مطهر الأشموري
سر ظل ومنذ عقود يحيرني ويذهلني ويربك تفكيري وذهنيتي جعلني في عجز فهمه ومن ثم عجز فهم كل مترتبات الفهم من هذا الأساس.. فاليمن لا يمكن إلا أن تكون المقلدة لأميركا ويستحيل أن أميركا هي من يقلدها فاليمن بديهيا هي المقلدة لأميركا في مواجهة الفكر الأممي بفكر الأسلمة.. كما أن اليمن بداهة تقلد أميركا حين تسير في مشروع الشراكة الديمقراطية باليمن على غرار الشراكة الديمقراطية في الشرق الأوسط كمشروع أميركي.
إذاٍ اليمن سبقت جهاد افغانستان الأميركي في مواجهة الفكر الشيوعي بالإخوان وفكر الأسلمة في حروب المناطق الوسطى فكيف يستقيم مع مسلمة وبداهة أن اليمن تقلد أميركا.
مشروع الشراكة الديمقراطية في الشرق الأوسط طرح بعد تحرير الكويت كمشروع أميركي من خلال الشراكة أو تموضعها في ما الشراكة الديمقراطية في اليمن سبقت ذلك بقرابة العام وخلال مفاوضات تحقيق الوحدة اليمنية.
إنني كإنسان عاقل وواقعي لا يمكنني التصديق ولا يمكن أن أصدق بأن أميركا تقلد اليمن وفي مسائل بين الأهم كجهاد افغانستان أو الشراكة الديمقراطية في الشرق الأوسط.
وعلى هذا الأساس فإنه لايمكن فهم هذه العلاقة والربط إلا من خلال أحد احتمالين:
الاحتمال الأول.. هو أن اليمن هي الأقوى استخباراتياٍ بما يجعلها تسرق الأفكار والتقنيات السياسية الأميركية وتسبقها أو تستبقها في التطبيق وفي هذه الحالة فاليمن لم تعد تمارس التقليد كما حالات في الصناعات الصينية وما تمارسه لا يتعارض أو يتقاطع مع مشروعية محلية أو دولية.
الصراعات الاستثنائية في اليمن جعلت أطرافه في كل مرحلة تحاول السبق وتعيش تسابق الفهم أو الاستشراف المبكر للمتغيرات المؤثرة على هذه الصراعات اليمنية لتوفق صراعاتها معه وتكون أقوى من هذا التوافق لهذا فنحن نقلد وإن باستباق ما سيطبق في افغانستان بعقد أو أكثر كحروب في المناطق الوسطى ونستبق اشهار الشراكة الديمقراطية في الشرق الأوسط وقبل قرابة العام أصبحنا نطبقها كشراكة في اليمن.
الاحتمال الثاني.. إذا كان الاحتمال الأول خيالياٍ أو غير واقعي فإنه لم يعد غير الاحتمال الثاني وهو أن أميركا تستخدمنا في التجريب والتجارب كمعمل وتعامل كما التجارب على الفئران أو «الجرذان» حسب جزالة المفردة التي كررها القائد «القذافي» قبل رحيله وخلال تفعيل محطة 2011م.
ولذلك فلعل القذافي كان يتحدث عن معارضيه كجرذان وهو لم يكن قد أدرك أو وعى بأن أميركا تجاوزت تجارب وتجريب المعامل مع الجرذان كشعوب وباتت في محطة 2011م تتعامل مع الحكام كجرذان ومعامل وعمليات وسياسات ومخططات.
إنني لا أدري إن كان صدفة أو مدروساٍ مجيء المصريين وجر عبدالناصر لاستنزافه في اليمن أو استثنائية وصول المد الأممي لليمن وتطبيقه كنظام للقوتين الأعظم السوفيت وأميركا أو غيرهما وفي إطارهما كقطبين وصراعين عالميين. الأحداث والتطورات والصراعات اللاحقة قد تقدم الاحتمالات المختلفة أو القراءات المحتملة.
إذاٍ أميركا القوة الأعظم في العالم حركت ثقل قوتها وأساطيلها لغزو العراق واقصاء صدام حسين والنظام العراقي بلاشرعية دولية ومخالفة لها فصدام حسين ونظامه عوقب واقتلع وهو مخطىء ومرتكب الخطايا الأكبر مادامت أميركا تريد ذلك أو تقول ذلك.
عندما تأتي محصلة هذه المحطة يأتي سقف زمني في غير صالح العراق الواقع والوطن فالمسئولية تصبح على «الجلبي» ومن على شاكلته أو ساروا في خطه كمعارضات أو «معارطات» لأن المعارضات هي البدائل الأفضل وعياٍ لصالح حماية الأوطان وليست البدائل للدمار والتدمير للواقع وللوعي.
بعد وصول بشار الأسد رئيساٍ لسوريا بعد والده طرحت «الجزيرة» أو فتحت ما أسمته تساوي الجمهوريات والملكيات في التوريث وبعد تولي الأبناء في الأردن والمغرب وفي العنوان استهداف مباشر وواضح لاستثنائية التوريث في الجمهوريات دون التفات للموروث والمواريث والتوريث في الملكيات أو الأسريات بما لم يعد يتماشى مع العصر.
لو استرجعنا كل مشاهد ثورات الشرق القومية والأممية فإنه لم يكن يتصور منها أوبينها مثل منظر الخميني في الإلتحاء أو الملبس بغض النظر عما يختلف حوله من استنارة في الفكر أو سقف الديمقراطية إذاٍ بن لادن والقاعدة كان مد الأسلمة الغربي المباشر والخميني هو غير المباشر المكمل لصراعات مفروضة أو مفترضة لملء فراغ ما بعد آخر الحروب مع اسرائيل. إذاٍ أميركا الدولة الأعظم غزت افغانستان 2001م ثم العراق 2003م فلماذا لم يسترجع الأمن والاستقرار كما كان قبل الغزو وأين واقع الديمقراطية المقنعة وتفعيل دور الدولة المدنية الحديثة¿
أميركا ستجيب بأن الواقع بصراعاته يعرقل أو يمانع في إعادة الاستقرار والوصول ديمقراطية تقنع وإلى أي قدر من دولة مدنية حديثة.
الواقع في ليبيا سيمانع افتراضاٍ أو هي افتراضية لتحمل واقع أو أمر واقع كمجهول المسئولية في ما بعد. إذاٍ فلا غزو افغانستان والعراق مارس المسئولية كما وعد وتعهد تجاه واقع وأوطان ولا محطة 2011م كثورات تمارس الحد الأدنى من هذه المسئولية والمطلوب ثورات فوضى وتقويض ومن هذا الوضع فالطرف الذي يمارس الاستعمال بعد الاستعمار يكون الأهم مايعنيه وما هو يعيه.
لا يوجد عاقل مكلف وبلغ سن الرشد إلا ويعي أن وصول الانتخابات المصرية إلى اكتساح الأسلمة والإخوان والسلفية لا يمثل فقط استفزازاٍ للمسيحيين بل أجج وعلى مدى بعيد مشكلة ظلت تؤرق وترهق واقع مصر ولعل من تابع التداعيات المباشرة لذلك التقط يافطات ولافتات على طريقة «الإخوان المسيحيين».
هذه الانتخابات فرضت في أفضل الأحوال الديمقراطية الواقع الطائفية في مصر.. كما لبنان والعراق مع احتمال التحامها بالمذهبية إن لم تتطور إلى تمزيق مصر لا سمح الله.
البالغ سن الرشد أو طالب الثانوية يلتقط هذه المشكلة قبل وحين الانتخابات فكيف لنا التبرير في وقت لاحق أو قادم أنها من الواقع أو الأمر الواقع فلماذا لم يتم التعامل باستحقاقات وطن في بداهات ما نعيه.. فيما كان طرف يمني في شطر كنظام يأمل ويعمل في زحف توحيد اليمن شيوعياٍ بالقوة والطرف الآخر يمني نفسه ويتمنى أن يجد وسيلة لإيقاف ومنع هذا الزحف ولو بالتحالف مع الشيطان وليس فقط الأسلمة والإسلام فطرف في الصراع الدولي كانت حروب المناطق الوسطى تجربة عملية ومعملاٍ لمواجهة فكر الشيوعية بالأسلمة وبقدر ما نجحت نقلت لاحقاٍ إلى افغانستان ولنا التأمل فوارق صراعات الأطراف اليمنية ووعيها بصراعات هذا الطرف ووعيه أفقاٍ واستباقاٍ.
الشراكة الديمقراطية في اليمن لا ربط لها ولا علاقة بالشرق أو وسطية «الديمقراطية» وهي سارت في سياق وتسابق الصراعات بأي ربط اقليمي أو عالمي متاح ودون الحد الأدنى من سياق أو حتى سوقية ديمقراطية كيف صورت أفلام الهوليود العربي في ثقافة الواقع الغربي¿
محطة 2011م هي من هذه الصورة كتصور وإن احتاجت شعارات غطاء وتغطية منذ استعمالات الغطاء العربي.