سياسة التجهيل أجهضت مشــروع تحصين الأجيال بقيم ومبادئ الثورة
د. السبع: يجب تنقية مكونات التعليم من عوامل التشويه والطائفية
د. العثربي: هناك قصور في خلق الوعي الوطني في أذهان النشء
د. الدغشي: من العيب أن جيل الثورة لم يستطع تحصين نفسه بأهدافها ومبادئها
د. الصلاحي: لامجــال لإكمــال مســار التحـــديث إلا بتصـحيح مســار الثـــورة
استطــــــلاع / عاصم السادة- خالد الصايدي
< أكد عدد من الاكاديميين أن جيل الثورة اليمنية لا يعرفون عن الثورة إلا تاريخها وعلى من قامت وأهدافها برغم تكرار نشر الأهداف في الصحف وهذا يعود إلى سياسة التجهيل المتعمدة في التعليم وإهمال الأعلام وضعف الاهتمام بتاريخ الوطن.. لافتين إلى أن هناك قصوراٍ في موضوع خلق الوعي الوطني في أذهان النشء بماهية الثورة اليمنية واهتمام الشباب بالمواضيع العالمية وأحداث الربيع العربي والتي اصابت الوطن بهذا القصور.
وقالوا في الاستطلاع الذي أجرته معهم «الوحدة» أنه من العيب بعد مرور خمسين عاماٍ أن نجد الجيل الذي صنع الثورة لم يستطع بعد تحصين نفسه بها وقيمها ومبادئها.. ناهيك عن الجيل الحالي.. مشيرين إلى أن اليمن بحاجة إلى ثورة حقيقية في مجال التربية والتعليم حتى نضع شبابنا على بداية الطريق الصحيح وذلك في تنقية مكونات التعليم ولاسيما المعلم والكتاب المدرسي والإدارات المدرسية من عوامل التشويه والطائفية والتشدد والجهل.. مزيد من التفاصيل في ثنايا هذا الاستطلاع:
تؤكد الدكتورة سعاد السبع أن جيل الثورة اليمنية لا يعرف تفاصيل تاريخ الثورة وربما معظم الشباب لايعرفون عن الثورة إلا تاريخها وعلى من قامت وأهدافها بحكم تكرار نشر الاهداف في الصحف أما تفاصيل النضال وحالة اليمن قبل الثورة فقليل منهم من يعرف ذلك وهذا يرجع إلى سياسة التجهيل المتعمدة في التعليم وإهمال الاعلام وضعف الاهتمام بتاريخ الوطن.
وأشارت السبع إلى أن اليمن بحاجة إلى ثورة حقيقية في مجال التربية والتعليم حتى نضع شبابنا على بداية الطريق الصحيح.. حيث نريد أن ننقي مكونات التعليم كلها بما فيها المعلم والكتاب المدرسي والادارات المدرسية من عوامل التشويه والطائفية والتشدد والجهل وأن يكون التعليم لبناء شخصية الطالب الوطنية المعتدلة المتحررة الماهرة القادرة على احداث التغيير في محيطها..
موضحة أن سياسة التجهيل بدأت باهمال تعليم اللغة العربية تعليماٍ حقيقياٍ في الصفوف الأولى مما ترتب عليه عدم قدرة الجيل الجديد الصاعد على القراءة ومن ثم ضعفوا في كل جوانب النمو التعليمي فمعرفة التاريخ تستوجب القدرة على القراءة والتحليل وهما مهارتان لا يمكن أن يتم اكتسابهما إلا بتقوية الاهتمام بتعليم اللغة العربية..
مضيفة: أن هناك عناصراٍ أخرى أخطرها الغش في الاختبارات وفي التصحيح وفي تعيينات المعلمين والادارات المدرسية وفي كل شيء يتصل بالعملية التعليمية.. إعادة الاعتبار للقيم يتطلب أن تكون الممارسات التربوية قائمة على القيم التي قامت من أجلها الثورة وغير ذلك هو مجرد هراء.
فكر وطني
الدكتور علي العثربي استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء ابتدأ حديثه بالقول : أعتقد أن أهداف ثورة 26 سبتمبر باتت راسخة في أذهان الجماهير اليمنية ولعل الأزمة السياسية اليمنية خلال العام الماضي بالتحديد جسدت قوة الارادة الشعبية للسواد الاعظم من الشعب الذين حافظوا على هذه الثورة الخالدة من خلال صدهم لكل الانقلابات التي كانت ستحدث.
ويضيف العثربي.. الثورة اليمنية هي ضمير حي وفكر وطني متجدد حافظ عليها كل الشرفاء والخيرين والذين حموها من أجل المضي واستكمال أهدافها والتي لم تكن خلال خمسين عاماٍ قد تمكنت البلاد من ترسيخها بسبب ما يسمى بالربيع العربي الذي أثر على الثورة.
ويؤكد العثربي.. لا أنكر أن هناك قصوراٍ في موضوع خلق الوعي الوطني في أذهان النشء بسبب أننا تناسينا هذا الموضوع المهم والحساس فتأثر الشباب بالموضات العالمية وأحداث الربيع العربي التي اصابت الوطن بهذا القصور.
وسبق أن تناولنا في أحاديث تحذير بأن الشباب سيقعون فريسة وضحية للإرهاب..
ويحمل العثربي الدولة من مؤسسات ومنظمات مدنية وقبلها الحكومة هذا القصور ويتمنى أن نقيم في الفترة المقبلة ما تحقق من أهداف الثورة لنبدأ صفحة جديدة نسعى لاستكمال أهدافها.
ثقافة الماضي
الدكتور أحمد الدغشي استاذ أصول التربية بجامعة صنعاء يقول لم نستطع ان نحصن انفسنا كما يجب قبل أن ننتقل للحديث عن أجيالنا وبنظرة عليا لأهداف ثورة سبتمبر في ما يتصل بإزاحة الظلم والتخلف واقامة المجتمع الحديث رأينا ان اغلبها لا يزال مسيطراٍ في واقعنا ومن المؤسف انها لا تزال مسيطرة على الأذهان.
ويضيف الدغشي: إن من الناس من يأبى الانتقال من واقع الجهالة والتخلف إلى أوضاع المعرفة والعدالة وبمقاربة عاجلة في الوعي المجتمعي لحدث ثورة الشباب قد تبين أن أنصار المعاني السلمية السابقة كانوا أكثر مع الأسف.
ويتابع الدغشي كان من الملاحظ أن تلك الاسر وهي غالبا التي كانت مسكونة بثقافة الماضي من حيث المعاني السابقة والتي وضحتها كان افراد الاسر غالباٍ يحملون الفكر ذاته.
ومن العيب بعد مرور خمسين عاماٍ أن نقول أن الجيل الذي صنع الثورة لم يستطع بعد تحصين نفسه بقيمها ومبادئها على النحو المفترض ناهيك عن الجيل الحالي.. ولعلنا ندرك أن ظهور جماعات سلالية أو عنصرية على نحو لم يعد يستحيل من المجاهرة بأفكار مضادة للثورة انما يؤكد هذه الحقيقة المرة..
مسار ثوري
الدكتور فؤاد الصلاحي أستاذ علم الإجتماع السياسي بجامعة صنعاء يقول في مناسبة العيد الخمسين لثورة سبتمبر 62 لا بد لنا أن نضع تساؤلات هامة عن ما تم إنجازه وما تحقق من أهداف هذه الثورة خاصة وأننا نحتقل بهذه المناسبة في سياق مسار ثوري جديد (ثورة فبراير2011م) يجعل من تساؤلاتنا جوهر الاحتفال بنظرة تقييمية ونقدية للمسافة بين الثورتين ..فالثورة الأم سبتمبر بأهدافها الستة العظيمة لم يتحقق منها شيء – من وجهة نظري – إلا بعض الانجازات الكمية والمظهرية وما مسار التغييرات المحققة إلا انعكاس لدور المجتمع الأفراد والجماعات والهجرة الداخلية والدعم الإقليمي والأجنبي وكان دور الدولة مقتصراٍ على الإقرار بانفتاح اليمن على السوق العالمية وما أعقب ذلك من تغلغل السلع التجارية وحركة رأس المال إضافة إلى حركة المهاجرين اليمنيين نحو الخارج..
أما الحكومات والنخب الحاكمة فقد كان دورها سلبياٍ بامتياز من خلال منهجها في استملاك السلطة والثروة وفق عقلية الغنيمة الأمر الذي أدخلها في صراعات متعددة ومتنوعة تارة مع رفاقها من ذات النخبة وتارة مع رموز المجتمع من القوى التقليدية غير الموالية لها ومع رموز الحركة التجارية التقليدية التي تأسست في الخمسينات وبداية الستينات وتارة ثالثة مع رموز المجتمع المدني الناشئ من النقابات والطلبة والمثقفين..
وكنا ولانزال في اليمن خلال قرن كامل نخضع لجدلية متناقضة في ثنائيتها بين مجتمع يميل للاستقرار ونخبة حاكمة تميل إلى تعميم الفوضى الأمنية والعسكرية بين مجتمع يميل للعمل والإنتاج ونخبة تميل للربح والتسول السياسي بين مجتمع يميل للتعدد والتنوع ونخبة تميل للواحدية والتسلطبين مجتمع يميل للمشاركة ويدعو للديمقراطية ونخبة حاكمة تميل للأحادية والشمولية.
وهكذا ومع مرور خمسين عاماٍ من الثورة الأم (سبتمبر ) لم يتحق أي من أهدافها الستة ..فالإمامة لاتزال قائمة فكراٍ وسلوكاٍ وزاد في الأمر أن ظهرت تنظيمات حركية وسياسية تدعو إليها مدعومة من أطراف في السلطة الحاكمة وأعوان الإمامة لم يتم القضاء عليهم كما لم يتم القضاء على الإمامة فأعوان الإمامة سيطروا على البلاد ولايزالون بصور متعددة ومتنوعة من خلال جيل الآباء وجيل الأبناء بدعم إقليمي في بعض الأحيان ..وكذلك الحال مع الهدف الثاني والثالث من أهداف الثورة فلا ظهر لدينا مجتمع تعاوني وديمقراطي – إلا مراحل قصيرة بسنواتها المعدودة – ولم يتشكل لدينا جيش وطني بل جيش منقسم إلى وحدات تتبع مراكز قوى لاهم لها إلا مصالحها الخاصة والأسرية ضدا على مصالح الوطن.
ووفقاٍ لذلك ظهرت عوامل الثورة الجديدة فالمجتمع يعاني من أزمات بنيوية حادة تشمل كل أبنية المجتمع والدولة .وهي أزمات متعددة ومتنوعة أهمها تزايد معدلات الفقر والبطالة والاحباط العام لدى الشباب وتعكير مزاجهم الفردي والجمعي إضافة إلى انتشار الفساد وانهيار مؤسسات الدولة وتغييب القانون والعدالة وتزايد الفجوة بين اقلية ثرية واغلبية فقيرة مهمشة سياسياٍ وهنا كانت أهداف ثورة فبراير 2011م بالعدالة الاجتماعية والتغيير والحرية والكرامة من خلال بناء دولة مدنية تقوم على مبدأ المواطنة المتساوية
في هذا السياق يمكن القول أن المسافة بين الثورتين هي مسافة قهر المجتمع وإهدار حقوقه وثرواته وتشويه صورته المجتمعية والسياسية من قبل نخب لا ترتبط بالمجتمع بل كانت تابعة اقليميا ودوليا .أساءت إلى المجتمع في الخارج كما أساءت إليه في الداخل وهي مسافة تمرد واحتجاجات مستمرة للتغيير وحب الوطن من خلال شريحة واسعة في جيل الشباب والرموز الوطنية التي لم تعمل مع النظام السابق ولا مع مراكز القوى الفاسدة ..ورغم إحباطات وإخفاقات متعددة نجح الشعب في فبراير2011 في إعادة الاعتبار لذاته وإبراز فاعليته السياسية من خلال تصدره للمشهد السياسي في مظاهرات احتجاجية بلغت ذروتها في ساحات التغيير التي توسعت جغرافيا في عموم المدن والمحافظات وتوسعت اجتماعياٍ وفئوياٍ وشبابياٍ اظهرت اصطفافاٍ مجتمعياٍ غير مسبوق في تاريخنا الحديث والمعاصر.
وللعلم نحن اليمنيين صنعنا أربع ثورات خلال المائة العام الأخيرة بدءاٍ بثورتنا ضد الاتراك وإعلان الاستقلال عام 1917م لكن النخبة الحاكمة لم تستوعب درس الثورة والاستقلال فبادرت الى التنكر للثوار وإقصائهم ومن ثم الاتجاه نحو التوريث للسلطة وكان ذلك مدخلا لتشكل المعارضة اليمنية بحركتها الاولى عام 34 وصنعنا ثورة سبتمبر 62 واكتوبر 63 الا ان مساريهما المختلفين في الايديولوجيا والنخب الحاكمة المتباينة بجذورها الاجتماعية تسببت في صراعات عسكرية بين الشطرين وفي داخل الشطر الواحد ..وقد جاءت دولة الاستقلال (في ما بعد ثورة سبتمبر واكتوبر) بصفتها الوطنية لكنها حملت معها أزماتها المدمرة لها .. فهي دولة شطرية وغير ديمقراطية وهنا ظهرت معها مشاكل وأزمات متعددة رغم الاعتراف ببعض النجاحات الانمائية خاصة في الجنوب من خلال غرس فكرة الدولة في وعي المجتمع ونجاحات إنمائية أولية في الشمال بفضل هيئات التعاون الاهلي وتحويلات المهاجرين .
ثم جاءت الوحدة عام 90 التي نظرنا اليها باهتمام كبير لكنها حملت معها اوزار النخبة التي اعلنتها وما رافقها من أخطاء بل وخطايا نخبة سياسية وحزبية وعسكرية لامجال معها للوعي بالوطن بل رأت فيها امتدادا لسلطتها وتوسيع منطق الغنيمة .. ووفقا لذلك اعلنت حرب 94 وهكذا تعمقت الازمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية وما تفرع عنها من مخاطر تهدد السلم الاهلي والاندماج الاجتماعي .. ومن هنا تتثبت المصداقية لقولنا أن المسافة بين ثورة سبتمبر وثورة 2011 انما هي مسافة تعبئة اجتماعية وحشد الطاقات من اجل الثورة الرابعة في المائة العام وهي مسافة تعكس وتعبر عن رغبتنا وطموحنا في مسيرة الاصلاح والتغيير حينا والثورة حينا آخر .اي رغبتنا وطموحنا بالتنمية والتطور والاندماج في حضارة العالم ..
ورغم الإجلال والتقدير للثوار -ثوار فبراير2011- وقد كنا منهم ومعهم من اول يوم حتى اللحظة الراهنة -ولانزال ندعو لإكمال مسار الثورة – الا ان وقائع المشهد السياسي وتحليلاتنا تؤكد سرقة الثورة من خلال الاطراف والرموز المعلن عنها في الأحزاب التي تشكلت منها حكومة الوفاق والتي كانت إلى الأمس القريب تشكل كتلة واحدة مع النظام الذي قامت الثورة ضده ..
وهكذا تم الاستيلا على مسار الثورة من خلال تحالف الاحزاب والقبيلة والعسكر مع النظام السابق تم لهم السيطرة على مسار الثورة بل والانحراف به نحو مفاوضات ومبادرات لاتعترف بالثورة ولا تسلم بها وهنا تم إعادة انتاج النظام السابق من خلال إصرار ودعم أحزاب المشترك وحلفائهم من العسكر والقبيلة مقابل حصص سياسية واقتصادية أصبحت بعضها معلومة .
صفوة القول .. لا مجال لتحقيق التنمية والتحديث والمواطنة إلا بإكمال مسار الثورة والتغييرات المرتقبة منها اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا وإعادة الاعتبار للمواطن والوطن في الداخل والخارج .. وهنا فقط تكون الثورة حققت أهدافها وانتصاراتها وهي انتصارات شاملة لكل الثورات السابقة بل واعادة الاعتبار اليها ومن ذلك اعادة الاعتبار لثورة سبتمبر واكتوبر إن ثورة سبتمبر تدعونا لإعادة الاعتبار لها ولأهدافها ولهذا اقول اذا لم نكمل مسار الثورة بإزاحة كل رموز النظام وحلفائه معلنين بناء الدولة المدنية ذات القاعدة الفيدرالية فإن انهيار الدولة والمجتمع هو المسار القادم ومن ثم خروج اليمن من التاريخ..>
د. العثربي: هناك قصور في خلق الوعي الوطني في أذهان النشء
د. الدغشي: من العيب أن جيل الثورة لم يستطع تحصين نفسه بأهدافها ومبادئها
د. الصلاحي: لامجــال لإكمــال مســار التحـــديث إلا بتصـحيح مســار الثـــورة
استطــــــلاع / عاصم السادة- خالد الصايدي
< أكد عدد من الاكاديميين أن جيل الثورة اليمنية لا يعرفون عن الثورة إلا تاريخها وعلى من قامت وأهدافها برغم تكرار نشر الأهداف في الصحف وهذا يعود إلى سياسة التجهيل المتعمدة في التعليم وإهمال الأعلام وضعف الاهتمام بتاريخ الوطن.. لافتين إلى أن هناك قصوراٍ في موضوع خلق الوعي الوطني في أذهان النشء بماهية الثورة اليمنية واهتمام الشباب بالمواضيع العالمية وأحداث الربيع العربي والتي اصابت الوطن بهذا القصور.
وقالوا في الاستطلاع الذي أجرته معهم «الوحدة» أنه من العيب بعد مرور خمسين عاماٍ أن نجد الجيل الذي صنع الثورة لم يستطع بعد تحصين نفسه بها وقيمها ومبادئها.. ناهيك عن الجيل الحالي.. مشيرين إلى أن اليمن بحاجة إلى ثورة حقيقية في مجال التربية والتعليم حتى نضع شبابنا على بداية الطريق الصحيح وذلك في تنقية مكونات التعليم ولاسيما المعلم والكتاب المدرسي والإدارات المدرسية من عوامل التشويه والطائفية والتشدد والجهل.. مزيد من التفاصيل في ثنايا هذا الاستطلاع:
تؤكد الدكتورة سعاد السبع أن جيل الثورة اليمنية لا يعرف تفاصيل تاريخ الثورة وربما معظم الشباب لايعرفون عن الثورة إلا تاريخها وعلى من قامت وأهدافها بحكم تكرار نشر الاهداف في الصحف أما تفاصيل النضال وحالة اليمن قبل الثورة فقليل منهم من يعرف ذلك وهذا يرجع إلى سياسة التجهيل المتعمدة في التعليم وإهمال الاعلام وضعف الاهتمام بتاريخ الوطن.
وأشارت السبع إلى أن اليمن بحاجة إلى ثورة حقيقية في مجال التربية والتعليم حتى نضع شبابنا على بداية الطريق الصحيح.. حيث نريد أن ننقي مكونات التعليم كلها بما فيها المعلم والكتاب المدرسي والادارات المدرسية من عوامل التشويه والطائفية والتشدد والجهل وأن يكون التعليم لبناء شخصية الطالب الوطنية المعتدلة المتحررة الماهرة القادرة على احداث التغيير في محيطها..
موضحة أن سياسة التجهيل بدأت باهمال تعليم اللغة العربية تعليماٍ حقيقياٍ في الصفوف الأولى مما ترتب عليه عدم قدرة الجيل الجديد الصاعد على القراءة ومن ثم ضعفوا في كل جوانب النمو التعليمي فمعرفة التاريخ تستوجب القدرة على القراءة والتحليل وهما مهارتان لا يمكن أن يتم اكتسابهما إلا بتقوية الاهتمام بتعليم اللغة العربية..
مضيفة: أن هناك عناصراٍ أخرى أخطرها الغش في الاختبارات وفي التصحيح وفي تعيينات المعلمين والادارات المدرسية وفي كل شيء يتصل بالعملية التعليمية.. إعادة الاعتبار للقيم يتطلب أن تكون الممارسات التربوية قائمة على القيم التي قامت من أجلها الثورة وغير ذلك هو مجرد هراء.
فكر وطني
الدكتور علي العثربي استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء ابتدأ حديثه بالقول : أعتقد أن أهداف ثورة 26 سبتمبر باتت راسخة في أذهان الجماهير اليمنية ولعل الأزمة السياسية اليمنية خلال العام الماضي بالتحديد جسدت قوة الارادة الشعبية للسواد الاعظم من الشعب الذين حافظوا على هذه الثورة الخالدة من خلال صدهم لكل الانقلابات التي كانت ستحدث.
ويضيف العثربي.. الثورة اليمنية هي ضمير حي وفكر وطني متجدد حافظ عليها كل الشرفاء والخيرين والذين حموها من أجل المضي واستكمال أهدافها والتي لم تكن خلال خمسين عاماٍ قد تمكنت البلاد من ترسيخها بسبب ما يسمى بالربيع العربي الذي أثر على الثورة.
ويؤكد العثربي.. لا أنكر أن هناك قصوراٍ في موضوع خلق الوعي الوطني في أذهان النشء بسبب أننا تناسينا هذا الموضوع المهم والحساس فتأثر الشباب بالموضات العالمية وأحداث الربيع العربي التي اصابت الوطن بهذا القصور.
وسبق أن تناولنا في أحاديث تحذير بأن الشباب سيقعون فريسة وضحية للإرهاب..
ويحمل العثربي الدولة من مؤسسات ومنظمات مدنية وقبلها الحكومة هذا القصور ويتمنى أن نقيم في الفترة المقبلة ما تحقق من أهداف الثورة لنبدأ صفحة جديدة نسعى لاستكمال أهدافها.
ثقافة الماضي
الدكتور أحمد الدغشي استاذ أصول التربية بجامعة صنعاء يقول لم نستطع ان نحصن انفسنا كما يجب قبل أن ننتقل للحديث عن أجيالنا وبنظرة عليا لأهداف ثورة سبتمبر في ما يتصل بإزاحة الظلم والتخلف واقامة المجتمع الحديث رأينا ان اغلبها لا يزال مسيطراٍ في واقعنا ومن المؤسف انها لا تزال مسيطرة على الأذهان.
ويضيف الدغشي: إن من الناس من يأبى الانتقال من واقع الجهالة والتخلف إلى أوضاع المعرفة والعدالة وبمقاربة عاجلة في الوعي المجتمعي لحدث ثورة الشباب قد تبين أن أنصار المعاني السلمية السابقة كانوا أكثر مع الأسف.
ويتابع الدغشي كان من الملاحظ أن تلك الاسر وهي غالبا التي كانت مسكونة بثقافة الماضي من حيث المعاني السابقة والتي وضحتها كان افراد الاسر غالباٍ يحملون الفكر ذاته.
ومن العيب بعد مرور خمسين عاماٍ أن نقول أن الجيل الذي صنع الثورة لم يستطع بعد تحصين نفسه بقيمها ومبادئها على النحو المفترض ناهيك عن الجيل الحالي.. ولعلنا ندرك أن ظهور جماعات سلالية أو عنصرية على نحو لم يعد يستحيل من المجاهرة بأفكار مضادة للثورة انما يؤكد هذه الحقيقة المرة..
مسار ثوري
الدكتور فؤاد الصلاحي أستاذ علم الإجتماع السياسي بجامعة صنعاء يقول في مناسبة العيد الخمسين لثورة سبتمبر 62 لا بد لنا أن نضع تساؤلات هامة عن ما تم إنجازه وما تحقق من أهداف هذه الثورة خاصة وأننا نحتقل بهذه المناسبة في سياق مسار ثوري جديد (ثورة فبراير2011م) يجعل من تساؤلاتنا جوهر الاحتفال بنظرة تقييمية ونقدية للمسافة بين الثورتين ..فالثورة الأم سبتمبر بأهدافها الستة العظيمة لم يتحقق منها شيء – من وجهة نظري – إلا بعض الانجازات الكمية والمظهرية وما مسار التغييرات المحققة إلا انعكاس لدور المجتمع الأفراد والجماعات والهجرة الداخلية والدعم الإقليمي والأجنبي وكان دور الدولة مقتصراٍ على الإقرار بانفتاح اليمن على السوق العالمية وما أعقب ذلك من تغلغل السلع التجارية وحركة رأس المال إضافة إلى حركة المهاجرين اليمنيين نحو الخارج..
أما الحكومات والنخب الحاكمة فقد كان دورها سلبياٍ بامتياز من خلال منهجها في استملاك السلطة والثروة وفق عقلية الغنيمة الأمر الذي أدخلها في صراعات متعددة ومتنوعة تارة مع رفاقها من ذات النخبة وتارة مع رموز المجتمع من القوى التقليدية غير الموالية لها ومع رموز الحركة التجارية التقليدية التي تأسست في الخمسينات وبداية الستينات وتارة ثالثة مع رموز المجتمع المدني الناشئ من النقابات والطلبة والمثقفين..
وكنا ولانزال في اليمن خلال قرن كامل نخضع لجدلية متناقضة في ثنائيتها بين مجتمع يميل للاستقرار ونخبة حاكمة تميل إلى تعميم الفوضى الأمنية والعسكرية بين مجتمع يميل للعمل والإنتاج ونخبة تميل للربح والتسول السياسي بين مجتمع يميل للتعدد والتنوع ونخبة تميل للواحدية والتسلطبين مجتمع يميل للمشاركة ويدعو للديمقراطية ونخبة حاكمة تميل للأحادية والشمولية.
وهكذا ومع مرور خمسين عاماٍ من الثورة الأم (سبتمبر ) لم يتحق أي من أهدافها الستة ..فالإمامة لاتزال قائمة فكراٍ وسلوكاٍ وزاد في الأمر أن ظهرت تنظيمات حركية وسياسية تدعو إليها مدعومة من أطراف في السلطة الحاكمة وأعوان الإمامة لم يتم القضاء عليهم كما لم يتم القضاء على الإمامة فأعوان الإمامة سيطروا على البلاد ولايزالون بصور متعددة ومتنوعة من خلال جيل الآباء وجيل الأبناء بدعم إقليمي في بعض الأحيان ..وكذلك الحال مع الهدف الثاني والثالث من أهداف الثورة فلا ظهر لدينا مجتمع تعاوني وديمقراطي – إلا مراحل قصيرة بسنواتها المعدودة – ولم يتشكل لدينا جيش وطني بل جيش منقسم إلى وحدات تتبع مراكز قوى لاهم لها إلا مصالحها الخاصة والأسرية ضدا على مصالح الوطن.
ووفقاٍ لذلك ظهرت عوامل الثورة الجديدة فالمجتمع يعاني من أزمات بنيوية حادة تشمل كل أبنية المجتمع والدولة .وهي أزمات متعددة ومتنوعة أهمها تزايد معدلات الفقر والبطالة والاحباط العام لدى الشباب وتعكير مزاجهم الفردي والجمعي إضافة إلى انتشار الفساد وانهيار مؤسسات الدولة وتغييب القانون والعدالة وتزايد الفجوة بين اقلية ثرية واغلبية فقيرة مهمشة سياسياٍ وهنا كانت أهداف ثورة فبراير 2011م بالعدالة الاجتماعية والتغيير والحرية والكرامة من خلال بناء دولة مدنية تقوم على مبدأ المواطنة المتساوية
في هذا السياق يمكن القول أن المسافة بين الثورتين هي مسافة قهر المجتمع وإهدار حقوقه وثرواته وتشويه صورته المجتمعية والسياسية من قبل نخب لا ترتبط بالمجتمع بل كانت تابعة اقليميا ودوليا .أساءت إلى المجتمع في الخارج كما أساءت إليه في الداخل وهي مسافة تمرد واحتجاجات مستمرة للتغيير وحب الوطن من خلال شريحة واسعة في جيل الشباب والرموز الوطنية التي لم تعمل مع النظام السابق ولا مع مراكز القوى الفاسدة ..ورغم إحباطات وإخفاقات متعددة نجح الشعب في فبراير2011 في إعادة الاعتبار لذاته وإبراز فاعليته السياسية من خلال تصدره للمشهد السياسي في مظاهرات احتجاجية بلغت ذروتها في ساحات التغيير التي توسعت جغرافيا في عموم المدن والمحافظات وتوسعت اجتماعياٍ وفئوياٍ وشبابياٍ اظهرت اصطفافاٍ مجتمعياٍ غير مسبوق في تاريخنا الحديث والمعاصر.
وللعلم نحن اليمنيين صنعنا أربع ثورات خلال المائة العام الأخيرة بدءاٍ بثورتنا ضد الاتراك وإعلان الاستقلال عام 1917م لكن النخبة الحاكمة لم تستوعب درس الثورة والاستقلال فبادرت الى التنكر للثوار وإقصائهم ومن ثم الاتجاه نحو التوريث للسلطة وكان ذلك مدخلا لتشكل المعارضة اليمنية بحركتها الاولى عام 34 وصنعنا ثورة سبتمبر 62 واكتوبر 63 الا ان مساريهما المختلفين في الايديولوجيا والنخب الحاكمة المتباينة بجذورها الاجتماعية تسببت في صراعات عسكرية بين الشطرين وفي داخل الشطر الواحد ..وقد جاءت دولة الاستقلال (في ما بعد ثورة سبتمبر واكتوبر) بصفتها الوطنية لكنها حملت معها أزماتها المدمرة لها .. فهي دولة شطرية وغير ديمقراطية وهنا ظهرت معها مشاكل وأزمات متعددة رغم الاعتراف ببعض النجاحات الانمائية خاصة في الجنوب من خلال غرس فكرة الدولة في وعي المجتمع ونجاحات إنمائية أولية في الشمال بفضل هيئات التعاون الاهلي وتحويلات المهاجرين .
ثم جاءت الوحدة عام 90 التي نظرنا اليها باهتمام كبير لكنها حملت معها اوزار النخبة التي اعلنتها وما رافقها من أخطاء بل وخطايا نخبة سياسية وحزبية وعسكرية لامجال معها للوعي بالوطن بل رأت فيها امتدادا لسلطتها وتوسيع منطق الغنيمة .. ووفقا لذلك اعلنت حرب 94 وهكذا تعمقت الازمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية وما تفرع عنها من مخاطر تهدد السلم الاهلي والاندماج الاجتماعي .. ومن هنا تتثبت المصداقية لقولنا أن المسافة بين ثورة سبتمبر وثورة 2011 انما هي مسافة تعبئة اجتماعية وحشد الطاقات من اجل الثورة الرابعة في المائة العام وهي مسافة تعكس وتعبر عن رغبتنا وطموحنا في مسيرة الاصلاح والتغيير حينا والثورة حينا آخر .اي رغبتنا وطموحنا بالتنمية والتطور والاندماج في حضارة العالم ..
ورغم الإجلال والتقدير للثوار -ثوار فبراير2011- وقد كنا منهم ومعهم من اول يوم حتى اللحظة الراهنة -ولانزال ندعو لإكمال مسار الثورة – الا ان وقائع المشهد السياسي وتحليلاتنا تؤكد سرقة الثورة من خلال الاطراف والرموز المعلن عنها في الأحزاب التي تشكلت منها حكومة الوفاق والتي كانت إلى الأمس القريب تشكل كتلة واحدة مع النظام الذي قامت الثورة ضده ..
وهكذا تم الاستيلا على مسار الثورة من خلال تحالف الاحزاب والقبيلة والعسكر مع النظام السابق تم لهم السيطرة على مسار الثورة بل والانحراف به نحو مفاوضات ومبادرات لاتعترف بالثورة ولا تسلم بها وهنا تم إعادة انتاج النظام السابق من خلال إصرار ودعم أحزاب المشترك وحلفائهم من العسكر والقبيلة مقابل حصص سياسية واقتصادية أصبحت بعضها معلومة .
صفوة القول .. لا مجال لتحقيق التنمية والتحديث والمواطنة إلا بإكمال مسار الثورة والتغييرات المرتقبة منها اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا وإعادة الاعتبار للمواطن والوطن في الداخل والخارج .. وهنا فقط تكون الثورة حققت أهدافها وانتصاراتها وهي انتصارات شاملة لكل الثورات السابقة بل واعادة الاعتبار اليها ومن ذلك اعادة الاعتبار لثورة سبتمبر واكتوبر إن ثورة سبتمبر تدعونا لإعادة الاعتبار لها ولأهدافها ولهذا اقول اذا لم نكمل مسار الثورة بإزاحة كل رموز النظام وحلفائه معلنين بناء الدولة المدنية ذات القاعدة الفيدرالية فإن انهيار الدولة والمجتمع هو المسار القادم ومن ثم خروج اليمن من التاريخ..>