أسلمة الثورات والصراعات..
مطهر الأشموري
> ظللنا ثمان سنوات نتقاتل مع وضد الثورة أو مع وضد الملكية ومع ذلك فالثورة لم تتمكن من كامل الحسم الثوري واصطفاف الإمامية الملكية كان المستحيل أن تعيد التاريخ للوراء وتعود أسرة آل حميد الدين لتحكم والدليل ما تضمنه اتفاق الجمهوريين والملكيين إزاء هذه النقطة.
واقعياٍ كان هذا هو الحل المفترض ولو سار طرف الثورة داخلياٍ والطرف الخارجي وقتها مصر بأتجاهه قبل هزيمة 1967م فإنه سيأتي بأفضلية لطرف الثورة بما في ذلك الاستقلالية كتوازن بين طرفين إقليميين مصر والسعودية مقارنة بما تم كحل بعد الهزيمة.
رئيس مصر الجديد مرسي بعد وصوله للمنصب بات الصعب والمستحيل أن ينكر ثورة مصر 1952م ولذلك طرح أن ثورة 2011م مكملة أما في اليمن فلا مقارنة بين محطة 2011م وثورة سبتمبر وأكتوبر.
فلا مثيل في التاريخ لجهل وتجهيل وتخلف النظام الإمامي ولا للاستعمار كغاصب ومستبد.
من وجه آخر فاليمن كانت حتى محطة 2011م إلى أفضلية واضحة تجاه أهم ما تطرحه محطة 2011م من شعارات عن الدول العربية وخاصة في الحريات والديمقراطية وذلك واقع ووقائع فوق الإنكار من عجرفة محطة أو من تطرف صراعي.
ثورات التحرر من الاستبداد والاستعمار لم تأت حزمة أو مترابطة كما لم تأت ربطاٍ بالمباشرة بمتغير خارجي وبمحطة وسيناريو واحد لثورات متعددة فالثورة المصرية 1952م واليمنية 1962- 1963م ولكل ثورة في الجزائر أو العراق أو سوريا فكرها ونكهتها ولذلك فالتحالف مع السوفيت أو الاستعانة بمصر يأتي بعد الثورة وليس قبلها كما في محطة 2011م.
منذ آخر الحروب مع اسرائىل ومن ثم انتهاء الحرب الباردة فالمنطقة حورت أو حولت كأنما هي اقطاعية لاميركا تصرف فيها قضايا وأوضاع أو تتصرف فيها كيفما تشاء فالجهاد في افغانستان أو الحرب مع إيران هي حروب كلفت بها المنطقة أو تكفلت كحروب اميركية وايصال الإسلام إلى قطبين وتطرفين مذهبيين هو لحاجية الحروب والصراعات الاميركية أكثر منه لحاجة الإسلام أو المسلمين.
أميركا لا تستطيع جر المنطقة إلى حروب افغانستان أو إلى حرب العراق وإيران إلاِ عبر الإسلام بعد تموضع وموضعة قطبي الصراع وعندما يعلن أوباما بعد مجيئه كرئىس بأنه سيقيم علاقة احترام مع العالم الإسلامي فذلك قد يفهم بأنه الحل المنصف لقضية فلسطين والاعتراف بالقدس عاصمة لها لكن أوباما في حملته الانتخابية الحالية يطرح أو يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل فأين احترام الإسلام أو العالم الإسلامي الذي طرحه¿!
عند أي إشارة أميركية للإسلام أو العالم الإسلامي فالمقصود الترتيب لصراعات من أجل صالحها ولمصالحها كما جهاد افغانستان والحرب مع إيران.
وإذا من سبق أوباما في الإدارات الأميركية مارسوا التثوير في المنطقة إلى افغانستان غير الإسلام وجاءوا بثورة أسلمة إلى إيران ليحاربوا خطرها بالمنطقة ونجحوا في تثوير وثورة سلمية في اندونيسيا البلد الإسلامي فذلك من احترام العالم الإسلامي الذي يوزعه ويوسعه أوباما كحزمة من محطة.
إننا لا ننكر الجزء الذي تركز عليه الثورات كطرف داخلي والمحطة كأرضية خارجية كأخطاء للأنظمة لكنه على الطرف الآخر عدم انكار تفعيل «سايكس بيكو2» بما يجعل المحطة محطة امركة وصراع مصالح اميركية فوق الشعارات التي تسوق داخلياٍ.
أين الديمقراطية والحريات والأمن والاستقرار في العراق وافغانستان بعد التدخل والغزو الاميركي المباشر لتصدق ما يطرح¿!
أين الثورة السلمية في اندونيسيا التي أعادت اندونيسيا للوراء لعقود ولماذا البحث الصعب والطلاء المكشوف لتركيا كأنموذج ولدينا الأصدق والأدق والأوضح وهو اندونيسيا¿!
أميركا باتت بعد انتهاء الحرب الباردة وفي ظل تموضع التغلغل والتوغل في المنطقة قادرة على اسقاط أو اقصاء أي نظام أو حاكم في المنطقة بالمباشرة كما افغانستان والعراق أو ليبيا أو بطرق غير مباشرة كما الثورات السلمية وحالة ليبيا تجمع بين المباشرة وغير المباشرة في هذه المحطة!
الطبيعي إذاٍ أميركا تريد ميليشيات مسلحة ترفع راية الجهاد الإسلامي للحرب في افغانستان وأن ترفع مواجهة خطر تصدير الثورة الإيرانية الشيعية بالأسلمة السنية والقومية.
وحين تريد أميركا اسقاط حكام وأنظمة بالانتقائية فالطبيعي رفع شعارات الحريات والديمقراطية لهذه الشعوب بذات الانتقائية وإذا الإخوان بثقل السنية جيشوا إلى افغانستان وطالبان زحفت للاستيلاء على الحكم الأفغاني من باكستان فليكن معطى الثورات أو التغيير لهذه الأطراف المتأسلمة كالإخوان وذلك منتهى الاحترام للعالم الإسلامي بشرط أن فلسطين والقدس لم تعد قضيته أو من قضاياه وإن ظل يسمح بشعارية الاستخدام لها للإخفاء حتى إضعاف الحماس الشعبي والواقعي إزاء مثل هذه القضايا.
إذاٍ ما أسقطناه متراكم وكل الصراعات الداخلية ومتراكم وكل الصراعات الخارجية في محطة 2011م على واقع اليمن فطرف الثورة مثلاٍ ظلت تحتفي وتحتفل بتنحي مبارك ونجاح مرسي في انتخابات مصر أو مقتل القذافي في ليبيا.
مثل ذلك يؤكد أن هذه الحزمة للثورات هي مخطط ومحطة وسيناريو خارجي مبني على ما في كل واقع من احتقانات وإمكانية للتثوير.
من الغباء القول أن روسيا التي تحولت من معقل الشيوعية إلى الانفتاح والرأسمالية إنما تعارض وتعترض على ثورات وتغيير في بلدان أخرى فهي بعد حالة ليبيا كانت مضطرة لمواجهة استهدافها وليس فقط مصالحها أميركياٍ وغربياٍ فيما هي الأصدق مع تغيير لصالح الحريات والديمقراطية ولا يخل بتوازن مصالح الأطراف الداخلية أو الخارجية.
لو أن الموقف الروسي كان وصل إلى مستواه في الحالة السورية في ذروة الأزمة في اليمن لكان ذلك لصالح الاصطفاف مع النظام أو المؤتمر ولكن المؤتمر يتعامل بواقعية سياسية وتفكير سياسي واقعي وليس بشطح وشطط صراعات وأطراف متطرفة تستجدي الاستقواء بأي خارج وأي متغير.
مع التقدير لما يطرح من ممثل الأمم المتحدة جمال بن عمر أو حتى من علي عبدالله صالح رئىس المؤتمر عن الوفاق من منظور ما أنجز أو التفاؤل وعدم الإحباط تجاه الوفاق والفترة الانتقالية فالمشترك كما أتابعه في أهم الخطوات والتطورات يتعامل مع الفترة الانتقالية كجزء وفترة من الصراع وليس كحل وحلحلة صراعات.
ومثل هذا لا يتقاطع مع تفاؤل المتفائلين أو حاجيات السياسة والسياسيين فهو إن لم يكن إقراراٍ بواقع فإنه من قرائن قوية وكثيرة في الواقع لا تنكر أن الوضع العام الداخلي والخارجي يدفع ويسير إلى محورية الحوار الوطني فوق القلق على التفاؤل أو القلق من الإحباط فهل من طرف أو أكثر له مشروع لصراع أبعد وبعد الحوار وقد يحضر الحوار ليخرج في استمرار لمشروعه وليس من أجل حلول أو لخروج من الأزمة¿!
لقد ظللنا نؤكد أن الشعبية في اصطفاف النظام هي شعبية واقعية وحقيقية وهي أكثر بكثير من شعبية الاصطفاف الآخر فوق تضخيم المحطة وأدواتها ولكن المشترك سار في طريقة تقزيم وتحقير شعبه بمفردات مأجورين وقمامة وزبالة وما إلى ذلك من أسناف لا تليق تجاه الشعب.
لأي طرف داخلي أو خارجي أن يقرأ مدلول احتفالية المؤتمر بالذكرى الثلاثين لتأسيسه ومؤشر الشعبية وهي معروفة في الواقع لمن هو واقعي ويعي حقائق الواقع وتعنيه.
الرئيس الأسبق عبدالرحمن الإرياني قال ذات مرة «خطأ الإخوان في النظام بعدن أنهم تطرفوا في تطبيق الشيوعية في واقع اليمن غير الملائم بما لم يصل إليه معقل الشيوعية الاتحاد السوفيتي».
بالمقابل فالإخوان أو الإصلاح ظلوا حتى في ظل تفجيرات نيروبي ودار السلام يضغطون للاعتراف بحكومة طالبان في افغانستان.
فهذه الأطراف تظل في التطرف المواقفي والسياسي في أي وضع للصراعات فما الذي نقرأه في الواقع الانتقالي لنستقرئ مواقف في الحوار الوطني¿!
الاشتراكي هو الاستثناء في العالم الذي لم يستهدف من خلال محطة انهيار ثقل الشيوعية والإخوان الطرف الاستثناء الذي لم يستهدف من محطة 2001م وكلا الطرفين مارسا أقصى الاستهداف تجاه المؤتمر والنظام من محطة 2011م فهل بات المستهدف الوطن والواقع والشعب بعد رحيل صالح كحاكم¿!..<
أسلمة الثورات والصراعات..
التصنيفات: منوعــات