حسين البكري
غادرنا العاصمة الافريقية «أ – أ» وبعد ساعات توقف باصنا السياحي في قلب قرية نائية فقيرة نزلنا للاستراحة ولتناول وجبة الغداء واستغربنا كسياح أجانب أن جميع أدواته وأثاثه صناعة يدوية من أخشاب الغابة وكانت كمية اللحم ورائحة الشواء يسيل لها اللعاب وبعد أن ملأت معدتي حمدت الله وخرجت اتعرف على المكان فسد طريقي باعة الفاكهة من الأطفال: اشتريت واعطيتهم ووجدت رائحة المانجو ألذ من طعمها وشربت عصير حبة أناناس طازجة.
ومن قرب شاهدت تجمعاٍ للقرويين الفقراء اقتربت وشاهدتهم يتزاحمون أمام باب ما يسمونها «السينما» جدرانها من الطين وبابها مصنوع من خشب شجر الغابة ورأيت صورة كبيرة لأبطال الفيلم الهندي وبالألوان معلقة على جذع شجرة ضخمة وكانت الفتيات الفقيرات يزاحمنني ويتوسلن أن اشتري لهن تذاكر دخول وهي عبارة عن قطع كرتون عليها كتابة باللغة المحلية.. دخلت وأصابتني صدمة الدهشة ليس بداخلها مقاعد ولا مراحيض ولا بوفية لتقديم الخدمات والسندوتشات أو العصيرات بل رأيت من يجلس فوق الحجارة المصفوفة بطريقة مضحكة البعض احضر معه عيدان قصب السكر يمص ثم يتفل فوق الأرضية الترابية ورأيت امرأة عجوزاٍ بصحبة كلبها الأسود وشاشة السينما عبارة عن حائط طين مدهون بالجير الأبيض.
رأيت طفلا يتبول أسفل الشاشة وبعض مشاهد الأحضان والقبلات الساخنة واصيبت قدرتي على الفهم بالضغط حين رأيتهم جالسين راضين على واقعهم حتى بعد سقوط المطر الغزير فسقف السينما مكشوف وبارد جداٍ وأجسامهم شبه عارية وكدت أنسى باصنا السياحي وعدت إلى حيث كان واقفاٍ فلم أجده!! لقد غادر وتركني وحيداٍ حائراٍ تحت المطر!!