حافظ مصطفى
طبيعة الاحتشاد مهما كان مشهده تشكل ضغطا واستفزازا للمحتشِد ضده بغض النظر عن سلطته وقوته وجبروته .
ولعلنا نتساءل عن سر ترك الأسد جزءاٍ من فريسته للضباع أو النسور إذا ما أحتشدت حوله وهو يلتهم الضحية مزمجرا من اية محاولات للحشود الجائعة إذا ماحاولت التقدم لمشاركته وينتهي المشهد بانسحاب الأسد حاملا جزءاٍ من غنيمته تاركا أشلاء من الفريسة للحشد الذي انتظر بإصرار طويل وصبر عجيب.
والحشد الإنساني تعبير عن اتفاق على هدف أو عدة أهداف وبحسب سلم الاحتياجات الإنسانية للعالم (ماسلو) فإن الهدف الأول للحشد هو ( الأمن ) ومعنى الأمن في سلم الاحتياجات الإنسانية هو حفظ الجسد من الهلاك أي درء خطر الموت والهدف الثاني هو الاحتياج الفسيولوجي أي الطعام والتزاوج ( الجنس ) والهدف الثالث هو البحث عن جماعة ثقافية اجتماعية لينتهي اليها الفرد ( الشعور بالانتماء ) والهدف الرابع هو تحقيق الذات أي اين موقعي في المجتمع ¿ وهذا السلم متدرج التحقيق أي عندما يلبى احتياج ينتقل الفرد إلى الاحتياج الذي يليه وهكذا فلا يمكن للمرء أن يبحث عن الطعام والجنس وهو في لحظة يشعر فيها بأنه مهدد بالموت وهكذا . وبالمقابل يرى بعض علماء الإعلام في سلوك المحتشدين طباع الأنثى فالحشد تتغلب عليه العاطفة والهياج العصبي بل أن الإناث حين يقفن في مكان عام يلاحظ وقوفهن ملتصقات ببعضهن على عكس طبيعة احتشاد الرجال إلا ان شدة تقارب الأجساد بضغط الاحتشاد في مكان جغرافي يجعل للسلوك العام للحشد صفة الأنثى بمعنى بعيد عن الرقة والدعة واللطف.
والمفارقة أن الفرد لا يمتلك الجرأة ذاتها التي يشعر بها في نطاق الحشد لهذا تسعى السلطة لتفريق الحشود بشتى السبل الممكنة هربا من ضغوط الجموع الهادرة ويبقى الرهان على مدى صمود مجتمع الحشد حتى ترحل السلطة كما يرحل الأسد عن موقعه متراجعا عن (حقه) في السيادة!..