تمر بلادنا بمرحلة تاريخية هامة حرجة تتطلب من كافة أبناء البلد التعاون البناء الصادق من أجل الوصول بالبلد إلى مخرج آمن من الفتن التي تتربص بأبنائه ليل نهار …. وفي ظل هذه المرحلة بالغة الحساسية تعد العدة لعقد مؤتمر الحوار الوطني الوطني الذي يفترض أن يكون سبباٍ لحل كثير المعضلات التي تعاني منها البلاد.
حول هذا المؤتمر ما له وما عليه ومقومات نجاحه ودور الشريعة الإسلامية في ذلك … والدور المطلوب من أبناء اليمن لتفويت الفرص على المؤامرات الخارجية .. كان لنا هذا الحوار مع الأستاذ الدكتور حسن محمد شابلة رئيس قسم الدراسات الإسلامية في جامعة إب وعضو مجلس أمناء مركز الجزيرة العربية للدراسات والبحوث :
حاوره/ بشير راوح
>> بداية نرحب بكم شيخنا الفاضل.. ونحن نعلم جميعاٍ أن العلماء والدعاة من أبرز قادة الفكر في المجتمعات الاسلامية فما هو دورهم في الحوار الوطني في اليمن¿
– مرحباٍ بكم وشكراٍ لاهتمامكم بهذه القضية والحقيقية أن العلماء والدعاة لهم دور كبير في إنجاح الحوار الوطني وعليهم أن يشاركوا المشاركة الفاعلة في توعية الشعب من أجل الوصول إلى حلول مرضية لكثير من المشكلات العالقة ولكن العجب أنه مع أهميتهم إلا أننا لاحظنا إقصاءٍ متعمداٍ لهم على مستوى اللجنة الفنية للحوار وعلى مستوى المشاركين في فعاليات الحوار في المستقبل فكيف سيؤدون دورهم المطلوب منهم وهم بعيدون عن المشاركة الفعلية في جلسات وبرنامج الحوار ¿
>> وماذا كان رد فعلكم بخصوص ذلك¿
– طالبت هيئة علماء اليمن أكثر من مرة في بيانات ومقابلات مع كثير من المعنيين والمسؤولين وجهت خطابات لرئيس الجمهورية بضرورة إشراك العلماء في مؤتمر الحوار ولكن تلك المطالبات واجهت آذاناٍ لا تسمع واستمر الإبعاد والتهميش فكان نتيجة ذلك أن خرج العلماء والدعاة ببيانات وتحذيرات وتخوفات نتيجة لعدم الاستجابة لهم من الجــــهات المعنية بإشراكهم في اللجنة الفـــــــنية للحوار ومن ثم عدم المشاركة في برنامج الحوار القادم بما في ذلك هيئة علماء اليـمـــــن وجمعـــــية علماء اليمن وغيرهم من المنـــظمات التي لها عـــــلاقة بهذا الأمر.
>> ظهرت نداءات لعلماء يحذرون من استغلال مؤتمر الحوار في أي مخالفات تمس الشريعة الإسلامية فهل ترون أن هذا التحذير ذو أهمية… خاصة وأن كل المتحاورين مسلمين¿
– إنما ظهرت النداءات التحـــــذيرية للعلـــماء من خطورة استغلال مؤتمر ااـحوار في تبني مخالفات تمس الشـــريعة مع أن المشاركين في الحوار كلهم مسلمون كما تقول … للأسباب التالية :
أولاٍ : إقصاء العلماء عن المشاركة في لجنة الحوار مع أنهم فئة مهمة من أبناء اليمن .
ثانيا : عدم تبني مرجــــــعية واضـحة للحوار وهي الكتاب والســنة التي يؤمـــــــن بها الجميع .
ثالثا : يتخوف العلماء من عدد من الأجندة الخارجية التي تقف وراء عدد من الجهات والاشخاص المشاركين في الحوار وتدفعهم لتحقيق مكاسب بعيدة عن عقيدة الشعب ودينه وقيمه هذه الأسباب وغيرها جعلت العلماء يطلقون تحذيرات من خطورة خروج المؤتمر بمقررات تخالف دين وعقيدة أبناء اليمن.
>> هل لك أن توضح لنا مضمون النقطة الثالثة أكثر ¿
– المقصود بهذه النقطة أن هناك منظمات تعمل ضمن منظمات المجتمع المدني لها ارتباطات خارجية بدول غربية تقدم مجموعة من القضايا تريد أن تزج بها في الحوار الوطني وهي قضايا بالنسبة لنا جزئية يمكن للمجتمع أن يناقشها في المستقبل وهي قضايا خلافية ليست أساسية ونحن الآن أحوج ما نكون إلى مناقشة قضايا كلية مثل الإقتصاد والتعليم والصحة ودخل المواطن والثروات والحفاظ عليها ..لكن هناك أجندة تهتم بتغيير القوانين التي جاءت مناسقة للشريعة الإسلامية ويريدون أن يغيروها تحت مسمى موافقة القوانين الدولية وبعدهم أيضاٍ عن مجموعة من القضايا التي أقرتها الشـــريعة تحت ما يسمى بحقوق الإنسان ومن ذلك القضايا المعروفة الموجودة الآن التي تنادي بها بعض المنظمات الأجنبية التي تريد من اليمن التغريب وإبعاده عن عقيدته وعاداته وتقاليـــده الصحيحة …
>> ما هي مقومات نجاح الحوار الوطني من وجهة نظرك ¿
– لكي ينجح مؤتمر الحوار الوطني في اليمن لا بد من مقومات لنجاحه منها:
1) وضوح المرجعية للحوار والمتحاورين وهي الشريعة الإسلامية لأن الشعب كله مسلم فلا حرج من أن تكون هي مرجعية المتحاورين
2) اختيار الأشخاص أصحاب الخبرة والمشهود لهم بالنزاهة الذين يقدمون مصالح الأمة على المصالح الشخصية والحزبية.
3) اختبار المكان والزمان المناسبين لإجراء الحوار وتطبيع الأوضاع من الناحية الأمنية والإعلامية.
4) البعد عن التعصب والتبعية لجهات وأجندات خارجية وضرورة استقلال المتحاورين بأن يجعلوا مصلحة اليمن فوق كل مصلحة شخصية وحزبية.
5) اختيار القضايا والمشكلات الكبيرة في اليمن للتحاور حولها وترك الجزئيات وعدم الدخول في تفاصيل وجزئيات تضيع الجهد والوقت والبدء بالقضايا الاستراتيجية التي لها أثر في حياة الأمة وحلها .
>> ماذا تقصدون بتطبيع الأوضاع من الناحية الأمنية والإعلامية ¿
– يعني أن تهيأ الأوضاع في البلاد من الناحية الأمنية بحيث يستقر الأمن وتذهب المجاميع المسلحة وتحل قضايا التقطعات و الاختطافات حتى يتحرك الذين يريدون أن يتحاوروا في طريق ومكان آمن..
والتطبيع الإعلامي المقصود به قيام سياسة إعلامية من جميع القنوات والصحف والمجلات العاملة في البلد نحو توجيه الناس للحوار وطاولة المفاوضات وليس نحو المزيد من صب الزيت على النار…
وغير ذلك من القضايا التي تحتاج إلى تهدئة الوضع العام وهما قطبان القطب الأول متعلق بالجانب الأمني والقطب الثاني الجانب الإعلامي الذي يعطي رسائل إيجابية للناس….
>> اليمن يمر في مرحلة حساسة ويعيش في ظل مؤامرات متعددة تعمل لمصالح خاصة فما هو دور أبناء اليمن في التصدي لهذه المؤامرات خاصة في المرحلة الراهنة¿
– اليمن يمر في مرحلة حساسة والمؤامرات عليه كثيرة من الداخل والخارج لذا وجب على أبناء اليمن تغليب منطق العقل والحوار والتفاهم على لغة العنف…والتنازل لبعضهم بعضا والسعي للائتلاف والاجتماع بدلاٍ من التشتت والافتراق فإن المتربصين باليمن لا يمكن أن يحققوا أهدافهم إلا في حال الاختلاف والتفرق بين أبناء الوطن الواحد.
>> لا شك أن لكثير من أبناء الجنوب مظالم فهل تكون الوحدة هي الفداء لرد مظالمهم¿
وما هي الوسيلة الأمثل لرد مظالمهم جميعاٍ ¿
– الظلم شمل الشمال والجنوب على حد سواء في الفترات الماضية غير أن أهل الجنوب كانوا يعتبرون أن الوحدة سفينة النجاة لهم من الإرث الكبير الذي ورثوه أيام الحكم الشمولي لهم ففرحوا بالوحدة غير أن بعض المتنفذين من الشمال والجنوب شوهوا صورة الوحدة واستغلوها في ظلم ونهب الآخرين مما جعل بعضاٍ من أهل الجنوب يرون أن حل مشكلتهم في فك الارتباط كما يقولون أو الانفصال والحقيقة من وجهة نظري أن السبب للظلم ليس الوحدة بل الذين شوهوا صورتها فلو تم التخلص منهم وتحقق العدل للناس وعادت المظالم لأهلها فما المانع من بقاء الوحدة¿ لكن ربما أصاب بعض إخواننا في الجنوب نوع من اليأس والقنوط في إصلاح الأوضاع في ظل الوحدة فنادوا بالانفصال لأجل حل مشكلتهم والسؤال الذي يطرح عليهم هل يتوقــــــع أن تحل مشاكل الناس في الشمال والجنوب بمجرد الانفصال¿ أم أن الطين سيزداد بلة والمرض علة¿.. يجب أن نعيد النظر في ذلك ونبحــــث عن حلول أخرى لهذه المشــــكلات ونختار الحل الأمثل وليس بالضرورة أن يكون الحل هو بالانفـــصال وحده.
>> إذن ما نصيحتكم لمن ينادي بالانفصال ¿
– المنادون بالانفصال أنواع : منهم من يشعر بالظلم والقهر لنهب ثروات البلاد ووصل إلى اليأس في حل مشكلاته مع وطنيته وحسن نيته وقصده فهؤلاء يقال لهم لا بد من دراسة القضية والبحث عن حلول صحيحة بطرق صحيحة ولن يعدم المصلحون حلاٍ مرضيا .
والصنف الآخر هو من يحمل أجندة خارجية بعيدة كل البعد عن تحقيق العدل وإعادة مظالم الناس ولكنه يستغلهم في هذه الأيام فينادى بالانفصال ويركب الموجة لتحقيق مصالحه ومآربه فنقول لهؤلاء : قد جربكم أبناء اليمن فلم يروا منكم إلا الظلم والفساد والاستبداد ولن يثقوا فيكم فعيشوا في قصوركم التي بنيتموها في الخارج أثناء ظلمكم واستبدادكم .
>> وما رأيكم في أن تكون الوحدة فيدرالية¿
– موضوع الفيدرالية في اليمن هو أحد الحلول المطروحة ولكن وجهة نظري حتى تكون الفيدرالية حلاٍ لمشكلات اليمن هو أن تكون فيدرالية على مستوى عدة أقاليم تشمل الشمال والجنوب على حد سواء وليس على إقليمين (شمال وجنوب) فإن هذا سيعزز فكرة فك الارتبـــاط بين أبناء اليمن الواحد..