عبدالله القاضي
احتفل إخواننا في الفصائل الحراكية في الجنوب بما يعرف بيوم التصالح والتسامح الذي يصادف 13 يناير بالتزامن مع بدء الحراك الجنوبي 2007م في محاولة لازالة ومحو آثار وتداعيات حرب 13 يناير 1986م الدامية بين الإخوة ورفاق الدرب والسلاح.. وهذا شيء طيب يجب أن يشجع ويحظى بالإشادة والتأييد من جميع الأطراف السياسية والكيانات الوطنية والمنظمات الاجتماعية كونه سيؤدي إلى تجاوز ملف يعد من أخطر الملفات في تاريخ اليمن والحركة الوطنية اليمنية دفع ثمنه الشعب اليمني غاليا وأحدث شرخاٍ اجتماعياٍ وترك جرحاٍ غائراٍ في الجسم الوطني ساد الاعتقاد لدى الكثيرين أنه من الصعب أن يندمل.
وإذا ما ساد التصالح والتسامح بين الفرقاء والإخوة الاعداء في 13 يناير فإن ذلك سيكون مدخلاٍ للوفاق الأعم والأشمل وعملاٍ وطنياٍ يحتذى لتحقيق التصالح والتسامح على المستوى الوطني وإغلاق جميع ملفات الصراعات السياسية التي دارت خلال العقود الماضية ومن بينها اغلاق ملف حرب صيف 1994م بين شركاء تحقيق الوحدة اليمنية وطي صفحات هذا الملف بنفس الروح وبنفس القوة ليسود التصالح والتسامح عموم اليمن ولعل في القرارات الاخيرة التي أصدرها رئيس الجمهورية الاسبوع الماضي بخصوص تشكيل لجنتين لمعالجة قضايا الاراضي واعادة الموظفين المبعدين عن وظائفهم على خلفية حرب 1994م وما سيليها من قرارات على هذا الصعيد بالاضافة إلى إقرار قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية بابعاده الوطنية والانسانية والحقوقية وجبر الضرر وكذا تنفيذ النقاط العشرين التي رفعتها اللجنة الفنية لتحضيرية الحوار الوطني إلى رئيس الجمهورية بخصوص القضية الجنوبية ومشكلة صعدة.. كل هذا يعد خطوة هامة وعملاٍ جباراٍ يمهد الطريق باتجاه المصالحة الوطنية وإنجاح الحوار الوطني المقرر انعقاده خلال العام الجاري وفقاٍ للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية الذي سيستوعب جميع الآراء والرؤى الوطنية ولن يستثني أحداٍ لإخراج اليمن من الوضع الراهن والخروج برؤية وطنية لحل جميع القضايا المطروحة ورسم معالم الدولة اليمنية الجديدة القائمة على العدل والإنصاف وسيادة القانون والمواطنة المتساوية والتعبير عن مصالح وحقوق جميع اليمنيين..
إلا أنه ورغم إجماع جميع اليمنيين على أن الحوار القادم يعتبر الملاذ الاخير والقاطرة التي سيعبر اليمنيون من خلالها إلى شاطئ الأمان وآفاق المستقبل المنشود فإن طريق الحوار لن يكون مفروشاٍ بالورود وسيواجه الكثير من المصاعب والتحديات والألغام التي ستزرعها القوى المتضررة من العملية السياسية والمراهنة على إفشاله لانها ترى فيه نقيضاٍ لمصالحها الضيقة ومكاسبها غير المشروعة فضلاٍ عن أن هناك قوى سياسية وجماعات أصولية فئوية ترى في نجاح الحوار كاسحاٍ وعابراٍ لمشاريعها الصغيرة وعائقاٍ أمام تحقيق أحلامها المريضة المستدعاة من كهوف التاريخ وأظافر الاستعمار..
من هنا فإن نجاح الحوار مرهون بتعاون وتعاضد الشعب اليمني وقواه الحية صاحبة المصلحة في بناء الدولة اليمنية الحديثة بأفقها الوطني ومضامين مشروعها الحضاري النهضوي..
إن اليمنيين مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى للتصالح والتسامح وتناسي الخلافات وتجاوز رواسب الماضي بكل مآسيه والانخراط في الحوار الوطني المقبل باعتباره طوق النجاة والأمل المرتجى لإنقاذ اليمن من خطر التشظي والتجزئة والحروب الأهلية.. واستغلال اللحظة التاريخية الراهنة التي يتوافق فيها اللاعبون الإقليميون والدوليون على إخراج اليمن من الوضع الراهن والحفاظ على وحدته واستقراره.
اليمن يمر بمنعطف خطير وتحديات غير مسبوقة.. فإما أن نكون عند مستوى التحدي فننقذ بلدنا ونرسم معالم مستقبله وغده المنشود أو نتركه بأنانيتنا وحماقاتنا ينزلق إلى هاوية المجهوووول..