نـور باعباد
يشكل المهشمون جزءاٍ من المجتمع اليمني ويعتبرون أقلية سكانية لها خصائص عرقية وثقافية ومجتمعية , تستمر معاناتها من التمييز والتهميش وللأسف عمل النظام الاجتماعي على خلق حالة من الدونية وغرس قيم ثقافية سيئة مضادة عند عامة المجتمع على مر السنين والقرون وعمل على عزلهم واضطرارهم للقيام بأعمال يرفض الآخر من المجتمع القيام بها وتذعن للقيام بها أيضا كما كرس ممارسات طبقية مخجلة ما زالت قائمة وأساءت للدين الذي لا يعرف التمييز ولا التهميش بل انه قائم – أي الدين – على المساواة بين الناس لذا هو منتشر بين الناس دينا وتزاوجا وتجارة .. بل إنه حتى الجهاد في سبيل الله -وليس ما كرسه البعض من جهاد عسكري- أي الجهاد المطلق هو الجهاد بالنفس في الترفع عن نبذ حب الذات والإيثار لصالح المحتاج والابتعاد عن الإسراف والمغالاة وهذه القيم هي اليوم الغائب بل الحاضر فالأنانية وحرمان الآخر بطشا وفسادا ووصل الأمر عند البعض إلى تشريد الناس ومنهم المهمشون من أي أرض عامة أو مشاعة ولأنهم ليس بيدهم لا مال ولاجاه ولا سلاح تراهم يشردون بل ويستغلون وعلى طريقة التجنيد القبلي اليوم هم يجندون ويسلحون في بعض المناطق لصالح زيد أو عمر.
هناك تجربة في عدن فقد أنشئت أحياء لهم كعمال نظافة و البعض يرى انه تكريس للعزلة ولكن حفظت لهم كرامة السكن من التشرد .وحرص النظام حينها على دمجهم في المجتمع والتعليم ولعل فجوة الإهمال الحالية ضاعفت من صعوباتهم.
وفي الشمال قامت الدولة ببناء مجمعات سكنية توفر الحد الأدنى من الكرامة لهم مثل – مدينة المستقبل بتعز ومدينة العمال السكنية في منطقة سعوان , كما فهمت أنها لهم ولم توزع الملكية العقارية خوفا من البيع والاستغلال من الآخر و يجدون أنفسهم مرة أخرى في الشوارع والتجمعات الهامشية . زرت الأخيرة ورأيت بعض المنازل برغم تواضعها ترى فيها ذوقاٍ وترتيبا يسر ناظرك وترى جيلا واعيا وأسراٍ تتابع مجرى الأحداث , تسعى للتعليم والعمل الشريف وتشكو أيضا من المعاناة وعدم التعاون في عدم التسهيل لفرص العمل والاقراض لمشاريع صغيرة.
هناك بعض البصمات لبعض الجمعيات مثل جمعية الصدى النسوية التي عملت منذ عدة سنوات على دمج المهمشين في التعليم وعمل فصول تقوية للأطفال ومساعدتهم على البقاء في المدارس وتقديم المساعدات الإنسانية بشكل دائم .
كما قامت المنظمات الدولية المتواجد لها مكاتب عندنا ببرامج توعوية وتأهيلية مبكرا لقضاياهم مثل اوكسفام وكير الدولية والأخيرة لها حاليا «مشروع رؤى» – مع كل من جمعية الصدى النسوية وجمعية الإصلاح الاجتماعي الخيري- قطاع المرأة, بتمكين الأطفال من التعليم بقيام 3 رياض أطفال في 3 مناطق سكنية وتوعية أسرهم إضافة لتدريب الشباب ليكونوا قادة مجتمع وبعض الأنشطة الاقتصادية مثل صيانة الكمبيوتر الموبايلات ,عيادات صحية , نجارة, خياطة , كوافير والنقش ولكنهم يعانون لعدم الوصول لسوق العمل ولا بد من تدخل آخرين لتمكينهم وإخراجهم من الفقر ووضع ضمانات اقراضية مناسبة لوضعهم.
هناك عدد من منظمات المجتمع المدني التي أنشئت للتعبير عنهم وهي تحتاج لمؤازرة وتمكينهم من الاستفادة من التنمية ووضع سياسة مجتمعية تنأى بالمجتمع عن الممارسات الخاطئة وفهم الحقوق المتساوية للجميع والتعاضد وتقبل التنوع فيه دينيا ومذهبيا وعرقيا ولابد من الدولة والأحزاب من تخصيص أنشطة تحقق الكرامة والمساواة والانفتاح عليهم .
برغم العزلة في مختلف المجالات وحالة النبذ العام إلا أن حركة الوعي المجتمعي مستمرة وقد اهتم المؤتمر الوطني الأول لحقوق الإنسان 12/2012 وخصص إحدى ورشه لقضايا الأقليات ومنهم المهمشون وعرضوا وضعهم..