تحقيق/أحمد السعيدي
لا تطلب العزة والتمكين والنصرة لشعوب الأمة الإسلامية المستضعفة إلا من الشباب فهم من نصروا النبي عليه الصلاة والسلام ولك أن تقيس بين عظم المهمة وحال شبابنا اليوم وكيف يفكرون وبماذا يطمحون سترى أن قسماٍ من الشباب يهتم بالأكل والشرب والنوم ويمشي عرض الحائط كما يقولون وقسم آخر قضى حياته في النت بين «الفيس بوك» ومواقع الشات الأخرى وقسم ثالث يعيش حياة الفتوة واستعراض العضلات وحياة العصابات وسمرات الأعراس والهبشات والمصالح المادية ومن هذا القسم شباب نزع من وجوههم الحياء فاصبحوا يضايقون الفتيات نهاراٍ جهاراٍ بل وينتظرونهن أمام مدارسهن بلا خجل أو حياء..«نور على نور» تركز في التحقيق التالي على هؤلاء الشباب وما هو الدافع وكيف يتم العلاج والنظرة الشرعية لذلك المنكر..
تبدأ ظهراٍ
بعد أن كان الجلوس عند مدارس البنات مشكلة استثنائية وعادية تعالج بالود والنصيحة صارت اليوم ظاهرة سلبية وخطيرة ومبشرة بالانحلال الأخلاقي والانحراف عن القيم والمبادئ الإسلامية وتبدأ هذه الظاهرة عندما تسمع أذان صلاة الظهر فيتجه الناس والشباب الصالحون إلى المساجد ليقفوا أمام الله عز وجل وقتها يتجمع الشباب المتسكعون في الشوارع والذين لا هدف لهم في الحياة ويذهبون للجلوس أمام مدارس البنات فينتظرون حتى تدق ساعة خروجهن من المدرسة عندها تبدأ المضايقة بالكلام المنحط والنظرات المليئة بالغريزة الوحشية لدى هؤلاء أو ربما بالأفعال الوقحة أحياناٍ كوضع رقم تلفون في طريق الفتاة أو حركات فاضحة أو ايماءات ساذجة تدل على استغباء صاحبها البليد ومريض النفس والعقل ومنحط الأفكار والقيم وتنتشر الظاهرة عندما لا يجد هؤلاء من يمنعهم أو يحاربهم سواء من الأسرة التي قد لا تعلم أحياناٍ أو من المجتمع الذي يعاني هذه الأيام من أخطار يراها أكبر من هذه المشكلة مع أنها تعد من المشاكل التي تطمس حضارات الشعوب وهوياتها الإسلامية القديمة بل وتجعل أجيال الأمة وخصوصاٍ من الشباب فاقدين لمعاني الرجولة وروح الانتماء للإسلام وقيم المجتمع القبلي اليمني المحافظ ويصبحون عاجزين عن نصرة هذا الدين المستهدف في مشارق الأرض ومغاربها.
ومن جهة أخرى فإن خطورة الوضع تكمن أيضاٍ في تأثيرها على الطالبات أنفسهن وخوف آبائهن عليهن وهن في مكان للعلم والتعلم..
تربية مفقودة
إن ما يدفع هؤلاء لارتكاب مثل هذه السلوكيات أسباب عدة لعل أهمها كما يرى الأخ مثنى جميل – مشرف في مدرسة خاصة هو غياب الوازع الديني الذي يعتبر الرادع للنفس البشرية من الأهواء واللذات والغرائز المختلفة وأنه عندما يغيب عامل الوازع الديني فإنك ترى الإنسان يعمل ما يشاء دون استشعار أن عليه رقيباٍ أو أن هذا حلال أو حرام..
أما الأخ وسيم الصنعاني – أخصائي علم نفس فقد أرجع أسباب ذلك الانحراف إلى نقص في عامل التربية والتوعية التي يتلقاها الشخص في أهله وبين أسرته فلا يمارس هذه السلوكيات إلا أشخاص لا يوجد في منازلهم القدوة الحسنة التي يتعلمون منها أن هذه الأمور حرام وغير أخلاقية..
مكانة الشباب
«نصرني الشباب وخذلني الشيوخ» هكذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم.. وكذلك اعطى ديننا الإسلامي الحنيف مكانة خاصة للشباب ومسؤولية أيضاٍ وقد وصف الله سبحانه وتعالى سن الشباب بعهد القوة بقوله تعالى «الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاٍ وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير» الروم «54» وقد سطر الشباب في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أروع الأمثلة وأعظم الملاحم والبطولات فكانوا نجوماٍ تحفر أسماؤهم في قلب التاريخ ونذكر من هؤلاء فتى الإسلام الأول الإمام علي بن أبي طالب وحب النبي عليه الصلاة والسلام أسامة بن زيد ومعاذ ومعوذ من قتلا أبا جهل ومعاذ بن جبل الذي اهتز لموته عرش الرحمن والقائمة غيرهم تطول..
كما تدين تدان
يقول الأخ حسام شرف الدين أن هؤلاء الشباب يجهلون أمراٍ مهماٍ وقدراٍ يسير في الأرض وهو من يدق أبواب الناس بخير يدق الآخرون أبوابه بخير وإن كان شراٍ فالقضاء يأتي فيه وأنه من تعرض للفتيات بالمضايقة فإن الدور يأتي على أهله..
ويروي حسام قصصاٍ واقعية حدثت منها قصة لشاب منحرف تعرف على صديق مؤدب فقام بالتأثير عليه وجعله يعرف الفتيات حتى صار منحرفاٍ مثله فقام الأخير بالتعرف على شقيقة ذلك الشخص الذي أوقعه في المهالك وما أن اكتشف الشخص المنحرف بتلك العلاقة قام بإطلاق النار على صديقه حتى أرداه قتيلاٍ فحكم على القاتل بالإعدام قصاصاٍ..
في مثل هذه المواقف يلعب القدر لعبته ويحقق قول الرسول الكريم عندما قال «كما تدين تدان».
أمر بالمعروف
يحتاج الأمر للحد من هذه الظاهرة تدرجاٍ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى الوصول إلى درجة الزجر والردع والعقاب القاسي..
تقول الأخت نوال السالمي المعلمة في مدرسة القديمي للبنات: استخدام القوة هو الحل الأمثل للحد من هذه الظاهرة وأذكر مثالاٍ في مدرستنا كانت المديرة السابقة فاطمة فاخر تتعامل مع قسم الشرطة فمن كان يجلس عند باب المدرسة كانت تأتي الشرطة وتأخذه وتحتجزه لمدة 6 ساعات ولا تطلق سراحه إلا بعد أن يأتي أحد من أهله ليخرجه أما اليوم وبعد تغيير المديرة الشباب على أبواب مدرستنا يسرحون ويمرحون دون رقيب أو حسيب..
دور إعلامي غائب
رغم الحديث عن هذه الظاهرة في بعض منابر المساجد بتعميم من وزارة الأوقاف والإرشاد فإن الأمر لا يكفي للحد من هذه الظاهرة إذ يحتاج إلى توعية إعلامية ضخمة تشمل الترغيب والترهيب وتعتمد على الإعلام المرئي والمقروء أيضاٍ بالنشرات التوعوية والتي تتضمن الخطاب المتوازن والمباشر عن تلك الظاهرة وتواجدها وتأثيرها على الفرد والمجتمع والحلول اللازمة للحد من هذه الظاهرة والدور الإعلاني يعد من الأمور المهمة التي تساعد على التوعية التي قد تحد من أي ظاهرة تؤثر على المجتمع..
مسؤولية المحلات
ويرى كثيرون أن الحل لمكافحة هذه الظاهرة هو تحمل أهل الحي مسؤولياتهم في حماية المدارس التي تقع في احيائهم ومنع جلوس الشباب عند أبواب المدارس وذلك عبر العقال والوجاهات والمشائخ ووضع برنامج ينفذه الشباب يبدأ هذا البرنامج بالنصح واستخدام الحكمة وينتهي إذا استدعى الأمر أن يمنعوهم بالقوة ومعاقبتهم بعقوبات رادعة..
وأيضاٍ التزام أصحاب المحلات التي أمام المدارس بعدم السماح لأي شخص بالجلوس على أبواب محلاتهم عند خروج الطالبات وإلا فصاحب المحل الذي يسمح بذلك يعد مشاركا أيضاٍ ويتم إغلاق محله فوراٍ..
نظرة شرعية
وللأخذ بكلام العلماء وفتواهم فإن القاضي محمد بن إسماعيل العمراني مفتي الجمهورية عندما سئل في مسجده قبل أشهر عن الشباب الذين يعاكسون الفتيات على الطرقات قال: «لا يدرك أولئك أنهم يرتكبون ثلاثاٍ من الكبائر مجتمعة الأولى هي عدم إعطاء الطريق حقه كما جاء في حديث النبي عليه الصلاة والسلام عن الجلوس في الطرقات.. والثاني أنهم قاموا بالإيذاء للمسلمات فدخلوا في قول الله تعالى «والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناٍ وإثماٍ مبينا» الأحزاب «58»
والثالث أنهم اشبعوا غرائزهم بما حرم الله كالنظرة المحرمة والكلام البذيء وغيرها من الأفعال الناقصة في حق المسلم والرجل أيضاٍ»
وفي كلامه مع «الوحدة» قال الشيخ عبدالمنان التالبي: «هؤلاء الشباب أسوأ من أنهم يعصون الله تعالى إنهم يجاهرون بالمعصية ويتفاخرون بها ولا يخافون لومة لائم وأولئك توعدهم الله بعقاب خاص بنص حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال: «كل أمتي معافا إلا المجاهرون»
وأخيراٍ أسأل من الله أن يهدي شبابنا وشباب المسلمين ونتمنى من كل الذين يستطيعون الحد من هذه الظاهرة أن يقوموا بواجبهم أمام الله عز وجل..
