عادل خاتم
عندما نحول انظارنا نحو الآخر أول ما يلفت انتباهنا هو انتفاء وجع الواقع واحباطاته الذي صار بالنسبة لنا كدول عربية طالتها رياح «الربيع» أو ماتزال تتهيج هو غياب النهوض وعدم القدرة على الخلاص من حالة التقوقع في مربع التوهان المنبثق من رحم المشهد السياسي الانفعالي غير المتوازن الذي طغى على مجمل تفاصيل الحياة- بتأثير سلبي- وصل حد الخطر كما هو الحال بالنسبة لنا في اليمن ومع ذلك فما تزال وتيرة الركود تتقاذفنا وديناميكية التعطيل للحياة لها تأثيرها الواضع على كل المجريات.
لست متشائما من واقع لم يكن لثورة الربيع أي صلة بانتاج مشاهد الغوغائية فيه ولا متفائلا بواقع سابق بائس لا يخلو من الأخطاء الفادحة القاتلة لآمال التغيير بل ما أصبحنا نعانيه من سيناريو خطير تلعب النخب المحروسة بالأحلام المعتقة فيه الدور البارز في تشكيل ايقوناته ضاربة بكل ما يمت بأي صلة بمفهوم الحداثة والتغيير خلف مسارات التهميش حيث نجدها تلهو بمشاغل التموضع والاستئثار غير مدركة الغبن الفادح الذي يعتصر حال المواطن المبطوح بين فكي كماشة الفقر المدقع وشبح الهم الحياتي في معركة الكفاح المر للحصول على لقمة العيش كأدنى حق من حقوق الحياة الكريمة.
أي آمال نرتجي تحقيقها وأي أحلام أو طموحات نتوقع مجرد الاقتراب منها أو قد تجد لها أي موطىء قدم في بلد ماتزال هذه الديناصورات وهذه الكيانات التي يسكن في كيانها الممزق موروث الصراع والضغائن والاحقاد تعبث بمقدراته وتتحكم بشريان الحياة فيه.
إن مرارة الفوضى هي المسيطرة على كل شيء يمنحنا حق الحياة والتحول والتغيير في هذا الوطن والخلاص من هذه الكيانات المريضة سيجنبنا متاهات الانزلاق في براثن الفوضى ذلك أن تفكيرها للحياة مرتبط بنهش جسر الواقع في سبيل مصالحها لتمنح نفسها ديمومة الاستئثار والاستحواذ والنفوذ وامتصاص دم المواطن والتحكم في معيشته ولقمة عيشه إذا فمشكلتنا الحقيقية تكمن في وجود هذه الآفات بيننا والتي تمثل خلافاتها مصدر إقلاق للمجتمع ودمار لبنية الاقتصاد الوطني الذي أصبح يعتمد ما نسبته 54% على الخارج كما أن تقاربها أو تحالفها مرتبط عضويا بحسابات التقاسم والفساد وإفساد الحياة العامة وواضح جدا أنه في الوقت الذي يسعى الجميع إلى إنجاح الفترة الانتقالية وإخراج الوطن بسلام من عنق زجاجة الأزمة لا تتردد هذه النخب الفاسدة في إظهار نوازعها الانتقامية والتمركز حول ذاتها العدوانية.