من الزوايا اللافتة في العمل الصحافي الحديث ما يطلق عليه زاوية «الأكثر قراءة» و«الأكثر طباعة» وذلك في المواقع الإلكترونية للصحف.
فهذه الزاوية التي لم تكن متوافرة في الصحافة الورقية التقليدية تعد مهمة في عصرنا لأنها تعطي مؤشرا على ذائقة زائر الموقع أي ماذا يختار من موضوعات. ورغم أن اختيارات القراء لا تعكس بالضرورة أفضلية موضوعات على غيرها وذلك بحكم أن الاختيار يرتبط أحيانا بعنوان لافت أو موضوع الساعة فإن اختيارات القراء تبقى أمرا مهما لأنها مبنية على نتائج رقمية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار.
وسيلاحظ المتابع لزاوية أكثر الموضوعات قراءة وطباعة أن كتاب الأعمدة يحلون في مقدمة القائمة في معظم الأحيان متخطين موضوعات شائقة كتبت بصورة احترافية. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ما أكدناه في مقال الأسبوع الماضي من أن كاتب العمود الصحافي في عالمنا العربي ما زال محافظا على تأثيره أو بعبارة أدق ما زال يحظى باهتمام القراء حتى في ظل عصر الصحافة الإلكترونية ومواقع التواصل الإلكتروني. ونستفيد من هذا الأمر أهمية الاهتمام بكتاب الأعمدة وتنويعهم واستضافة شخصيات مرموقة بين حين وآخر لتكتب رأيها في مجريات الأحداث.
ورغم أن زاوية الأكثر قراءة وطباعة ليست دراسة علمية منهجية لأنها لم تختر شريحتها وفقا للقواعد الإحصائية المتعارف عليها فإنها تقدم لهيئة التحرير قائمة مسلسلة باهتمامات القراء لكن تجدر الإشارة إلى أن هذا الترتيب لا يجب أن يصيب الصحافي المهني المثابر بخيبة أمل لأن هذه الزاوية تستهدف فقط من يقرأون الموقع وهذه شريحة لا نعلم فئتها العمرية ولا مستواها التعليمي ولا اهتماماتها وغيرها. ومن ناحية أخرى لو عاد الصحافي إلى كل الموضوعات الرائعة التي أعدها زملاؤه الصحافيون والتي أشرنا إلى تميزها عبر عمود المراقب الصحافي في السنوات الماضية لوجد أن معظمها لم تكن من الموضوعات الأكثر قراءة أو طباعة مع أنها كانت تنطبق عليها معايير المادة الصحافية المهنية.
أما من ناحية الاقتراحات فحبذا لو وضعت الصحيفة زاوية بالفيديوهات الأكثر مشاهدة على الموقع والموضوعات الأكثر إرسالا عبر البريد الإلكتروني. كما يمكن إضافة أكثر الموضوعات التي تمت إعادة إرسالها (Retweet ) عبر حساب الصحيفة على موقع «تويتر» ولا أذكر أنني قرأت هذه الزاوية في الصحف غربية أو عربية فلماذا لا نبادر بذلك¿ كما يفضل أن ينشر كل ذلك في النسخة الورقية ليعطي للقارئ التقليدي لمحة عن ذائقة متصفحي الموقع يوميا.
«الأكثر قراءة وطباعة» زاوية مهمة في الموقع الإلكتروني لكنها ليست شهادة تقدير لتميز الموضوعات فيها بل تنحصر في أنها مؤشر على مزاج القارئ واهتماماته في ذلك اليوم تحديدا ..