بقلم: د. محمد توكلنا٭
قبيلة كنúدة من قبائل العرب العريقة فكندة تْدعى ( قريش العرب ) وإليها ينتسب ( امرؤ القيس ) أعظم شعراء الجاهلية وكذلك فإن قاضي القضاة ( ابن خلدون ) عالم الاجتماع الشهير كندي حِضúرِمي , وهذه القبيلة لم تزل تنجب النجوم الأفذاذ منذ دهر بعيد , وممن أنبتته في العصر الحديث الشاعر العظيم علي أحمد باكثير ولقد فاخر باكثير بهذا النسب منذ نشأته الشعرية , فنحن نجد في ( ديوان الصبا ) وهو باكورة شعره في حضرموت العديد من القصائد التي تشير إلى هذه الحقيقة ففي قصيدة ( لمنهاج امرئ القيس ) يقول باكثير مفتخرٍا ( الطويل):
ومِنú يكْ من آل امرئ القيس فليكنú****لهْ المِجدْ من تيجان آبائه تاجا
ويِقفوهْ في المِسعى لمجدُ مؤِثِلُ ****وأكرمú بمنهاج امرئ القيس منúهاجا
ولكننا نرى أن الشاعر لا ينظر إلى هذا النسب على أنه غْنúم من دون غْرúم , وإنما يرى أن عليه أن يدأب في سعيه حتى يموت أو يصبح علماٍ من كبار الأعلام ليتابع المسيرة التي عليها آباؤه وأجداده :
سأسعى فإما أنú أْوِسِدِ أو أْرى ****سراجٍا منيرٍا في المكارم وهِاجا
– فخر بالعروبة وأعلامها
ولم يكن الشاعر يفخر بتاريخ أسرته فحسب بل يفخر بفحول الشعراء الذين أنجبتهم العروبة , فهو يقول على لسان المتنبي ( الطويل ) :
من الملأ العْلúوي من عالِم الخْلúد****أِهْلْ عليكمú بالتحيات والحِمúد
تِقِحِمúتْ حْجúبِ الغيúب حتى أِتِيúتْكْمú****لأِجزيِكْمú عنú بعض إحسانكْمú عنúدي
قطعتْ حْدودِ (الأين) في متطاولُ****منِ اللِوح يفنى البْعدْ فيه منِ البْعد
ويتجلى الفخر في ثنائه على نفسه وهو يصف رحلته , فهو يرى أنه هو مركز الكون وكل ما فيه يدور حوله :
كأنِ الفضاءِ اللانهائيِ سائرَ****على كْرةُ لا حدِ فيها سوى حِدي
ثم يتجاوز في رحلته النجوم وهي تحاول أن تستميله وتخاطبه بلسان نورها راجية أن يقول فيها بعض شعره ويتودد إليها , ولكنه يعرض عنها فهي أدنى من غايته :
إلى أنú تجاوزتْ النجومِ جواذباٍ****إليهنِ عطفي غيرِ أنú لِسúنِ من قِصدي
يناشدْني – والنْورْ ثِمِ – لسانْها****لأنúشدِها شعري وأْصúفيِها ودي
لكن الذي يلفته عن الميل إلى هذه النجوم إنما هو حبه لمصر ودمشق وبغداد حيث قضى زهرة شبابه وعنفوان بطولته وأنشد فيها القصائد التي لم تزل الأجيال تتغنى بها في كل مكان :
ولو لم تكنú (مصرَ) و(جلقَ) الهوى****و(بغدادْ) لم أبخِلú عليها بما عندي
معانُ قضى فيها الشبابْ مآربي****وسِلتú بها كْبرى العزائم إفúرِنúدي
وأمليتْ فيها الدِهرِ غْرِ قصائدي****فغِنى بها الأجيالِ في السِهل والنِجد
-العربية سيدة اللغات
ثم يْظهر باكثير – على لسان المتنبي – عشقه للغة الضاد واعتداده بها , فهي اللغة التي لا يمكن أن تشيخ وتهرم , لأن الله تعالى حفظها من خلال قرآنه الكريم , وهي تبدأ من حيث انتهى غيرها من اللغات , وهي لم تزل حتى الآن في مقتبل عمرها , رخصة لطيفة تفيض بالحب , والذي تخفيه من حبها هو أضعاف ما تبديه :
هي الضادْ لن يِذوي على الدهر عْودْها****وقد خِصها (الذكúرْ) المْقدِسْ بالخْلúد
ستبدأْ من حيثْ انúتهتú سائرْ اللْغى****خْطاها إلى حِدُ يِجلْ عن الحِد
ولا تِعتبوها فهúيِ بِعدْ صغيرةَ****ولم يِتِنِفِسú صِدúرْها بِعúدْ عِن نِهúد
على أنها بالرغúم من صغúر سنها****لِناعسِةْ الجِفúنِين مِياسةْ القِد
يكادْ يصيحْ الحبْ بينِ شفاهها :****»أنا الحْبْ ما أْخفيه فوقِ الذي أْبدي»
– نتاج حضارتين
ويخاطب أهل مصر بلسان الشاعر العبقري , ليكشف أن الحضارة العربية الحالية قد تلاقحت مع حضارة الفراعنة في مصر :
أبى اللهْ إلا أنِ مِجúديِ مِجúدْكمú****وإنú رِغمِ الشاني ومجدِكْمْ مِجدي
أبوكمú أبي يومِ التفاخْر (يِعúرْبَ)****وجِدْكمْ (فرعونْ) أضحى بكم جِدي
تألهِ و(التاريخْ) طفلَ وملúكْهْ****تبسْمْ ذاكِ الطفل نْوغيِ في المِهد
ونرى هنا أن باكثير يتناص مع الشاعر علي الجارم , فالجارم أيضا يرى أن الحضارة العربية في مصر قد تلاقحت مع الفرعونية , فسبب بطولة الفارس العربي هو امتزاج نسبه بين عمرو بن العاص والفرعون (مينا) (البسيط) :
نفسي فدِى الفارس المصري إن خطِرِتú****به المواكبْ أو خِاضِ الميادينِا
ما بِيúن (عمرُو) و(مينا) زانِهْ نِسِبَ****فمِن كآبائه عْرúباٍ فِراعينِا
ثم يهيب باكثير بفتيان العرب اليوم أن يهبوا إلى حياة الجد ليقفوا في وجه أعدائهم الألداء , فعيب على العرب أن يستكينوا ويركنوا إلى حياة الهزل بينما أعداؤهم ماضون في جدهم , ولا يليق أن يكون الأعداء أنداداٍ لفتيان العرب فكيف يليق أن يتعالوا عليهم ويرفعوا في وجههم السدود ليمنعوكم من بلوغ السيادة والريادة ¿ :
كِذا فِلتِكْنú فتúيانْ يِعúرْبِ إنú تْردú****حياةٍ لها ما بينِ أعدائها اللْد
حرامَ عليكم أنú يِقوموا وتِقúعْدوا****وأنú تِهزلوا والقومْ ماضْونِ في الجد
كثيرَ عليهم بعدْ أن تِقفْوهْمْ****بِني اللْؤúم منكم مِوúقفِ الند للند
فكيف بأن يِعلوا عليكم ويِضربوا****على العْرب دونِ العز سداٍ على سد
– سيرة حياة وثقافة
ولد علي أحمد باكثير في الحادي والعشرين من ديسمبر عام ألف وتسعمائة وعشرة بإندونيسيا وتربى في كنف والديه وتعلم القرآن الكريم والعربية فقد كانت سورابايا مركزٍا من أهم مراكز تجمع العرب الحضارم في الجزر الإندونيسية وكانت لهم فيها مدارسهم ومعاهدهم وصحفهم ومجلاتهم وكان من الممكن للفتى علي أحمد باكثير أن يتقن العربية ويتعلم علوم الدين هناك بيسر ولكن كان للحضارم هناك سنة طيبة اتبعها آباؤهم في مهاجرهم البعيدة في إرسال أولادهم إلى مواطنهم الأصلية لإتقان اللغة من منبعها وتعلم قراءة القرآن الكريم بلا لكنة أو عجمة من جهة ولكي يتربى الولد في وطنه على عاداته وتقاليده ويتدرب على الاعتماد على النفس بعيدٍا عن والديه حتى يقوى عوده ويشتد ساعده من جهة أخرى , ولذلك أرسله والده إلى حضرموت وهو في سن الثامنة .
وفي حضرموت درس أمهات الكتب في فقه المذهب الشافعي وهو مذهب الحضارمة , كما درس أمهات الكتب في الحديث الشريف وفي اللغة العربية والأدب وحفظ منظومات المتون في هذه العلوم وتمكن فيها إلى حد أنه حينما أراد أن يدرس في الجامعة عرف أن فرع اللغة العربية لن يقدم له شيئاٍ جديداٍ فوق علومه , لذلك فضل أن يدرس في فرع اللغة الإنكليزية .
– باكثير الداعية
وحين تمكن باكثير من علوم اللغة والدين وجد أن عليه واجب دعوة قومه لينهض بهم ويرفع شأنهم , فبدأ يبحث عن أسباب تخلفهم فيفندها ويدعو إلى إصلاح الخلل (الرمل) :
يا بِني الأحقاف ثوبوا للهْدِى ****واتúبِعوا الذكرِ ولْوذوا بالسْنِنú
وانشْروا العرúفانِ في قْطúركْمْ ****واستغلْوهْ وأحيوا كلِ فِن
وتناسِوا ما مضى وامúتِزجوا ****وادúحِضْوا الأحقادِ عنكمú والإحِنú
بينكمú جنسَ ودينَ جامعَ ****ولسانَ وعْهودَ ووِطنú
وانتقل إلى مرحلة جديدة في الدعوة تحمل همِ الإسلام والمسلمين في كل مكان وليس في حضرموت فقط فارتحل إلى الحجاز ليلتقي هناك بإخوانه الدعاة المصلحين من أقطار شتى وينظم في هذه الأجواء الربانية مطولته الشعرية في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم على نظام البردة ثم تطرق إلى واقع المسلمين اليوم قائلاٍ (البسيط) :
لقد غدتú أمةْ الإسلام واهنةٍ ****منها القلوبْ فأضحتú (قصعةِ الأمم)
لم يِبقِ فيها من الإسلام – وا أسفا – ****إلا اسمْهْ وبها معناهْ لم يْسِم
ولا تقومْ إلى القرآن تقرؤهْ ****إلا أمانيِ بالألحان والرْنْم
تِبدلوا منهْ كتúباٍ لا حياةِ بها**** ****كأنما عِكفوا منها على صنم
عدوا المشائخِ أرباباٍ وبعدِهْمْ ****أقوالهْمú كنصوص الواحد الحِكِم
وآخرونِ أصاروا الغربِ قبلتِهمú ****فهم بها بينِ طِوافُ ومْستِلم
يا رب رحماكِ إن الغربِ منتبهَ ****والشرقِ مشتغلَ بالنوم والسِأِم
والعْربْ في غفلةُ عما يهددْها ****لم تِعúتِبرú بليالي بؤسها الدْهْم
– باكثير وفلسطين
لقد آلم باكثير ما آلت إليه حال فلسطين وشعبها فتمنى أن يكون مع الثوار فيها ويستشهد هناك فتنعاه لأهله الرماح بدلاٍ من القصائد (الطويل) :
وِددúتْ لِوِ اني في فلِسطينِ ثائرَ****لأهليِ تِنúعاني الظْبى لا القصائدْ
ويعجب شاعرنا كيف يصبر العرب على مصابهم بفلسطين , وكيف يستمتعون بالأكل والشرب والنوم مع أن حالاٍ كهذه يجب أن تدفعهم للإقبال على الشهادة , وكيف يهدأ لهم بال وهم يرون شعباٍ بأكمله ينكب في فلسطين ¿ بل كيف يرضون بأن يعطى بيت المقدس الذي أسري إليه برسولهم عليه الصلاة والسلام إلى أذِل أهل الأرض ¿ (الطويل) :
ألا ليتِ شعري كيف تِصبرْ يعرْبْ****على حالةُ فيها المِنيةْ تِعúذْبْ¿
وكيف (بلادْ الضاد) تغفو جفونْها****وجفنْ فلسطينُ دمَ يِتصببْ¿
وكيف يْسيغ العْربْ بِردِ شرابهمú****ومليونْ نفسُ منهمْ ثِمِ تْنكبْ¿
أيِرضى بنو الإسلام مِسرى رسولهمú****لأهون مِن فوقِ البسيطة يْوهِبْ¿
ويلحظ الشاعر فظاعة المؤامرة على فلسطين وشعبها , فالمعركة ليست مع المحتلين اليهود بل إنها معركة معهم ومع بريطانية التي تدعمهم وتساندهم , فهم يعيثون فساداٍ تحت حمايتها , ولو كانوا يقاتلون وحدهم لهْزموا وسْحقوا :
فويحِ فلسطينُ تواثبْ قِسوِراٍ****يْقلْ على أكتافه شرِ تنين
فينفثْ هذا السمِ وهو بمأمنُ****ويْنشبْ هذا مثلِ حد السكاكين
ولو زحف التنينْ في الأرض وحدِه****لقْطعِ أوصالاٍ وديسِ على الطين
وينظر باكثير إلى المستقبل فيرى أن هذه الدولة التي تدعم اليهود إنما تدعمهم إلى حين لأمرُ ما ثم إنها سوف تتخلى عنهم بعد ذلك :
فلا يغتررú (بالليث) فهو يحوطْه****لأمرُ ولا يبقيه إلا إلى حين
ثم يتعجب مما سماه قصر النظر لدى بريطانية التي بدا له أنها تتعثر في أخطائها فهي تفعل ما تفعله في مصر وفي المغرب , وتبني الحصون واهيةٍ للصهاينة دون أن تلقي بالاٍ للشعب المسلم الذي هتافه (الله أكبر) . ولكن هذه الدولة سوف ترى أن هذا الشعب الذي تستهين به أخطر مما تتوقع وسوف يكبر هذا الشبل لكي يدفع عنه القط الصهيوني المستأسد :
وقد حدِثونا أنِ (للِيث) حكمةٍ****وأنِ له طرفاٍ إلى الغيب ينظرْ
فهل شاخ عقلْ الليث أم كِلِ طِرúفْهْ****فأصبح في أخطائه يتعثِرْ¿
أيعزبْ عنه عالمَ متحفزَ********يردد في أنحائه: الله أكبرْ
يزمجر في «مصرُ» ويكظمْ غيظِهْ****»بفاسُ» وفي «الصحراء» ينهى ويأمرْ
ويذهب يبني (للعناكب) في الهوا****بيوتاٍ تقيه ما يخاف ويحذرْ
سيدري غداٍ أن الذي ظِنِ باطلَ****وأن الذي لم يْوúله الرأيِ أخطرْ
وأنú ليس يغدو دهرِه «القطْ» ضيغماٍ****وفي «الشبل» ما في أصله حين يِكبرْ
فهل يِعقلْ «الليثْ الحكيمْ» صوابِهْ****وهل يستحي أو يرعوي أو يفكرْ¿
ثم يلتفت باكثير إلى أبناء جنسه العرب والمسلمين فيهيب بهم أن يِنúهِدْوا لإغاثة إخوانهم في فلسطين ويتعجب من شحهم وتقصيرهم في التبرع لشعبها في حين يسخو أعداؤهم بالملايين لتحقيق مشروعهم :
بِني العْرب والإسلام أين غياثْكم****لإخوانكم في الجنس والضاد والدين¿
أيعطي الملايينِ الأقلْ عدوْكم****ولاتنفقوا – في كثرةُ – نصفِ مليون
إن هذا الشح ليس من أخلاق المسلمين ولا من أخلاق الجاهليين فلا الإسلام يرضى بالبخل ولا الجاهلية ترضى بحياة الذل , وإنه لعار أن يستطيع المسلمون نجدة فلسطين ثم لا يسخوا بأرواحهم من أجل إنقاذها فكيف إذا كان الجود بالمال الذي هو أدنى من الأرواح¿ :
فليس بإسلامُ ولا جاهليةُ****تخاذلكم والشحْ في الله بالدْون
وهل يعرف (الإسلامْ) شْحاٍ وذلةٍ¿****وهل تعرف الأخرى الحياةِ على الهون¿
لعارَ بكم أن تستطيعوا غياثِها****فلا تِهِبوا أرواحِكم لفلسطين
فما ظنكم بالمال لا تبذلونه****لغوث حماة المكرمات الميامين
إن جهادكم في سبيل إنقاذ فلسطين لهو برهان على صحة عقيدتكم وصدق إيمانكم , وإن في سقوط فلسطين ضياعكم جميعا , وإلا لما هتف بكم أهلها لإنقاذها :
فلسطينْ برهانَ لكم في جهادكم****أليس لديكم قيمةَ للبراهين¿
ولو لم يكن في موتها موتْ أمركم ****لأِودِتú ولم تفتح فماٍ بأغيثوني
ثم يلتفت باكثير بعد ذلك إلى الصهاينة الذين ينعتهم بأنهم قمل الشعوب بأنهم لن يملكوا شبراٍ واحداٍ بأرض محمد صلى الله عليه وسلم , وهذا ليس في عقيدة المسلمين فحسب بل إن روح موسى وهرون عليهما السلام تنكر أن يملك هؤلاء شبراٍ في ارض المسلمين :
وقْلú لبِني قمل الشعوب: رْوِيúدِكْم****فأحلامكم بالمْلك أحلامْ مجنون
فلن تملكوا شبراٍ «بأرض محمدُ»****وتْنكرْ هذا روحْ موسى وهرون
ثم يبين أن محاربة (هتلر) لليهود وطردهم من أرضه كما تطرد الشياطين ليس إلا لأمرُ هو خبثهم ونجاستهم , ثم يقول باكثير على لسان قومه بأنهم لن يهنأ لهم عيش في أرضهم إلا أن يطهروها من هذه النجاسات :
لأمرُ قلاكم «هتلرَ» عن بلاده****وطاردكم منها طرادِ الشياطين
حرامَ علينا أن نعيشِ بأرضنا****إذا لم تْطهِرú من نجاسات «صهيون»
ثم يلتفت إلى أهل فلسطين فيحثهم على الصبر والمجالدة ليْروا الناس أن العروبة ما زالت حيةٍ كريمة , بل هي أكرم الأمم , وأن العرب لا يهابون الموت مهما حمي وطيسه , وأنهم أرادوا الحياة الحرة الكريمة فاستعذبوا الموت في سبيلها :
وأنت فلسطينْ اثبْتي وتِجِلدي****فما الصبرْ إلا عندما الصِدمةْ الأْولى
وأدري الورى أن «العروبةِ» لم تِمْتú****وأنِ لها في المِكúرْمات اليدِ الطْولى
وأنِا الأْلى لا نِرúهبْ الموتِ كالحاٍ****ولا النارِ شؤبوباٍ ولا السيفِ مِسلولا
وأنِا أردúنا أن نعيشِ ومن يْردú****حياةٍ يجدú طعمِ المنيِة مِعúسولا
ويحذر شاعرنا من الغفلة عن مكائد أعدائهم , فالعدو يقظ متنبه راصدَ لحركاتهم وسكناتهم يترقب غفلة منهم ليبطش بهم فعليهم أن يحاصروه حتى يهلك ظمأٍ وذلك أضعف الإيمان , فهذا العدو سيِهلك إن لم يجد داعماٍ مسانداٍ له , أما إن وجد من يؤيده منهم ويدعمه فالويل للعرب لأنه سيهلكهم (البسيط) :
صِحواٍ بِني العْرúب من طْول الكِرى فلقد**** ****قامِ العِدْوْ على أبوابكْمú رِصِدا
فابúقِوا على أضعف الإيمان أنú تِقفوا ****على الحمى دْونِه حتى يموتِ صِدى
الموتْ مْودُ به إنú لم يِجدú سِنداٍ ****منكمú ومْودُ بكم إنú أحرِزِ السِنِدا
ويحذرهم من مهادنة الأعداء أو مصالحتهم فالصلح سيؤدي إلى هلاك العرب وسيكفل البقاء لأعدائهم , وإذا ما فتحت للأعداء الأبواب في البلاد فسيتحكمون برقاب العرب حتى يميتوهم ميتة ذل وهوان , أما هم فسينتعشون ويعيشون حياة سعادة ورخاء في بلاد العرب :
الصْلúحْ للعْرúب لِحúدَ يْقúبِرونِ به ****وللúعدا هو مهدَ يِكفْلْ الوِلِدا
إياكْمو أنú تِزلوا زِلةٍ عِمِماٍ ****فِتِفúتِحوا لهْمْ الأبوابِ والسْددا
إذِنú تِبيدوا على أقدامهمú ضِعِةٍ ****إذن يعيشوا على أشلائنا رِغِدا
كما تناول باكثير قضية فلسطين في عدد من مسرحياته مثل (شيلوك الجديد) و(شعب الله المختار) و(امبراطورية في المزاد) وفي جميع هذه المسرحيات كان يبشر بزوال إسرائيل , وفي مسرحيته القصيرة (ليلة 15 مايو) يبقى باكثير متفائلاٍ بقدرة العرب على محو إسرائيل حتى في عيد ميلادها , وكذلك في مسرحية (حرب البسوس) تتحقق الوحدة العربية بعد أن يدرك العرب أن اليهود هم الذين يزرعون بينهم الفرقة والحروب..
٭ مسؤول الدراسات في بيت فلسطين للشعر