عـــــــــوض بامدهـــــــــف
ذات مرة.. عاودني هاجس الحنين.. إلى تجديد عهدي برفقة البحر.. ذلك الساحر الهادئ الغاضب.. الذي لا يلم بمتغيراته أحد..
ويتراوح سحره الأخاذ وزرقة مائه الرقراق في مشهد أزلي..شديد التكرار بين الانسياب والانحسار يتمثل بظاهرة المد والجزر.. والتي هي في الواقع تجسيد صريح.. لمشوار عطاء البحر المتأرجح بين الكرم والجود من ناحية والتقطير والتقليص من ناحية أخرى..
عاودني الحنين لمعاودة عادتي الدائمة في رفقة البحر الحميمة خاصة بعد طول انقطاع وابتعاد بعد أن غرقنا في دوامة طوفان الحياة الجارف..
وفقدنا في غمرة ذلك.. كل احساسنا بالجمال المحيط بنا وشعورنا المتدفق به بفعل ضراوة معركة البحث عن موقع لنا في هذا الزحام..
وعقدت العزم على المضي قدماٍ لاسترداد سابق عهد صلاتي الوثيقة مع رفقتي الحبيبة للبحر..
ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه.. حيث أصابني الإعياء الشديد جراء بحثي الدؤوب عن البحر.. الذي توارى بعيداٍ بعيداٍ وراء اكمة الحضارة الاسمنتية الكئيبة التي أجبرت البحر على الانزواء بعيداٍ وحزينا إلى حد بعيد.. ويالها من رفقة مرهقة جداٍ!!..