تقرير / رجاء عاطف
رصدت نقابة الصحفيين اليمنيين في تقرير لها600حالة انتهاك تعرض لها الصحفيون اليمنيون خلال ثلاثة أعوام وكان أكثرها سوداوية كما يقول التقرير انتهاكات العام 2011م وكشفت النقابة في احتفالية أقامتها الأسبوع الماضي حول الحريات في البلاد خلال الثلاثة الأعوام الماضية التقرير الذي أصدرته بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين وبدعم من منظمات أوروبية تخلل الاحتفالية فيلم وثائقي حول الحريات الصحافية في اليمن عنوانه»اغتيال الكلمة من اللكمة إلى الطلقة» وهو من إنتاج النقابة بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين.
ويشير التقريرإلى أن النقابة رصدت 150 حالة انتهاك تعرض لها الصحافيون والعاملون في مجال الإعلام اليمني بوسائله المختلفة خلال 2009م فيما رصدت النقابة 130 حالة انتهاك في 2010م أبرزها 23 حالة اعتداء وكشف التقرير أن المعتدين فيها لم يكتفوا بالعنف الجسدي بل طال عنفهم منازل وسيارات الصحفيين وممتلكاتهم ومقار الوسائل الإعلامية ويؤكد تقرير الحريات الصحفية أن العام 2011م كان أكثر سوداوية بالنسبة للصحفيين حيث سفكت فيه دماؤهم قبل حبرهم إذ لم يستثن العنف الذي قوبل به المحتجون السلميون أو وسائل الإعلام حيث رصدت النقابة 330 حالة انتهاك تعرض لها الصحفيون اليمنيون خلال هذا العام وهو رقم كبير مقارنة بالسنوات الماضية.
هذا وتفتقد الصحف الأهلية إلى المؤسسية كما يندر أن تجد استقلالية صحفية وإعلامية إذ تملك الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات النافذة معظم وسائل الإعلام الأهلي في اليمن فيما تهيمن على الوسائل المملوكة لأشخاص روح الارتهان لهذه القوى السياسية مقابل الدعم المادي والحماية.
وفي ذات الوقت يعاني الإعلام الرسمي والصحافة الحكومية من ترهل كبير وعجز عن المواكبة وسط مشاكل متراكمة مادية وإدارية وفنية ورقابة حكومية تقيد من الحريات مما جعل هذه المؤسسات أقل فاعلية في التأثير على الرأي العام حيث تتفاقم مشاكلها باستمرار في ظل عدم إقرار الحكومة لقانون جديد للصحافة ومماطلتها المستمرة في اعتماد مزايا مادية كافية للصحفيين العاملين في هذه المؤسسات التي تمتلكها كما تملك حق تعيين قياداتها ووضع خطط أدائها.
من جانبه يرى رشاد الشرعبي رئيس مركز التدريب الاعلامي والتنمية في مداخلته حول التخبط الإعلامي الذي تشهده الساحة اليمنية على مدى الفترة الماضية ورؤيته للإعلام الذي نريد كصحفيين مهنيين :
أنه لا تزالت الصحافة في اليمن (مطبوعة والكترونية) حبيسة اتجاهين أحلاهما مر, مؤسسات حكومية وحزبية (موجهة), ومستقلة وأهلية هي صحافة أشخاص وبعضها صحافة شنطة ولا يمكن اعتبارها مؤسسات صحفية .. والحال لايختلف بالنسبة للإعلام المرئي والمسموع, فحتى ما طفا على السطح مؤخراٍ من فضائيات مستقلة مع قلتها وعملها بدون إطار قانوني يسمح لها بالعمل من داخل البلاد بصورة رسمية, فهي تعمل بعقلية الشخص المالك أو المدير لها في أدائها المهني والإداري والمالي, ولا يمكن أن يرقى إلى مستوى العمل المؤسسي مهنياٍ وإدارياٍ ومالياٍ وفق المعايير المؤسسية الحديثة في أتعس الدول النامية.
قبل هذا وذاك, نجد الكادر البشري يعاني وهو أتعس كادر صحفي في العالم العربي من حيث الحقوق المادية والادارية والمعنوية, وفق استقصاء لحال الكادر الإعلامي في دول عربية وضعها أفضل قليلاٍ من وضع اليمن اقتصادياٍ وتنموياٍ, مع ضعف القدرات المهنية واللغوية التي هي انعكاس للحال العام السيء الذي يعاني منه التعليم العام والجامعي في اليمن الذي شهد تدهوراٍ مفزعاٍ خلال السنوات الأخيرة, وكليات الإعلام لا يختلف حالها, بل أسوأ من كليات أخرى في نفس الجامعات.. هذه أهم معيقات تطوير العمل الصحفي والإعلامي وحول رؤيته عن الإعلام يقول : ولتطوير الإعلام والصحافة بمختلف أنواع المالكين لها, وأخص هنا الإعلام المستقل الذي يفترض انه سيكون الأهم والأكثر فاعلية مستقبلاٍ كإعلام حر كما يفترض, لا بد من معرفة الواقع والأسباب وتشخيص المرض لتحديد الدواء وذلك إبتداءٍ بإنهاء احتكار الإعلام المرئي والمسموع من الحكومة وانهاء احتكار خدمة الانترنت من قبل شركات الحكومة وتحرير الإعلام الرسمي (العام) من قبضة السلطة الحاكمة أياٍ كانت هوية الحزب الذي يحكم البلاد بعد انتخابه من أبناء الشعب بصورة نزيهة ومحايدة وشفافة, وذلك بجعلها مؤسسات عامة لاتتدخل فيها السلطة القائمة ولها استقلالية أشبه باستقلالية السلطتين التشريعية والقضائية كسلطة رابعة..
وأردف رئيس مركز التدريب الاعلامي والتنمية : بالنسبة للصحافة المستقلة أو الأهلية, والإعلام الحر أو المستقل بمختلف أنواعه, فأولاٍ يتوجب اهتمام القطاع الخاص بها كقطاع استثماري ممكن بشرط أن يؤسس مشاريع استثمارية إعلامية مؤسسية لا تكون تكرار للموجود, لكن تنشأ كمؤسسات إعلامية استثمارية عملاقة كما في دول ظروفها مشابهة لظروفنا كالأردن, مؤسسات تلتزم بمعايير العمل المؤسسي مالياٍ وإدارياٍ وتمارس المهنة وفق معايير وقيم العمل الصحفي والإعلامي وأخلاقيات المهنة, مع الاهتمام بالكادر البشري من حيث مقدار الدخل والحقوق والتدريب والتأهيل المهني والتقني واللغوي.
وقبل ذلك هناك منظومة تشريعية بحاجة إلى إصلاح ماتوفر منها في الدستور والقوانين النافذة أوإعداد قوانين لها تتعلق بحرية الإعلام والصحافة كملكية أو أداء وانهاء الكثير من القيود المعيقة لحرية النشر والتعبير عن الرأي في قانون الصحافة والمطبوعات أو في قوانين أخرى كالعقوبات والوثائق والمدني وهناك حاجة ملحة لقانون خاص بحق الحصول على المعلومات وهو الأهم, ففي ظل صعوبة الحصول على المعلومات أو غيابها لن تكون هناك شفافية ومساءلة ومحاسبة وحرية تعبير ورأي.
وهنا ممكن أن يكون للإعلام والصحافة في اليمن دور مؤثر في المجتمع باتجاهين متوازيين, كصوت للشعب ومعبر عن همومه ومشاكله وتوجهاته وفي نفس الوقت يمارس دوره التوعوي للجماهير ومراقبة أداء مختلف الأطراف في البلاد مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص وحتى الجهات الخارجية ومكافحة الفساد وترشيد الحكم وحماية الحقوق والحريات.