استطلاع/ خالد الصايدي
إبــــــداع
بقول الكاتب فضل النقيب «صالح الدحان قلم لا يتكرر ولا يقلِد فهو يكتب بمداد مشاعره «ماركة مسجلة» مصوراٍ كالرسام عالمه الداخلي وما يجول في خاطره وما يعنِ له أثناء الكتابة لذلك فهو أوسع مدى من الرسام المحكوم باللوحة وبالشخوص والدحان شديد الاحساس بقارئه يرفه عنه بالطرفة اللاذعة والمعلومة الطازجة وتلك اللغة التي تتبختر كالطاووس بألوانها الفاتنة ثم لا تلبث أن تحلق كالصقر مثيرة الفزع في أوساط الكتاب الذين ينقرون كالدجاج حبوباٍ قديمة وأخيلة سقيمة. صالح يكتب بعقل فنان تهمه الصياغات فهو من مدرسة إمام الصحفيين العرب «الجاحظ» الذي كان قادراٍ على التقاط المفارقات والنسج عليها وإبراز أوجه الفرادة في تجليات الحياة وهذا الاسلوب لا يضيع الحقيقة ولا يضيق بالمعلومة وإنما يقدمها بصورة شخصية زاهية وهذا لا يتأتى لأي قلم فبجانب الموهبة التي هي هبة ربانية للموهوبين هناك الثقافة التي تعب الدحان لتحصيلها وهناك التجربة التي قادته الى بلدان عديدة وكذلك تأبيه على التأطير والحزبية الضيقة واحتفاظه في أقسى الظروف بمساحة من الحرية التي هي ضرورية كالاوكسجين بالنسبة للكاتب.
صالح الدحان.. القديس الإنسان
اما الكاتب حسن العديني فيقول»لم يكن «صالح الدحان» مجرد صحفي محترف. لكنه, فضلاٍ عن ذلك, مثقف من الوزن الثقيل قرأ لكبار المفكرين والروائيين والشعراء, وقرأ باللغة العربية وبالانجليزية, بل لقد أجاد الصينية واشتغل في بكين محرراٍ بوكالة أنباء الصين «شينخوا». وهناك ترجم إلى العربية أشعار «قصائد» الزعيم الصيني الأشهر «ماوتسي تونغ». وكانت رحلته إلى الصين واشتغاله في عاصمـــــتها واحدة من مغامراته الكثيرة ذلك أن حياته كلها مغامرة, مغــــامرة في الفــــكر وفي العمــــل وفي السياسة.
سلام عليه في مستقره مع الصديقين أحباب الله.
«خسارة كبيرة»
أما الأستاذ حسن اللوزي وزير الإعلام السابق فيقول «ومثل الفقد الاختياري الاول خسارة كبيرة للوطن.. وللصحافة الوطنية الحرة والمسؤولة.. وللكلمة الصادقة البناءة ولكل من عرفوا الراحل الكبير واهل الصحافة والفكر والأدب والذين ظلوا يترقبون عودته إلى عرينه في 26سبتمبر وكل الصحف التي كان يكتب فيها.. وما انفك الحزن يعتصر قلوبهم عليه!! والأسئلة في أذهانهم تأتي وتروح لموقف فارس جليل أراد أن يسدل الستار على تاريخه المعطاء عنوة وعن سبق اصرار وترصد وكأنه اكتفى بما اعطاه وقدمه في خدمة وطنه وقضايا الثورة والحرية والوحدة والتقدم الاجتماعي والتطور الاقتصادي وحاضر ومستقبل الأمة العربية.. وكأنه أيضاٍ كان قادراٍ على ايقاف حركة تاريخه وانهاء صلته بالحياة الابداعية والانتاجية ودون رجعة.. برغم انه يدرك بأن تاريخ أمثاله من المبدعين الافذاذ والفوارس الرواد لا يمكن أن يتوقف.. وإن شاء ذلك!! وهو يعلم بأن لكل انسان تاريخه الذي لا يمكن أن يتخلص عن فقرة من فقراته.. وتبقى مفاصل التاريخ لأي فرد أو أي مجتمع أو شعب أو أمة مثل العـــــمود الفقري الذي تتماسك به هـــــيئة الكائن الحي!!.
ولاشك بأن الراحل العظيم.. فارس ميدان الكلمة الحرة والمسؤولة والصادقة صاحب تاريخ متجدد فهو مصدر المجموعة القصصية الأولى في وطننا «أنت شوعي» وبهذه المعلومة عنه بدأت صلتي به واخذت اسأل عنه ومازلت طالباٍ أدرس في كنانة العرب.. وابحث عن مجموعته القصصية وكنت حينذاك بدأت أجرب أيضاٍ كتابة القصة القصيرة بشغف كبير!! واهتم بمتابعة الكتابات القصصية والتي كانت سبيل معرفتي المبكرة أيضاٍ بالمغفور له الكاتب الكبير والقاص المتميز والمهني الأول في حقل الصحافة الأستاذ محمد ردمان الزرقة!! غير أن مفتاح الصلة العميقة بالكاتب القدير.. والصحفي الرائد والمتميز صالح الدحان كانت عبر كتاباته الصحفية التي قدمت المعرفة الأغنى والأكثر أهمية بالأســـــتاذ الجليل صاحـــب القلم الذكي والنابه والمهاب.. ولا يكفي في حق كل ما قدمه في مجال الصحافة أن يقال عنه بأنه صاحب مدرسة خاصة سواءٍ في لغته أولاٍ.. وفي أســــلوبه.. واتقانه لما يعــــمل على نشره.. كان شديد الحرص على الكمال وهـــــو يذكر في ذلك بالرعيــــل الأول من الصحافيين العرب سواءٍ في مصر.. أو في لبنان.. أحب لغته حباٍ جما.. وحصن كتاباته بالصياغات البديعة في اختيار الكلمات وبناء العبارات.. وحتى عندما يستخدم بعض الكلمات العامية أو يركب كلمة جديدة من مفردتين فهو لا يفرط في ضبـــط دلالاتها الفصحى وعند البحـــث يجد الانسان أنها قادمة من صـــلب القامــــوس الدقيــــق لفصــيح اللغة ..!!
مدرسة صحفية
الكاتب نجيب محمد سعيد يقول» إن شيخ الصحفيين اليمنيين صالح الدحان مثل مدرسة صحفية متميزة ولاشك أن رحيله يشكل خسارة كبيرة على الوطن وعلى الأسرة الصحفية والثقافة اليمنية فهو كما قال عنه الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح من عالم السياسة والاغراق في حب الوطن جاء صالح الدحان أديباٍ وصحفياٍ مثيراٍ ومؤججاٍ للحراك والنشاط الثقافي الدائم في أية صحيفة أو مطبوعة من انشائه وتأسيسه أو من انشاء الآخرين وتأسيسهم لا يسمح بالركود ولا يقبل بأن تكون الحياة الأدبية أو الصحفية روتينية خاملة بل أراد لها أن تكون دائمة الحيوية والنشاط وأن تجعل القارئ يشعر أنه يعيش في وطن حي لا تتوقف طاقاته المتعددة عن التطور والابتكار .. إنه واحد من أعلام الكلمة المضيئة التي سبقت بأضاءاتها البديعة زمن الثورة اليمنية (سبتمبر- اكتوبر) وسجلت البشارات الأولى في عــــالم الكتابة الابداعية القصصية ».
«سيرته الخالدة»
– الاسم :صالح بن عبده بن عبد الله الدحان.
– ولد العام 1941 م في قرية (الأشعاب) في عزلة (الأغابرة) مديرية (حيفان) محافظة تعز.
– صحفي أديب مؤلف.
– انتقل مع أبيه إلى مدينة عدنº فدرس في بعض مدارسها ثم التحق بمركز تدريب المعلمين فيها وتخرج منه سنة 1376هـ/1956م.
– فعمل مدرسٍا في بعض مدارس مدينة عدن واتجه إلى الصحافةº فعمل مع الأستاذ (عبدالله بن عبدالرزاق باذيب) في صحيفة (الطليعة) وراسل عددٍا من الصحف اليمنية والعربية.وفي عام 1390هـ/1970مº أصدر صحيفة (الشرارة) في مدينة عدن وكانت أول صحيفة مسائية في اليمن.
– وفي عام 1392هـ1972م أصدر مجلة (الصناعة والتجارة) في مدينة تعز كما عمل في مجلة (اليمن الجديد) ومديرٍا لتحرير صحيفة (13 يونيو) ومحررٍا في صحيفة (26 سبتمبر) وفي عام 1410هـ/1990مº أسس وأصدر صحيفة (البورزان) في مدينة صنعاء.
– وإلى جانب النشاط الصحفيº فقد عمل مستشارٍا لوزارة الإعلام والثقافة بعدن وفي سكرتارية مجلس الوزراء.وشارك في تأسيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وفي تأسيس نقابة الصحفيين اليمنيين وعْين عضوٍا في المجلس الوطني وهو أول برلمان يمني عام 1390هـ/1969م.
– حصل على عدد من الأوسمةº منها: وسام الفنون من الدرجة الأولى سنة 1408هـ/1988م ودرع نقابة الصحفيين سنة 1421هـ/2001م ودرع صحيفة (26 سبتمبر) 1422هـ/2002م ودرع مؤسسة السعيد للثقافة والعلوم سنة 1422هـ/2002م.
– متزوج وأب لولدين وبنتين.