استطلاع/ رجاء عاطف
زواج الصغيرات مشكلة اجتماعية عانت منها الكثير من المجتمعات النامية وفي مقدمتها المجتمع اليمني باعتباره مجتمعاٍ تقليدياٍ قبلياٍ يرتكز في بنيته الاجتماعية على العادات والتقاليد القبلية التي تصل إلى درجة التزمت حتى تجاوزت الحدود الشرعية والدينية والاجتماعية والصحية.. هكذا بدأ الأستاذ/محمد يحيى النجار- منسق الدار العربية للمحاماة و المناصرةوعضو الحملة الدولية للمرأة لجنة اليمن حديثه: وقال: إن زواج الصغيرات قضية تثار من فترة إلى أخرى وأثيرت خلال هذه الفترة الزمنية المعاصرة من قبل منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية باعتبار ظهور ما يسمى بالقانون الدولي الإنساني الذي يحظر زواج الصغيرات في سن محددة باعتباره زواجاٍ محظوراٍ ليس باعتبار أنه يتناقض مع الإسلام وإنما من أجل الحفاظ على صحة المرأة وصحة الطفل كون زواج الصغيرات ينتج عنه مشاكل صحية ليست خافية على كثير من الناس وقد تم التوعية في هذا المجال ووضع الكثير من الحملات للتعريف بخطورة الإقدام على ذلك.
ويعتقد النجار أن زواج الصغيرات وما يثار حوله بعيد عن مفهوم السياسة ومفهوم الدين.
وأضاف الدكتور محمد: إنه لم يثبت بحقيقة علمية أن الرسول صلوات الله عليه وسلامه قد تزوج بأم المؤمنين عائشة وهي في ثمان سنوات وإنما مجرد قول ولم يثبت مدى صحته كحديث أو كرواية صحيحة وبالإضافة إلى ذلك ثبت أن للرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ما يتعلق بزواجه وصيامه خصوصية باعتباره نبياٍ مرسلاٍ ولا يجوز الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الجانب أو بتعدد الزوجات وقد روي أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تزوج بتسع وكذلك ما يتعلق بوصل الصوم وهذه الناحية شرعية ثابتة لأنه في مختلف المذاهب وفي اعتقادهم واعتقادنا جميعا وإيماننا بخصوصيات رسول الله ولا يفترض الاعتقاد بهذا المجال فمن هذه الناحية الشرعية ليس لديهم الحق في القول بأن عدم تزويج الصغيرات بأنه يتنافى مع الدين الإسلامي وإنما بالعكس لا يتنافى مع الدين الإسلامي الذي جاء كبيراٍ لحفظ النفس البشرية ولحفظ العقل ولحفظ الأسرة ..
وكان قد ثبت علميا بأن زواج الصغيرات يسبب مشاكل صحية للأم وللطفل معاٍ وأما من الناحية الشرعية وجوباٍ وليس باعتقادي ولست عالم دين أن هذا الزواج يعتبر مكروها إن لم يكن محرما لأنه يفضي إلى عواقب صحية وهذا من الناحية الصحية أما من الناحية الاجتماعية فإن المرأة وتحملها للمسئولية في سن مبكرة يسبب ضياعا للطفل وكذلك في التنشئة وعملية التربية وتحمل مسئولية أسرة وزوج وأطفال وأولاد بالإضافة إلى أن ذلك يسبب ترك المرأة لدراستها في سن مبكرة بسبب تحملها المسئولية وتركها لطفولتها فيفترض أنها في هذه السن لا تزال طفلة مازالت في طور التلقي واللعب..
وكما يستبعد عضو الحملة الدولية للمرأة أن فكرة إدخال هذا المفهوم أو ما يدار عنه خاصة في خلال هذين الشهرين حيث تم وضع هذا المشروع على مجلس النواب لمناقشته والذي من ضمن التعديلات كانت أو نفذت خلال عام 2008م وعام 2003م وهو عدم زواج الرجل بامرأة الفارق بينهما 20 سنة وهذا من المواد المطروحة والتعديلات الواردة في القانون ووضع هذا الموضوع في جدول أعمال مجلس النواب للمداولة وما يثار ليس من جانب استغلال سياسي إنما هي حملة تقوم بها منظمات المجتمع المدني وكثير من الناس مقتنعين بهذه الفكرة والهدف من هكذا حملات إيجاد مناصرة وخاصة خلال هذا الظرف الذي نعتبره متنفسا للحرية ومتنفسا للحقوق والحريات ومتنفسا للمجتمع المدني لأجل حماية الأطفال والنساء وغيرهم من الطبقات المستضعفة في المجتمع..
وفي ما يخص إدراج الموضوع في مؤتمر الحوار يقول الدكتور النجار: إنه لا علاقة لموضوع زواج الصغيرات بمؤتمر الحوار الوطني باعتباره موضوعا متعلقا بالقوانين بالإضافة إلى القوانين الأخرى التي لا يدور حولها أي إشكال سياسي أو مسألة إقحامها في المشاكل السياسية وهذا قد يبْعد الموضوع عن فكرته ومحتواه الإنساني الذي يصبو له جميع الناس وفي مقدمتهم المطالبون برفع سن الزواج ومحاسبة من يقوم بتزويج الصغيرات..
بالمقابل ترى انتصار عمر خالد رئيسة برامج المرأة والطفل بوزارة الإعلام أنه ليست الحملات المضادة لهذه التوجهات وليدة اللحظة لأن كل قضية اجتماعية فيها المناصر وفيها الضد الموضوع ليس جديدا في الساحة اليمنية وكما أن هناك عقولاٍ نيرة هناك عقول راديكالية ورجعية قد عفا عليها الزمن وبدأت تجر أذيال الزمن القديم إلى الحاضر ونحن بصدد بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة مؤسسات وبالتالي تعتبر مسألة حماية الطفولة أو تحديد السن الآمن للزواج قضية اجتماعية ولكنهم قاموا بتسييسها برغم أنها من القضايا الاجتماعية البحتة ويفترض أن المؤسسة المختصة بهذه التشريعات هي التي تباشر عملية التشريع والتنفيذ ولكن غياب المؤسسات والمؤسسات المعنية بدرجة رئيسية في قضية التشريع هو الذي يعرقل عملية إصدار هذه التشريعات الخاصة بتحديد السن الآمن للزواج أو المختصة بحقوق الطفل..
وقالت انتصار: إن قضية السن الآمن للزواج ليس وليد اللحظة فنحن نتداوله منذ أكثر من 10 سنوات في مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات المعنية بقضايا المرأةونتيجة وجود الصراع السياسي الذي أنعكس سلبا على هذه القضية إلى أن وصلت إلى أدرج البرلمان وكان الصراع في أْوِجه وبالتالي رأت القيادات آنذاك تأجيل الموضوع..
ليس مكانه مؤتمر الحوار
وبالنسبة لإدراج موضوع زواج الصغيرات في مؤتمر الحوار الوطني أشارت إلى أن الناطق الرسمي في لجنة الحوار الوطني صرح بأهمية إدراج تحديد السن الآمن للزواج بمعنى ( زواج الصغيرات) وهو احد بنود مؤتمر الحوار وطبعا هذا الموضوع قد تغلف بالغلاف السياسي وتم فرضه في أجندة مؤتمر الحوار الوطني وإلا يفترض أن لا يكون مكانه مؤتمر الحوار الوطني لأن هناك قضايا أهم من ذلك وهي قضايا وطن وقضايا تأسيس دولة وقضايا الخروج من عنق الزجاجة ولكن المسألة كانت بأن الأخوات الأعضاء في لجنة الحوار الوطني أردن إحراج العناصر المتشددة والرافضة للتشريع بقانون سن آمن للزواج أو تشريعات حقوق الطفل الذي نحن نعمل على تعديله و لأنهم يعلمون أن الموضوع سيطول أو أنه سيأخذ وقتا ليس لازماٍ.
15 أو 16 سنة للزواج
ونحن كقيادات نسائية اتفقنا بأنه من الممكن أن نرضى بسن 15 أو 16 سنة للزواج ولكن أن يتركوا الموضوع مفتوحا للعبث بالصغيرات فهذا لا يشرعه دين ولا تشرعه القوانين الوضعية..
ولذلك نأمل في المستقبل القريب بأن نرى بالفعل قانونا يحدد السن الآمن للزواج.. متمنية بأن نتجاوز هذه المحنة وأن تنتصر قضية زواج الصغيرات لأن الشعب اليمني قد أدرك أهمية بناء مؤسسات دولة مدنية حديثة والمرأة تمثل أكثر من نصف المجتمع وإذا استطعنا أن نحقق هذا الانجاز الرائع لن يكون هناك تدمير للأسرة لأنه حين تكون الطفلة صغيرة وتبني أسرة كيف يكون مردودها على المجتمع اليمني أكيد سيكون هنالك خلخلة موجودة في بنية المجتمع نتيجة هذه الممارسات والرفض لكل ما هو جميل وله مردود ايجابي على المجتمع اليمني..
هناك قوى تحارب عملية إدراج زواج الصغيرات في لجنة الحوار الوطني لأسباب شخصية بحتة أو لدوافع سياسية بينما الموضوع بالدرجة الأولى قضية اجتماعية صحية تهدد الصغيرات في البلاد ويجب على الجميع أن يتفاعل ابتداءٍ من رئيس الجمهورية وحتى أصغر مواطن.. هكذا قال الأستاذ/ عزيز عبد المجيد – المنسق العام للسن الآمن للزواج في منظمة أوكسفام والمنسق العام لبرامج المرأة والطفل بوزارة الإعلام: وأضاف: إن القضية ليست قضية سياسية أو قضية مزاج أو قضية انتخابات القضية هي قضية أرواح قضية أطفال وطفلات يموتون نتيجة الزواج المبكر..
فلو صدر قانون بتحديد سن آمن للزواج بسن 18 عاما فسينخفض معدل وفيات الأمهات في اليمن إلى 50% لأنه إلى الآن تصل وفيات الأمهات عندنا إلى( 365 ) حالة لكل مائة ألف ولادة حية وبصدور القانون سينخفض إلى النصف وبالتالي تحديد سن آمن للزواج يعني انقاذ مئات الآلاف من أرواح الصغيرات في هذا البلد..
أما عن إدراجه ضمن أجندة الحوار الوطني فيقول عزيز :هناك قوى أرادت أن تدرجه بفعل ضغوطات ولكنه في الحقيقة قضية وطنية بحتة و لا يجب أن تدخل في الجانب السياسي لأنها قضية صحية واجتماعية وإنقاذ أرواح فتحديد سن آمن للزواج يجب أن يتطابق مباشرة مع (الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل) التي حددت سن الطفولة من 1 – 18 سنة..
ونحن موقعون على هذه الاتفاقية الدولية ويجب أن نلتزم بها ولا داعي للمناكفات السياسية في هذا الموضوع لأنه مرتبط بالجانب الصحي وله تأثيرات صحية خطيرة تهدد حياة الأمهات الصغيرات … سواء في الجانب الصحي أو الجانب الاجتماعي أو الجانب الثقافي والتعليمي ويجب أن نكون متيقظين وينبغي علينا أن نعمل جميعا من أجل أن لا تموت امرأة واحدة في البلاد..
وأما من يرى السير على خطى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الموضوع فأقول: لا ينبغي أن نقارن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في هكذا موضوع وزواجه من السيدة عائشة هو أمر إلهي والمقارنة مرفوضة تماماٍ والأنبياء لهم عصمتهم والرسول واحداٍ منهم… واللبراليون والدينيون هم من يستخدمون ذلك بجانب سياسي دعائي ولا ينظرون إلى الموضوع من جانب صحي!!
وأتحدى أي واحد منهم أنه قد زوج ابنته في 15 عاما أو يقبل بهذا الموضوع لكن هذا كله عبارة عن مناكفات سياسية وتشدق ديني لا أساس له لكن حتى لو صدر قانون نحن لا نستطيع أن نلزم الناس بأن يزوجوا بناتهم بالقانون لان هذا يحتاج لفترة طويلة من التوعية والتنوير..
ولدينا طرق تمكن الناس من تقبل القانون فلدينا التوعية بمخاطر الزواج من الناحية الصحية والتوعية بوثيقة الزواج الصادرة عن وزارة العدل وهذه الأخيرة لو بحثنا فيها وتأكدنا من مدى التزام الأمناء الشرعيين بتطبيق الوثيقة لحدينا الكثير من ظواهر الزواج المبكر كالدول المجاورة.
و الآن وزارة الصحة العامة والسكان بصدد إصدار دليل بشكل رسمي ومعتمد وهو دليل توعوي خاص بمخاطر الزواج المبكر من الناحية الصحية وهذا الدليل سيصبح ملزما لكل العاملين في مجال التوعية وأعتقد أن هذه خطوة جيدة من وزارة الصحة والدليل وضح مخاطر الزواج قبل سن 18 سنة وافضلية الزواج للأم والأسرة والمجتمع برمته بعد سن 18..