أنور نعمان راجح
الركون إلى القوة بأي شكل من الأشكال لا يساعد على خلق مناخات مناسبة للحوار وأحسب أن هناك من يراهن على قوته ونفوذه لفرض حلول وواقع على الأرض أكثر من رهانه على المنطق والحجة القوية والصحيحة.
بين الحين والآخر تلجأ بعض القوى السياسية وأنصارها من أصحاب النفوذ والمال والعسكر إلى استعراض قوتها وتحريك أوراق مختلفة لنقول أنها حاضرة وأنها قادرة على فعل شيء وهذا كله لا مبرر له طالما كان الجميع على بوابة الحوار الوطني الشامل الذي أمامه من القضايا ما يفوق رغبات تلك القوى في إثبات وجودها وتحقيق مكاسب شخصية وحزبية.
الحوار الذي تتمترس خلفه المليشيات والأسلحة والقوة بشكل عام لا يمكن أن ننتظر منه نتائج إيجابية لحل مشكلات البلاد والتأسيس لدولة مدنية أو نصف ذلك أو أقل منه.
الذهاب إلى الحوار استنادا إلى القوة واستغلالا لظروف يرى هذا الطرف أو ذاك أنها تخدمه أكثر من غيره ليس حواراٍ لأنه سيكون حوار دروع لا حوار عقول والفرق واضح وإن لم تشتعل الحرب ويحدث الصراع.
من المؤسف حقا أن تتراجع مساحة التفاؤل من الحوار ونحن نرى من يحاول افتعال قضايا ويسعى لضمان مصالح خاصة جدا قبل بدء الحوار.
نحن بحاجة لحوار العظماء لا حوار أدعياء الوطنية والمتسابقين إلى الغنائم فالمشكلات والقضايا المطروحة للحوار بحاجة لعظماء يدركون حقيقتها ويمكنهم الوقوف أمامها ووضع المخارج والحلول الصحيحة دون استناد للنزوات والأهواء.
الوقت الذي استغرقه الأدعياء لاستحضار أوراق القوة والكيد أتاح الفرصة لتفاقم بعض المشكلات وظهرت قضايا جديدة بتعقيداتها فالزمن لا ينتظر ولعل بعض القضايا سوف تأخذ مسارات جديدة وربما تتجاوز متطلبات الحوار القادم الذي كان من المفترض أن يذهب إليه الجميع من وقت مبكر لتدارك الكارثة وتفاديها قبل فوات الأوان لكن العقول المنغلقة وأصحابها الذين يريدون الذهاب إلى الحوار مستندين على جبال من القوة لفرض رؤاهم ومطالبهم أخروا الحوار كثيرا واخشى أن يؤخر أكثر إلى أن يصبح بلا ثمن ولا فائدة بعدها تخرج أهم القضايا وأكثرها مصيرية عن السيطرة وهذا الذي يلوح في الأفق ويبدو جليا حتى اللحظة.
ماذا عسانا أن ننتظر من حوار يشارك فيه الذئاب والأفاعي وخلفه ما خلفه من ألاعيب الأقارب والأباعد ومن حوار ينطوي على أكثر من حوار ظهر منها ما ظهر وثمة حوارات لم تظهر بعد ولكنها في طريقها إلى الظهور استنادا لما قلنا أنه القوة بأشكال عديدة.
لا أقلل من شأن الحوار وادعو إليه بقوة العقل والمنطق والمصلحة العامة ومصير البلاد الذي أراه يتآكل فيما بعض أطراف الحوار على درجة كبيرة من الانشغال بالخلافات الخاصة و الشخصية جدا وبحشد أوراق الإرباك والقوة غير المشروعة..