استطلاع/ نجيب علي العصار
أكد سياسيون وأكاديميون أن قرار الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي – رئيس الجمهورية – بشأن تحديد يوم الثامن عشر من مارس المقبل موعداٍ لانطلاق مؤتمر الحوار الوطني الشامل يمثل قارب النجاة لإخراج اليمن من النفق المظلم ومن ثم وضعه على بداية الطريق الصحيح الذي يفضي بالدولة اليمنية صوب مستقبل زاهر وآمن وموحد.
وقالوا في هذا الاستطلاع الذي أجرته «الوحدة» إن على المكونات السياسية أن تتحرك بلياقة وسرعة ومواكبة أسرع وأن تتعامل مع هذه المرحلة لا كما تتعامل مع المعطيات العادية أو كما تتعامل أحياناٍ – بحكم معرفتها وخبرتها الطويلة وربما الوحيدة – مع قواعدها الانتخابية أوقضاياها التقليدية برتابة شديدة وبروتين سلحفاوي أو برؤى ضيقة تقدم المصلحة الحزبية فقط وأولاٍ.
وشددوا في أحاديثهم بأن على المكونات السياسية خلال هذه المرحلة أن تتسامى فوق مصالحها الآنية والأنانية وتجعل نصب أعينها المصلحة العليا للوطن وأن يتقبل كل تيار سياسي التيارات الأخرى بغض النظر اتفق معها أو اختلف بحيث تكرس ثقافة التعايش بدلا عن سياسة الاقصاء والاستئثار التي مآلها الأخير ينحدر نحو التهلكة والمجهول.
الدكتور إبراهيم أبو طالب أستاذ مساعد بجامعة صنعاء تحدث قائلاٍ: بلا شك أن فلسفة السياسة تقوم على فن اللحظة المتاحة وهي دينامية سريعة التغير والتحول وفق مقتضى الحال ووفق الراهن الذي يحددها وتنبني عليه ولفت إلى أن على المكونات السياسية أن تتحرك بلياقة وسرعة ومواكبة أسرع وأن تتعامل مع هذه المرحلة لا كما تتعامل مع المعطيات العادية أو كما تتعامل أحياناٍ – بحكم معرفتها وخبرتها الطويلة وربما الوحيدة- مع قواعدها الانتخابية أو قضاياها التقليدية برتابة شديدة جدا وبروتين سلحفاوي أو برؤى ضيقة تقدم المصلحة الحزبية فقط وأولاٍ وأضاف: هنا بلا شك المسألة مختلفة لأنها مسألة وجود وطني ومسؤولية تاريخية ومفصلية إما أن تثبت فيها تلك التكوينات وطنيتها ورؤاها الخالية من المزايدات أو أن تفشل وتسقط عنها ورقة التوت التي حاولت طويلا التموقع خلفها… واختتم د. أبو طالب حديثه بالقول: كمواطنين نرجو أن ننعم بوطن معافى متجاوز لمتاهات السياسيين وغموضهم لأن الوطن أوضح وأجلى من كل غموض وقضاياه واضحة وضوح الشمس في قارعة النهار وفقهم الله لما فيه خير الوطن»..
أسوأ السيناريوهات
وفي المقابل حث الأمين العام المساعد لحزب الحق خالد أحمد السياغي كافة الفرقاء السياسيين بلا استثناء والمكونات الأخرى على المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني وأن تعي أنها أمام واجب وطني ومسؤولية تاريخية للمشاركة الفاعلة في هذا المؤتمر وأي محاولة من أي طرف لإفشاله تحت أي مبرر التأجيل أو التأخير سيجعله يتحمل المسؤولية وسيلعنه الناس والتاريخ.
وأضاف: الوضع السياسي الآن في منتهى التأزم واليمن يمر بمرحلة مصيرية وأمام مفترق طرق أما أن يذهب إلى المجهول وأما أن يذهب لرسم معالم المستقبل.
ويشير إلى أن أخطر المحاولات للعرقلة هي محاولة إقصاء الآخرين والاستيلاء على العمل السياسي من خلال التقليل من حجم أي طرف آخر وهذا لعب بالنار قد يدفع الأمور إلى الهاوية.
ولفت السياغي إلى أن الملعب السياسي مهيأ الآن لاحتضان هذا الاستحقاق الوطني الذي سيترتب عليه رسم ملامح المستقبل وتشكيل النظام السياسي الجديد لليمن وأن إعطاء الفرصة لأي فريق لتأخيره سيجعله يستأثر ويتمادى في إقصاء الآخرين.
وشدد السياغي في ختام حديثه على أن تدرك مثل هذه الأخطار التي قد تدفع باليمن إلى التدهور كما يجري الآن في مصر أو – لا سمح الله – أسوأ السيناريوهات أن يحدث أشبه بالسيناريو السوري وحذر من الإقصاء أو التهميش لأي طرف وأنه لا بد للأطراف المختلفة من التعامل بنفس الوزن وليس من يفوز بالأكثرية أو الحجم هو من يتحكم في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني فالحوار الوطني لا بد أن تكون مخرجاته ملبية لمطالب كافة الشعب كرامة ومساواة وحرية للجميع بلا استثناء..
ثقافة التعايش
الدكتور عبدالله أبو الغيث أستاذ التاريخ والعلاقات السياسية بجامعة صنعاء اعتبر انطلاق مؤتمر الحوار الوطني بأنه يمثل قارب النجاة لإخراج الوطن اليمني من النفق المظلم الذي تردى فيه ومن ثم وضعه على بداية الطريق الصحيح الذي يفضي بالدولة اليمنية صوب مستقبل زاهر وآمن وموحد.
والمطلوب من المكونات السياسية خلال هذه المرحلة أن تتسامى فوق مصالحها الآنية والأنانية وتجعل نصب أعينها المصلحة العليا للوطن وأن يتقبل كل تيار سياسي التيارات الأخرىº بغض النظر اتفق معها أو اختلف بحيث نكرس ثقافة التعايش بين صفوفنا ونرفض سياسة الإقصاء والاستئثار ذلك أن تجاربنا السابقة أثبتت لنا أن تلك السياسة دائماٍ ما تؤدي إلى التهلكةº وأن الذين يمارسونها ضد خصومهم يكونون أول الهالكين.
ويؤكد أبو الغيث أن القوى السياسية التي تتصارع على تصدر المشهد السياسي اليمني سوف تغير من تكتيكاتها السياسية خلال هذه المرحلة ونتمنى عليها أن يكون ذلك التغير إيجابياٍ بحيث تنظر تلك القوى بأننا نعيش جميعاٍ على سفينة واحدة وأن نجاة السفينة يعد نجاة لنا جميعاٍ أما غرقها- لا سمح الله -فسيعني النهاية المحتومة لكل من يعيش عليها.وناشد كل أطراف القضية اليمنية أن تبتعد عن رفع شعار «أنا اليمن واليمن أنا» و «أنا ومن بعدي الطوفان» لأننا في تلك الحالة لن يكون بمقدورنا إلا أن نقرأ على الدنيا السلام.
أما عن تهيأت الملعب السياسي للحوار فيرى د. أبو الغيث أن الأمر يرتبط بمدى توافق القوى الاقليمية والدولية التي صارت تتمتع بوصاية معلنة على اليمن منحت لها بموجب المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن الخاصة بالقضية اليمنية فقد بات معروفاٍ بأنه لولا خوف بعض القوى السياسية اليمنية من العقوبات الدولية التي يمكن أن تفرض عليها لكانت قد دفعت اليمن نحو هاوية العنف والصراع المدمر وإن كانت تلك الهاوية ليست ببعيدة عنا حتى اليوم حيث ما زالنا نسمع يومياٍ عن إيقاف عمليات لتهريب السلاح بمختلف أنواعه ما يعنى أن بعض الأطراف تنظر للحوار بكونه مجرد ورقة بيدها بحيث تسعى لتجيير نتائجه لصالحها وإذا لم تتمكن من ذلك فالسلاح هو خيارها التالي لتحقيق ذلك وهذا ما يجب أن تتنبه له جميع الأطراف المشاركة والراعية للحوارº سواء كانت محلية أو إقليمية أو دولية إن رغبت بإنجاح الحوار..
السبيل الأمثل
من جهته يؤكد محمد الرعياني نائب رئيس حزب الحرية التنموي أن انطلاق موعد الحوار الوطني في 18 مارس وتحديده من قبل الرئيس عبدربه منصور هادي يعد خطوة مهمة على طريق تنفيذ المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة.
ويرى أن مشاركة المكونات السياسية في هذا المؤتمر تعد السبيل الأمثل لبحث وتدارس كافة القضايا والخروج بتوافق وطني يلبي تطلعات الشعب في رسم ملامح المستقبل وبما يحفظ لليمن أمنه واستقراره ووحدته وبما يكفل طي صفحة الماضي وتدشين مرحلة جديدة من تاريخ اليمن يسودها السلام والوئام.
وطالب الرعياني رئيس الجمهورية تخصيص مقاعد للاحزاب التي نشأت بعد الثورة والتي لم تمثل في فنية الحوار ولم تحدد لها أسماء أو حصص للمشاركة في المؤتمر لأن إدماج كل الأحزاب وخاصة التي ظهرت بعد الثورة الشبابية السلمية يجعلها تتحمل مسؤوليتها في المشاركة الفاعلة في إنجاح سير العملية الانتقالية المستندة إلى مبادرة الخليج وقراري مجلس الأمن الدولي رقمي 2014و2051 .
إعادة المظالم
أما الدكتورة سعاد السبع أستاذ مناهج وطرق التدريس بجامعة صنعاء فتتوقع أن تظهر الحكمة اليمنية في الحوار وتجمع القوى المتحاورة حول مشروع ينقذ اليمن مما هي فيه .. وأضافت: وهذا سيكون إذا كانت قضايا الحوار وطنية وليست حزبية أو فئوية أو قبلية وإذا تحمل المشاركون المسئولية بصدق ووضع المتحاورون أنفسهم موضع المواطن الضعيف إذا فشل الحوار لا قدر الله ..وترى أن اليمنيين بحاجة إلى حوار يقدم مشروعا لدستور الدولة المدنية الحديثة التي تطبق النظام والقانون وتؤسس لدولة المؤسسات وتعيد المظالم لأصحابها وتعوض المتضررين في كل أنحاء اليمن وتفتح المجال لاستثمار قدرات الشباب ..وتؤسس لاقتصاد وطني يستثمر مقدرات الوطن لتحسين معيشة الناس..>
المرحلة الثانية من التسوية السياسية
بعد أن تم إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة في موعدها المحدد في 21 فبراير 2012م وتم انتخاب الأخ عبدربه منصور هادي رئيساٍ للجمهورية وفقاٍ لمسار خارطة التسوية السياسية والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وبما عكس أسلوباٍ حضارياٍ نادراٍ لنقل السلطة في المنطقة العربية.
ودخلت اليمن بعد إنجاز الانتخابات الرئاسية المبكرة المرحلة الثانية من الفترة الانتقالية وهي المرحلة الأصعب والأهم والتي سيتم خلالها مناقشة العديد من الملفات وفي مقدمتها إجراء مؤتمر الحوار الوطني الشامل لكل القوى والفعاليات السياسية بما فيها الشباب والحراك الجنوبي والحوثيون ومختلف الأحزاب الناشئة وممثلون عن المجتمع المدني والمرأة وسيبحث المؤتمر مايلي:
الوقوف أمام القضية الجنوبية بما يفضي إلى حل وطني عادل لها وعلى أساس الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن.
النظر في القضايا المختلفة ذات البعد الوطني ومن ضمنها قضية صعدة.
عملية صياغة الدستور وشكل النظام السياسي وقانون الانتخابات.
اتخاذ خطوات ترمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية.
كما يهدف المؤتمر إلى معالجة مختلف القضايا والمظالم والاختلالات والخروج بحلول تفضي إلى بناء دولة مدنية حديثة يتطلع فيها المجتمع إلى ديمقراطية حقه وإلى العدالة والمساواة.
وبما أن مؤتمر الحوار الوطني قد تحدد بقرار رئاسي موعد انعقاده في الثامن عشر من مارس المقبل فهو فرصة تاريخية للخروج بقرارات اجماع وطني تنهي كل أسباب الأزمات التي عاشتها اليمن منذ الستينيات وحتى اليوم وثمة إجراءات حاسمة اتخذها رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي لتوفير الأجواء والمناخات التي تساعد على إنجاح مؤتمر الحوار الوطني وتصب في مصلحة الشعب وبما يخدم ويحفظ لليمن وحدته وأمنه واستقراره لعل من أهمها :
صدور قرار رئيس الجمهورية بإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن على أسس وطنية وعلمية حديثة.
صدور قرار رئيس الجمهورية رقم «2» لسنة 2013م بانشاء وتشكيل لجنتين لمعالجة قضايا الأراضي والموظفين المبعدين من وظائفهم في المجال المدني والأمني والعسكري بالمحافظات الجنوبية.
اجتماع الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية مع رئيس وأعضاء مجلس الأمن الدولي في صنعاء ودعوته المجتمع الدولي لمساندة جهود إنجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يمثل حجر الزاوية في رسم معالم مستقبل اليمن الجديد وطبيعة نظامه وبما يخدم الإنسان اليمني ويحقق طموحاته..
