأجواء الإيجابية التي انطلقت في ظلها، وقد تعمد مرتزقة الرياض تعطيل المفاوضات تحت ذرائع واهية، وبعد أن وجدوا أنفسهم محشورين في زاوية ضيقة نتيجة الموقف العقلاني والمسؤول للوفد الوطني، الذي تقدم برؤية شاملة للحل السياسي والأمني، بعكس الطرف الآخر الذي ظل يدندن على إجراءات أمنية تنطوي على اشتراطات وإملاءات لا يمكن القبول بها في الواقع وإلا لما احتاجت الأطراف إلى التفاوض أصلاً.
ثمة مؤشرات أولية للاتفاق لوضع خارطة طريق للمضي في مرحلة الانتقال السياسي ..ما طبيعتها وأبرز النقاط فيها؟
ما زال من المبكر الحديث عن طبيعة الاتفاق المتوقع، فالمفاوضات لم تتقدم حتى الآن، ولكن الأمم المتحدة ومجلس الأمن ينتظرون من الأطراف اليمنية الاتفاق على خارطة طريق لاستئناف العملية السياسية، ووقف العدوان ورفع الحصار.
وبالنسبة للوفد الوطني فقد عرض رؤيته للحل السياسي والأمني وتحتوي على ثلاثة مسارات: سياسية، أمنية، وإنسانية. وفي المقدمة تثبيت وقف إطلاق النار بشكل شامل، ورفع الحصار وحظر السفر على اليمن وعن اليمنيين في الداخل والخارج.
واشترطت الرؤية التوافق على سلطة تنفيذية جديدة تمثل القالب السياسي لتنفيذ كافة الاجراءات الامنية وغير الأمنية المتعلقة بالسلطة التنفيذية، مع ضرورة التعامل مع مختلف مرجعيات العملية السياسية دون انتقاء، بما فيها اتفاق السلم والشراكة وقرارات مجلس الأمن والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني المتوافق عليها.
الرؤية شددت أيضا على ضرورة تزمين المراحل التنفيذية لكافة القضايا المطروحة للنقاش، بما يفضي الى اتفاق شامل وموحد يتضمن كل القضايا كحزمة واحدة. ولا يعتبر أي توافق حول أي قضية ملزم او نهائي بعيدا عن التوافق على بقية القضايا ، بما في ذلك التوافق على شكل سلطة تنفيذية توافقية.
في النهاية إذا تم صياغة برنامج انتقالي ..ما الضمانات الكافية لمغادرة الحرب والسير في طريق الشراكة الوطنية ؟
– الوصول إلى اتفاق ما يزال صعباً، وتطبيق الاتفاق سيكون أصعب أيضاً، ولا بد من توافر النوايا الحسنة من مختلف الأطراف ومن المجتمع الدولي، لأن الخيار العسكري أثبت فشلاً ذريعاً، ومن مصلحة مختلف القوى والمكونات السياسية أن تمضي في طريق الحل السلمي والشراكة الوطنية في إدارة شئون البلد وتحمل مسئولية تبعات الحرب والعدوان، وسوق البلاد نحو عملية انتقالية تفضي إلى انتخابات رئاسية ونيابية يقول الشعب فيها كلمته.
وبالنسبة للعدوان السعودي الأمريكي، فإن الوفد الوطني يفاوض بيد، بينما الزناد على يد أخرى، حتى لا يستغل العدوان التهدئة كما فعل من قبل.
العدوان فرض علينا الحرب وخوض معركة الكرامة والدفاع عن الوطن وصون سيادته واستقلاله، فإن جنح النظام السعودي للسلم، وإلا فإن الجيش واللجان الشعبية ومن خلفهم صمود شعبي غير مسبوق كفيل بردع المعتدين، والحد من أطماعهم في اليمن حاضراً ومستقبلا.
في تقديرك وتصورك ، لماذا خصص مجلس الأمن الدولي ثلات فقرات من بيانه الأخير الذي يتكون من ست فقرات بشأن مفاوضات الكويت ، لقضية محاربة الإرهاب في اليمن ؟
– ربما أراد المجلس التغطية على المسرحية الهزلية التي حدثت في المكلا الأيام الأخيرة بزعم محاربة القاعدة والإرهاب. ولعل المجلس أراد أن يقول أن الحرب على اليمن ستستمر بطريقة أخرى.
وأيا تكن الأسباب الحقيقية فإن الحرب الدولية على الإرهاب باتت مكشوفة أكثر من أي وقت مضى، وقد تبين أن القاعدة وداعش أدوات تستخدمها وتستغلها أمريكا لخلق ما يعرف بالفوضى الخلاقة باتجاه تفتيت المنطقة وإشعال الصراع بين دولها ومجتمعاتها، ليسهل التحكم في قرارها وثرواتها وتطويع نخبها السياسية بما يخدم المشروع الصهيوأمريكي.
لقد كانت اليمن على وشك التخلص نهائيا من الجماعات الإرهابية . وبفضل الجيش واللجان الشعبية تم دحر القاعدة وداعش من مناطق ومحافظات عديدة في اليمن، لولا أن العدوان جاء في محاولة لإنقاذ الجماعات الإرهابية والقوى التقليدية التي ارتبطت بمصالح غير مشروعة مع الأمريكان وآل سعود.
ومع ذلك إذا كان المجتمع الدولي جادا في محاربة الإرهاب باليمن، فعليه أن يوقف الحرب السعودية على بلادنا، ثم أن جيشنا ولجاننا الشعبية كفيلة بمحاربة الإرهاب وتثبيت الأمن والاستقرار في البلاد.
كيف تقيمون الدور الدولي لإنجاح المفاوضات.. وهل يلبي تطلعات الشعب اليمني؟
– من الواضح أن ثمة اهتمام كبير من المجتمع الدولي بمفاوضات الكويت، بدليل أن سفراء الدول الثمانية عشر متواجدون حاليا في الكويت يتابعون ويراقبون سير المفاوضات، وقد ألتقوا بالوفد الوطني وشجعوا مختلف الأطراف على المضي قدما في المسار السلمي والسياسي، وجاء بيان مجلس الأمن الأخير ليدعم المفاوضات.
لكن هذا لا يعني أن حسابات المجتمع الدولي تصب في المصلحة اليمنية، فربما هم يريدون أن يحققوا بالسلم ما عجزوا عنه بالحرب واستخدام القوة العسكرية، ونستطيع أن نحترم الموقف الدولي إن هو استمر في الضغط على السعودية كي توقف العدوان وترفع الحصار، ومن ثم تتجه الأمور إلى حلول إنسانية وأمنية تدفع بالأطراف اليمنية إلى التوافق السياسي.
برأيكم إلى أي مدى لعبت الدبلوماسية الكويتية باتجاه إخراج المفاوضات اليمنية من عنق الزجاجة وتحقيق انفراجة ملموسة؟
نعم نستطيع القول أن أمير الكويت الذي التقي بالوفد الوطني الأسبوع الماضي قد شجع أنصار الله والمؤتمر الشعبي على المضي في المفاوضات، وصاحب ذلك تراجع ملحوظات للخروقات والغارات العدوانية، الأمر الذي دفع الوفد الوطني لتقديم رؤيته للحل السياسي والأمني قبل أن يفاجأ الجميع بتعليق المفاوضات من قبل الرياض ومرتزقتها.
ولا شك أن السعودية تغار من الدور الديبلوماسي الكويتي، وستعمل على الحد من نجاح الكويت والأمم المتحدة في الملف، خاصة وأن العقلية الحاكمة في الرياض مصابة بالزهايمر من جهة والحماقة من جهة أخرى.
كلمة أخيرة؟
أود القول أن مفاوضات الكويت تأتي على إيقاع انتصارات الجيش واللجان الشعبية والصمود الكبير لشعبنا العظيم، ولا يمكن أن تأتي نتائج المفاوضات على حساب الثوابت أو التضحيات والانتصارات التي تحققت خلال عام وأكثر من الصمود في وجه العدوان.
والعمل السياسي ليس إلا مكملا للأداء الميداني وتتويجاً له، وكما يلوذ الغزاة والمرتزقة في ساحات المعركة، فهاهم يحاولون الفكاك من استحقاق السلام، الذي لا يريدونه إلا مفصلاً على مقاس طموحاتهم في السلطة أو الارتزاق.