ظلت المرأة اليمنية طيلة الستة العقود الأولى من القرن الماضي حبيسة البيت ورهينة لعادات وتقاليد اجتماعية جائرة حدت من دورها ومشاركتها في جوانب الحياة المختلفة حتى غدت النساء في بلاد السعيدة بلا سعادة!!
ومع اندلاع ثورتي سبتمبر و أكتوبر و ما رافقهما من تغيرات ساهمت في تغيير بعض المفاهيم وتقبل المجتمع مشاركة أوسع للمرأة وبدأت المرأة اليمنية تستبشر خيراٍ بضوء الحرية القادم كما بدأت العادات والتقاليد المقيدة لحرياتهن والجاثمة على أنفاسهن تتراجع يوماٍ بعد آخر لصالح العلم والمدنية والديمقراطية بطريقة لا تتعارض أبداٍ مع قيم وثوابت الوطن.
وخلال العامين الماضيين ومع تدهور الاوضاع في البلاد ورغم حضور المرأة اللافت في الحراك السياسي و نزولها الساحات للمطالبة بتغيير النظام و تحملها لأعباء المرحلة حتى بلغ عدد النساء اللاتي استشهدن خلال الثورة الشعبية ثماني عشرامرأة.. إلا أن المرأة وكما جرت عليها العادة تظل الأكثر تضررا والأقل استفادة من كل الأحداث ..
استطلاع/ سوزان منصور
و ها نحن نتحدث عن حوار وطنيوضرورة إشراك النساء فيه بنسبة تتناسب مع حضورها في الثورة الشعبية ونسبتها السكانية التي تصل إلى52% إلا أن هذا الحضور لا زالت تدور حوله كثير من الاسئلة من حيث نوعية المشاركة و القضايا التي ستطرحها النساء وستدافع عنها في مؤتمر سيحدد مستقبل اليمن القادم..
البداية كانت مع لينا منصور قيادية في ساحة التغيير في الحديدة قالت لنا:
مشاركة المرأة في الثورة مكنتها من تلقي الوعي المحظور سابقاٍ عن الحق في الحياة والعيش بكرامة والمطالبة بشراكة مجتمعية بصورتها المْثلى فضلاٍ عن أن الثورة منحت المرأة الحياة في فقه آخر اسمه فقه الثورة على الظلم والجهل والمرض والموت إهمالاٍ وزراعة الأمية والعنف والإقصاء والتجهيل فحضورها كان لأجل الوطن بدليل ذلك الزخم الذي شهده العالم وبالنسبة لدورها في الحوار من حقها الحصول على حق متساو من حيث المقاعد والحقوق وكما أن عليها واجباٍ فإن لها حقا فأنا ضد التهميش لها وأتمنى أن تكون الحصص مناصفة.
وتضيف صديقتها نجوى: في بداية الثورة كان عددهن لا يتجاوز الثلاثين امرأة ويوماٍ بعد يوم تضاعف هذا العدد بصورة مدهشة وإذا بمسيرات النساء توازي مسيرات الرجال عدداٍ وهتافاٍ كدليل ناصع على عزيمتها واصرارها على مقاومة كل الجهود المبذولة لتهميشها ولإيمانها بحقها ودورها في انجاح هذه الثورة وإذا سألت امرأة عن سبب وجودها في الساحة¿! ستجيبك مباشرة بأنها جاءت من أجل إزالة الظلم والفساد ولا يهم إذا تعبنا ما دمنا ماضين في رؤية يمن جديد بدليل قرب موعد الحوار واعطائها 30% وبالنسبة لي هذه النسبة غير مرضية لكن أين كنا وأين نحن¿
اللافت للنظر أن دور المرأة في الثورة لم يقتصر فقط على الفتيات والسيدات اللاتي شاركن في التظاهرات بل هناك أيضٍا الأمهات الحكيمات اللواتي ربين ابناءهن تربية جيدة وزرعن بداخلهم الأخلاق والانتماء وحب الوطن.. حتى المراة الريفية استطاعت أن تكون عنصرا فعالا في إنجاح الثورة فكانت مساهمتها قوية في تقديم الخدمات الكبيرة التي كانت الثورة بأمس الحاجة إليها فمدتهم بالكعك المنقوش بعبارات التحفيز الداعية إلى رحيل النظام والبعض منهن لم يكتف بذلك بل أتت رغم المشقة وبعد المسافة إلى ساحات التغيير..
المرأة كشريك فاعل
ابو حسين من اقدم الثوار في ساحة التغيير اضاف لنا:
لعبت المرأة دورا مهما ومازالت تلعبه في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ اليمن فالنساء يشاركن بشكل أو بآخر في مجرى الأحداث الراهنة وبمشاركتهن يؤكدن انهن يؤمن بمعنى الشريك الفاعل في عملية صنع القرار وإنضاجه ومجرياته هذه المشاركة المتميزة جعلت دور المرأة يتصدر واجهات الإعلام والاهتمام الواضح بقوة وفاعلية دورها الذي كان دافعا للرجل إلى عدم التراجع والتصميم على المواصلة لتؤتي العملية ثمارها وهو ما حصل واقعاٍ فعلياٍ لم يتردد عدد من النساء من المشاركة في المسيرات والخروج إلى الشوارع المنتفضة ورفع أصواتهن ضد النظام..فقد كانت المرأة ولا تزال سنداٍ للرجل فى الثورة وجزءاٍ منه..شعرت كل امرأة ساندت هذه الثورة أن عليها دورا ولابد أن تؤديه أثبتت المرأة أن ولاءها للوطن فاق ولاءها الحزبي بل هو جهاد وهذه هي فرصتها التي تؤدي فيها واجبها تجاه الوطن الجهاد فدورها العظيم سجله لها التاريخ كما سجل دور الرجال وأما لإشراكها في الحوار حازت على نسبة مناسبة كافأت حقها النضالي طيلة العام السابق .
ثورة لأجل الوطن لا الحزب
اخبرنا العسيلي باختصار:الجميل هنا من خروج المرأة هو اصرارها وولاؤها للوطن وليس للأحزاب فقد كان الجميع يداٍ واحدة بغض النظر عن أوجه الاختلاف في الآراء والسياسة المتبعة إلا أن الثورة أحيت حب الوطن وزرعت مفهوم العيش بكرامة وحرية وكبرياء انسان حضورها الفاعل في الثورة هو نفسه الذي سمح لها بحق المشاركة في الحوار بنسبة عالية جدا بـ30% لم تكن تطمح إليها المرأة قبل الثورة ومشاركتها في مخرجات الحوار ستبشر بغد أفضل تزهو به الفتاة اليمنية حتماٍ.
ثورة مزدوجة
وتقول افراح ناصر ناشطة ومدونة يمنية تعيش في السويد:
لقد دهشت كثيراٍ للأعداد المتزايدة من المتظاهرات اليمنيات خلال هذه الثورة فالأمر بدأ كله ببضع سيدات ليرتفع العدد يوماٍ بعد آخر فالآلاف من اليمنيات شاركن في هذه المظاهرات في أنحاء مختلفة من البلاد كما لا يمكننا أن ننسى الدور المهم الذي لعبته الطبيبات اليمنيات في معالجة الجرحى والناشطات في التوعية بواقع الوضع السياسي في اليمن شاركت المرأة في هذه المظاهرات رغبة منها في تحسين أوضاع وطنها ومجتمعها وشعبها فلطالما كنت أرغب بثورة مزدوجة في اليمن الأولى لإسقاط النظام والثانية للتأكيد على ضرورة منح المرأة اليمنية حقوقاٍ مساوية للرجل ولاعلاقة لها بالانتماء الحزبي هنا فباعتقادي الوطن فوق كل اعتبار فبخروجها وقوفها أثبتت أنها تقف في وجه عادات وتقاليد بائدة حدت من حريتها واشراكها في الحوار واجب مفروض فهي بحاجة إلى رفع مظالمها وشكاواها كونها ترغب في العيش في مجتمع كاد يخنقها ويمنعها من العيش برفاهية.
الشجاعة والحرية والكبرياء..
حسن دمنة ناشط حقوقي أخبرنا : لن اتحدث عن المرأة التي خرجت إلى الساحات تطالب بتغيير النظام الفاسد ولكن لو سنحت لي الفرصة لكتبت عنها مجلدات فهي المرأة التي ما اكتملت الثورة إلا بها والمرأة لا يقل دورها عن الشباب فهي من قامت بالدور الطبي وتقديم الكعك والدعم اللوجستي وكانت في الحماية الأمنية لها دور بارز شاركت في المجال التوعوي ولولا التقاليد الاجتماعية لكنا شاهدنا النساء يتفوقن على الرجال في ساحات التغيير ..
وأضاف: رأيت في المرأة روح الشجاعة وصوت الحرية وكبرياء العزة وشموخ الكرامة ولا ننسى تلك المرأة التي تعمل بصمت لمحاربة كل فاسد وكم كان لها دور بارز في تطبيب الجرحى ..ولم تسلم المرأة من انتقادات البعض ولكنها أصرت على التحدي السياسي الذي يفرضه الواقع وعضويتها في الحوار حق من حقوقها المفروضة كونها النصف الأول من المجتمع كما تعتبر مشاركتها هي الفرصة التي يجب أن تضع فيها كيف ستكون المرأة في اليمن.
شهيدات الثورة ..
سهام علوي تختصر قائلة نضالات نساء تعز خاصة واليمن اجمع قدمن أرواحهن فداءٍ للثورة ولحلمهن في بناء يمن حديث حصلنا بفضلهن على لقب الحرائر وهن حصلن على وسام الشهادة تقبلهن الله من شهداء الوطن وقبلة على الجبين لكل الشهيدات الذي بلغ عددهن ثماني عشرة شهيدة فالتحول الجذري لليمن هو من صنع من قدموا أروأحهم واشراك الطرفين في الحوار هو حق من حقوق المواطنة.
المشاركة في الحوار ثمرة المشاركة في الثورة!
لبنى الكثيري إعلامية صرحت لنا : مشاركة المرأة لم تقتصر على الساحة والثورة بل استمرت لحصول نسبة عالية في الحوار الوطني فالنسبة التي حققتها30% تعتبر إنجازا كبيرا وحقا من حقوقها فرضه حضورها الفاعل فدورها هنا هو المكمل الأساسي للإنجازات العظيمة التي سيحصل عليها الوطن في القريب العاجل كما نطالب كل المشاركات بوضع رؤية حقيقية تنصف حقنا كنساء كما لاننسى أنها شاركت في صنع الطعام لشباب الساحات والتبرع لهم بالمال تارة وبالدم تارة أخرى وأخريات دفعن ابناءهن وازواجهن للساحات وليس هذا فحسب فقد شاركن أيضاٍ في العمل التطوعي ضمن اللجان الموجودة في الساحات كلجنة النظام والإعلام والخدمات وعملن في المستشفى الميداني لمعالجة الجرحى والاعتناء بهم ونقلن أسمى وأروع صور التضحية الثورية التي رْسمت على جبين الوطن ..
وختاماٍ
التاريخ اليمني يفخر بمسيرة كوكبة كبيرة من النساء اليمنيات المناضلات اللواتي رفضن الظلم وما لا يخفى على أحد هو أن هذه الثورة صناعة شعبية شاركت فيها كل شرائح المجتمع وعلى رأسها المرأة فلم يمنع النقاب والثقافة التقليدية المرأة اليمنية من المشاركة في فعاليات الثورة الشبابية السلمية ضد النظام السابق التي انطلقت في النصف الأول من فبراير2011م وكان للمرأة دور فاعل فيها فهل سيستمر دورها الفاعل في المرحلة القادمة¿ وهل ستحافظ على مكتسبات وثقتها المبادرة الخليجية و القرار الأممي الخاص باليمن بضرورة مشاركة النساء و تواجدهن الحقيقي في مختلف جوانب الحياة¿ سيتضح الأمر في مؤتمر الحوار وما سينتج عنه من قرارات تعزز وجود ومشاركة المرأة في كل مناحي الحياة خاصة في مواقع اتخاذ القرار التي ظلت حكرا على الرجل حتى في ظل تواجد النساء..