كتبت / سوزان أبو علي
( الجدران تتذكر وجوههم) حملة بدأها مجموعة من الشباب الناشطين والرسامين تضامناٍ مع المختفين قسرياٍ لإيمانهم بقدرة الريشة واللون على إحياء قضايا الناس المسكوت عنها منذ زمن..
أطلقها الرسام مراد سبيع (25 عاماٍ) في مارس من العام الماضي والتي استمرت لأكثر من أربعة عشر أسبوعاٍ لتجميل ورسم صور ورسومات على جدران الشوارع التي شهدت قتالاٍ بين الرئيس السابق وفصائل قبلية وعسكرية أعلنت ولاءها للثورة الشعبية.. ولاقت الحملة التي دعا إليها الرسام الشاب سبيع استجابة من فنانين ونشطاء شباب نزلوا إلى الشوارع لتلوين الجدران وتزيينها بلوحات جدارية غاية في الروعة..
الجميل في هذه الحملة هو جعل الجدران تتحدث عن مصير المخفيين من أبناء الوطن شمالاٍ وجنوباٍ كما دعا المنسقون للحملة وعلى رأسهم المبدع نبيل سبيع الشباب وعائلات المخفيين قسراٍ لمساندة الحملة عبر التظاهر صباح الخميس من كل أسبوع ورفع صور الضحايا مع يافطات تتساءل عن مصيرهم. كما أطلق مبادرته أيضاٍ على شبكات التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و «توتير» الأمر الذي لاقى اهتماماٍ كبيراٍ من الناشطين والمهتمين.
كما انه من المتعارف أن نظام الرئيس السابق خلال حكمه منذ أواخر السبعينات يتحمل وزراٍ أكبر بعد أن أخفى معارضين سياسيين بلا أثر وفقد ذووهم الأمل في العثور على أثر يدل عليهم ..الصور التي نحتها المبدعون من الشباب على جدران العاصمة أزعجت بعض الشخصيات ذات النفوذ فسعت لإزالتها كطمس الرسوم من على جسر جولة مذبح ..
وتعود كثير من حالات الاختفاء إلى اضطرابات العام الماضي لكن بعضها يرجع إلى سنوات سابقة وقال مسؤول حكومي أن معظم الذين اختفوا العام الماضي من المحتجين الشبان بينما أغلب من اختفوا في السنوات السابقة شخصيات سياسية أو ضباط جيش اعتبروا حينها خطرا على النظام واقتيد كثير من هؤلاء من منازلهم أو مقار عملهم ولم يظهر لهم أثر بعدها!!
كما شاركت أكثر من أربع منظمات دولية معنية بالسلام وحقوق الإنسان منها: منظمة «سيف ذا تشيل درن» و «أوكس فام» و»الإغاثة الإسلامية البريطانية» ومنظمات أخرى وتأتي مشاركة المنظمات بعد أن أعلنت المفوضية السامية لحقوق الإنسان موقفا واضحا من قضية المخفيين قسريا فقد طالب رئيس المفوضية في صنعاء الحكومة اليمنية بالمصادقة على الاتفاقية الخاصة بالعهد الدولي لحماية المخفيين قسريا الصادر من قبل الأمم المتحدة وأكد رئيس مكتب المفوضية في مقابلة أجرتها معه صحيفة «26 سبتمبر» أن قضية المخفيين قسرياٍ في اليمن قضية لابد من التعامل معها في ظل الحديث عن قانون العدالة الانتقالية وأن قضية المختفين قسرياٍ من القضايا التي يجب أن يشملها أي برنامج للعدالة الانتقالية كون اليمن من الدول العربية الموقعة على معظم المعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان باستثناء المعاهدة الخاصة بالاختفاء القسري أو اتفاقية روما..
وتعتبر الحملة رسالة أخلاقية قبل أن تكون مطلبية تعمل على عصف ذهني للمجتمع بتذكيرهم بقضية المخفيين قسراٍ وبأسرار عميقة عن فترة الصراع السياسي التي شهدتها البلاد بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر وحتى تحقيق اتفاقية الوحدة في 1990م وما أعقبها من حرب 94 !!..