استطلاع/ بشير راوح
ما من شك أن أبناء اليمن كافة يهمهم أن تحل قضايا بلدهم بأيسر الأسباب وأدنى الأضرار فالبلاد للجميع والحادي والعشرون من فبراير من تلك البوادر الطيبة حيث اجتمع فيه الفرقاء لاختيار رئيس للبلاد مجنبين بذلك شعبهم ووطنهم من الفتن التي كادت أن تنزلق به نحو أتون حرب أهلية وبذلك تكون البلاد قد انتقلت من تلك المرحلة الحرجة إلى مرحلة هي أقل حرجاٍ منها في الطريق إلى الوصول إلى النتائج العادلة لحل قضايا البلاد عن طريق الحوار..
«الوحدة» التقت علماء دين ودعاة ليعبروا عن أهمية تلك الخطوة على طريق التسوية وعن بعض تطلعاتهم من أجل استمرار النجاح في تهدئة الوضع السياسي وتهيئة الجو للحوار الناجح من أجل الوصول بالبلاد إلى الأمن والاستقرار..
أمانة كبرى
يؤكد الشيخ سعد عبدالسلام النزيلي عضو جمعية علماء اليمن على أهمية الاستقرار النسبي الذي تعيشه البلاد بعد أن كان شبح العنف يجوب البلاد طولاٍ وعرضاٍ مبيناٍ سوء ذلك الوضع الذي عشناه جميعاٍ والذي أذهبه الله عنا حين تنازلت الأطراف واجتمع الناس على الحلول السلمية.. ويضيف: قال تعالى: (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا» ومما لا شك فيه أن الشعب اليمني مر في حالة عْسر وشدة.. فكانت الدماء تزهق والأموال تسلب والحريات والآراء تصادر حتى وصلت كثير من مناطق اليمن إلى ما قبل الجاهلية الأولى فالقوي يأكل مال الضعيف بل ويستحل دمه فأصبح اليمنيون يتطلعون إلى مخرج مشرف للجميع فما كان منهم إلا أن وقع البعض بسباباتهم وبصمة البعض بابهامهم.. وذلك من أجل أن لا تنكفئ بهم السفينة ويخرجون إلى بر الأمان.. وكان ذلك يوماٍ عظيماٍ لم يشهد اليمنيون في تاريخهم يوماٍ مثله.. وفعلاٍ حقنت الدماء وهدأت الأنفس وبدأ أبناء اليمن يشقون طريقهم نحو الأفضل.. وتقاربوا من أجل ذلك إلى طاولة الحوار حتى يعيشوا يمناٍ بعيداٍ عن الصراعات والمهاترات والفتن غير أنه من المعروف أن كل مرحلة انتقالية يشوبها كدر المماحكات السياسية والمؤامرات الداخلية والخارجية والتي يحرص مدبروها على إيجاد خلايا تابعة لهم داخل البلاد وهذا نذير خطير إذا غفل اليمنيون عنه ربما رجعوا من جديد إلى مربع العنف بل لربما أسوأ من ذلك وبالتالي لا يصلح أمر البلاد إلا بصلاح أهلها خاصة أولي الحكمة والعقل منهم الذين يقودون أمور الناس ومشاكلهم وفي هذا التاريخ 21 فبراير حمل اليمنيون الأمانة الكبرى على عاتق الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق فما عليهم جميعاٍ إلا أن يقوموا بواجب الأمانة وتنفيذ المطالب المشروعة التي نادى بها شباب الساحات من جميع الأطراف وخرجوا من أجلها وأعظم أمانة تتحملها الحكومة هي تطبيق شرع الله في أرضه..
العدالة والوفاق
أما الشيخ جبري إبراهيم حسن مدير عام الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف وعضو جمعية علماء اليمن فقد أكد على أهمية تطبيق مبدأ العدالة والوفاق بين أبناء البلاد والتعاون بينهم جميعاٍ أفراداٍ وأحزاباٍ من أجل التخلص النهائي من أعراض الانقسام والشقاق فيقول: في الحقيقة أن ليوم 21 فبراير ذكريات طيبة ومنها انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي رئيساٍ لليمن.. حيث جنب الله تعالى بذلك اليمن من العواصف التي كادت أن تعصف به وأهله.. وكان سبباٍ لأن نخرج من عنق الزجاجة الضيق إلى ما هو أوسع منه ونحن نتمنى من المولى عز وجل أن يعين حكومة الوفاق أن تنظر إلى قضايا الأمة بعين العدالة والوفاق وبعين الدين والرحمة وتنظر إلى كل الناس ومع كل الناس وأن تأخذ بالأمة إلى بر الأمان ليكون ذلك بديلاٍ للفتن التي تدور هنا وهناك.. ونتمنى من كل الأطياف السياسية أن يتعاونوا من أجل انجاح الحوار الوطني ملبين بذلك أمر الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ونتمنى من الله تعالى أن يوفق كل قيادات الأمة بما فيها المشايخ ورجال القبائل وقادة الأحزاب والفكر أن ينظروا جميعاٍ إلى مصلحة الأمة وسلامتها واستقرار البلاد بعين الاعتبار..
نتمنى أيضاٍ أن تتجسد الحكمة في أبناء اليمن لتمضي هذه الفترة على خير لنقبل على فترة أكثر انسجاماٍ وأمناٍ واستقراراٍ..
مسؤولية وأمانة
من جهته يرى الدكتور علي محمد الأهدل – أستاذ الدراسات الإسلامية المشارك بجامعة صنعاء أن 21 فبراير بداية تحقيق الخطوات الناجحة على الطريق الصحيح مؤكداٍ على ثقل المسؤولية الملقاة على عاتق الرئيس وعبء الأمانة المكلف بها والتي تكون سهلة هينة بعون الله تعالى على قدر الإخلاص والجد والاهتمام والعمل بشرع الله تعالى.. فقال: إن اليمن بدأ يخطو على الطريق الصحيح في هذا اليوم الذي اجتمع الشعب فيه لاختيار الرئيس للخروج بالبلاد من شرور الفتن وتلك الأصوات التي اختارت الرئيس هي أمانة في عنقه وعليه أن يدرك حجم تلك المسؤولية فيسعى جاهداٍ لتحقيق الإخلاص لله تعالى والصدق مع الشعب والسعي من أجل تحقيق تطلعاته المشروعة ورغم أن تلك المسؤولية تركة ثقيلة ومهمة صعبة إلا أن الإخلاص والجد والمثابرة وتقديم مصلحة المسلمين وتحكيم الشريعة الإسلامية سوف تكون سبباٍ لتخفيف ذلك الحمل وتوفيق الله تعالى وعونه.
دعوة ومناصحة
ويضيف الأهدل: هذه دعوة صادقة ومناصحة خالصة في مثل هذه الذكرى من أجل إصلاح الخطأ والسعي نحو تحقيق الأفضل لمصلحة البلاد وأهلها.. فنحن بحاجة ماسة إلى أن نقوي جانب القضاء فيكون محايداٍ صادقاٍ وبذلك تهدأ النفوس وتزول الأحقاد حين يتساوى الناس عند القضاء العادل.. بل يكون ذلك القضاء سبباٍ للطمأنينة واستعادة الثقة بين الحكومة والمواطن..
كذلك الاهتمام بالعلم والعلماء وأنا بالنسبة لي كأستاذ جامعي تأكد لدي أنه لايمكن لأي دولة أن تتقدم إذا لم يكن للعلم والعلماء الاهتمام البالغ.. ولذلك يجب أن نرفع من قيمة بلادنا بتعليم الناس وتوعيتهم..
ولذلك فإن تيسير السبل لنيل العلم هام جداٍ للنهوض بالمجتمع وأني أؤكد هنا على أهمية تيسير ذلك الأمر عن طريق اعتماد «مجانية التعليم».. وعلى القائمين على الإعلام أن يجتهدوا أن يكون إعلامهم إعلاماٍ مهنياٍ محايداٍ لايقدم فئة على حساب فئة ولا يخلط الأوراق ويبدل الحقائق فالكلمة أمانة..
كذلك يجب أن يكون الجيش جيش أمة ووطن وليس جيش فئة أو أسرة أو حزب.. ولنا عبرة في الجيش المصري الذي يعتبره المصريون جيشاٍ للجميع فيحترمونه ويقدرونه ونحن نريد جيشاٍ للجميع نحترمه ونقدره..
وأخيراٍ أنصح كافة الأحزاب السياسية أن يطووا الصفحات السوداء وليبدأوا بصفحة جديدة تخدم الدين والوطن وليعلموا أن الكل راعُ وكل راع مسؤول عن رعيته وأن الله تعالى رقيب عليهم فليتقوا الله في بلدهم وليقدموا مصالح الوطن على المصالح الخاصة لأن الأحزاب التي تقدم مصالحها الخاصة لن يرحمها التاريخ..